في 2025/03/26
سلمى حداد - الخليج أونلاين
تشهد دول الخليج العربي مثل بقية الدول العربية والإسلامية تحولاً استهلاكياً لافتاً مع حلول عيد الفطر 2025، حيث يتزايد الإنفاق بشكل ملحوظ في مختلف القطاعات.
وتعكس هذه الطفرة الاقتصادية التغيرات في سلوك المستهلكين، الذين يركزون على التسوق، وشراء الهدايا، والترفيه، والسفر، خاصة في ظل التعافي الاقتصادي الذي تعيشه الدول الخليجية بفضل استقرار أسعار النفط والخطط الإصلاحية.
ويمثل عيد الفطر أحد أبرز المناسبات الدينية في العالم الإسلامي، وخاصة في دول الخليج التي تشتهر بطابعها الاجتماعي والأسري المميز.
فرصة ذهبية
ويشكل العيد فرصة ذهبية لتحفيز الاقتصاد المحلي، حيث يزداد الطلب على السلع والخدمات بمعدلات غير مسبوقة، مما يؤدي إلى انتعاش قطاعات متعددة مثل التجزئة، والسياحة، والترفيه، والمطاعم والتجارة الإلكترونية.
وحسب بيانات البنك المركزي السعودي "ساما" للعام 2024، فقد بلغ حجم الإنفاق خلال عيد الفطر الماضي 11.3 مليار ريال سعودي (نحو 3 مليارات دولار) في أسبوع العيد، من خلال 179.2 مليون عملية بيع.
%44 من الإنفاق كان على المطاعم والمقاهي، يليها الإنفاق على التسوق والترفيه بنسبة 43%.
وفي 23 مارس الجاري، أظهر تقرير لشركتي "Toluene وMetrixLab" العالميتين المختصتين في مجال أبحاث السوق وجمع البيانات وتحليلها أن 79% من سكان السعودية يخططون للتسوق خلال عطلة العيد بزيادة طفيفة عن عام 2024.
بالإضافة إلى ذلك، يعتزم 66% من سكان السعودية زيارة المتنزهات الترفيهية، و57% يخططون للمشاركة في الأنشطة الثقافية، مما يؤكد التوجه المتزايد للاحتفالات التقليدية والمجتمعية.
ويعتزم أكثر من نصف السكان إنفاق أكبر حصة من أموالهم على التسوق، في حين أن 44% منهم يعتزمون الإنفاق على المطاعم، و43% منهم سينفقون على النشاطات الاجتماعية، بينما سينفق 41% على نشاطات الترفيه.
وبحسب تقرير"Toluna & MetrixLab"، يعود السبب الرئيسي لزيادة الإنفاق إلى خصومات الأسعار والعروض التي تقدمها بعض متاجر التجزئة.
أما في الإمارات فيكشف تقرير شركتي "تولونا" و"متريكس لاب" عن أن 90% من سكان الدولة يخططون لشراء الهدايا قبيل وخلال عطلة العيد.
وذكر التقرير أن الإمارات تشهد خلال عطلة العيد زيادة بالإنفاق على البقالة بنسبة (+63%)، والحلويات (+55%)، والملابس الفاخرة (+49%)، والعطور (+48%).
وتستفيد مراكز التسوق من العروض الترويجية والخصومات، حيث تؤثر التخفيضات على 54% من قرارات الشراء، وفق التقرير.
وذكر أن 38% يفضلون العروض التي تقدم كمية أكبر بنفس السعر، و33% يختارون العروض المجمعة.
وعلى صعيد السياحة فإن 52% من سكان الإمارات يفضلون الإجازات المحلية، ما يعني انتعاش قطاع السياحة المحلي.
وتعتبر المطاعم والمقاهي من القطاعات الأكثر استفادة، حيث يخصص المستهلكون جزءاً كبيراً من ميزانيتهم للاستمتاع بوجبات العيد مع العائلة.
ولم يقدم التقرير بيانات لبقية الدول الخليجية، لكنه يعطي مؤشراً مهماً حول زيادة الإنفاق بشكل كبير لدى الخليجيين خلال عطلة عيد الفطر، وهو ما ينعكس على اقتصادات هذه الدول بشكل إيجابي، كما يرى مراقبون اقتصاديون.
التجارة الإلكترونية
وخلال موسم العيد تزدهر التجارة الإلكترونية بشكل كبير، وقد أشار تقرير شركتي "Toluna & MetrixLab" إلى أن نسبة المتسوقين الإلكترونيين الدائمين في الإمارات ارتفعت من 37% في 2024 إلى 41% في 2025.
ولفت إلى أن المستهلكين يفضلون شراء المنتجات الفاخرة والعروض الحصرية عبر الإنترنت.
وفي تصريحات نشرتها صحيفة "الراي" الكويتية، في أكتوبر 2023، قال طارق هنيدي، نائب رئيس العمليات لدى "فيديكس إكسبريس" بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: إن "الفترة التي تسبق موسم الأعياد وخلالها وبعدها تعد أكثر ازدحاماً لتجار التجزئة والمستهلكين، نتيجة توجه كثيرين لشراء الهدايا بهذه المناسبة، إضافة إلى التهافت الكبير على شراء الزينة المخصصة للمناسبة".
وأضاف هنيدي: إن "الخبراء يجمعون على أن التجارة الإلكترونية أصبحت جزءاً أساسياً من قطاع تجارة التجزئة، فضلاً عن كونها قوة دافعة أساسية لنمو مبيعات التجزئة خلال مواسم الأعياد".
وذكر أن "القيمة المحتملة لحجم الإنفاق للتسوّق عبر الإنترنت في الشرق الأوسط تبرز بسرعة كأحد أعلى المعدلات في العالم، نتيجة ارتفاع كبير في عدد الشباب المستخدم للإنترنت؛ إذ تتميز منطقة الخليج بأحد أعلى مستويات الوصول للإنترنت على مستوى العالم".
وتُعد دول الخليج واحدة من أكثر المناطق تطوراً في العالم من حيث انتشار الإنترنت، حيث يتجاوز استخدامه 90% من السكان، مما يعزز النمو المستمر لسوق التجارة الإلكترونية.
ومن المتوقع أن يصل إجمالي أرباح التجارة الإلكترونية في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 50 مليار دولار أمريكي بحلول نهاية العام 2025، بمعدل نمو سنوي يبلغ 10.95%، في الفترة من 2023-2027.
وفي السنوات القادمة، من المتوقع أن يتضاعف حجم سوق التجارة الإلكترونية في الخليج بحلول عام 2028. كما أن الشركات التي تركز على توفير تجربة تسوق سريعة وآمنة وتدعم حلول الدفع المحلية ستظل في مقدمة السوق.
انتعاش كبير
في إطار تحليل تأثير عيد الفطر على الأنشطة الاقتصادية في دول الخليج، قال المحلل الاقتصادي أحمد أبو قمر: إن "عيد الفطر يعد من أهم المناسبات الدينية والاجتماعية في دول الخليج، حيث يشهد الاقتصاد المحلي انتعاشاً كبيراً خلال هذه الفترة".
وأوضح أبو قمر في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن العيد يحمل تأثيراً اقتصادياً واضحاً نظراً لتزايد الطلب على السلع والخدمات بمعدلات غير مسبوقة، مشيراً إلى أن موسم العيد يسهم في إنعاش قطاعات متنوعة، مثل التجزئة، والترفيه، والسياحة، والمطاعم.
وذكر أن القطاعات الأكثر استفادة هي التجزئة والمطاعم والترفيه والسياحة.
ولفت إلى أن المطاعم والمقاهي تستحوذ على غالبية إنفاق الخليجيين خلال العيد، وقبل العيد تكون مراكز التسوق صاحبة نصيب الأسد في إنفاق الأسر الخليجية لشراء الملابس والهدايا.
ونوه بأن العروض الترويجية تؤدي دوراً حاسماً في دفع المستهلكين للشراء خلال موسم العيد، حيث تُعد التخفيضات من أبرز العوامل التي تؤثر على قرارات الشراء.
وأضاف أن الخصومات والحملات الترويجية التي تطلقها المتاجر تشجع الناس على إنفاق المزيد، خصوصاً في ظل رغبة المستهلكين في شراء الهدايا والمنتجات الفاخرة بهذه الفترة.
وبشأن دور التجارة الإلكترونية في تعزيز النشاط الاقتصادي خلال العيد، قال المحلل الاقتصادي إن الاعتماد المتزايد على المنصات الرقمية أسهم بشكل كبير في نمو المبيعات الإلكترونية.
وبيّن أن استغلال موسم العيد بشكل جيد يمكن أن يعزز النمو الاقتصادي ويحفز الاستثمار في التجارة الإلكترونية والبنية التحتية الرقمية.
وأكد أن الشركات التي تقدم تجربة تسوق سلسة وآمنة وتحفز العملاء من خلال برامج استرداد النقود والعروض الحصرية ستكون في موقع مثالي لتحقيق أعلى معدلات المبيعات.
ولخص حديثه قائلاً: "عيد الفطر يشكل فرصة مهمة لتحفيز الاقتصاد المحلي، حيث تسهم زيادة الإنفاق في دعم القطاعات الاقتصادية المختلفة".