في 2025/11/14
(أحمد شوقي \ راصد الخليج)
ظلّت الثروات الخليجية مطمعًا للغرب الاستعماري الذي دشّن "اتفاقية كوينسي للحماية مقابل النفط"، وتوالت المطامع وسادت سياسات الابتزاز الأمريكي للحصول على الأاموال والاستثمارات. ولكن هناك جيل جديد من المخاطر يتزامن مع جيل الشباب الخليجي الراهن وثقافته، والتي باتت تميل للربح السريع والانسياق وراء أنواع جديدة من الاستثمارات، ما يشكّل تهديدًا لثروات الخليج المتوارثة عبر العائلات.
مؤخرًا، تواترت التقارير التي تفيد بأنّ صناديق التحوط ومكاتب المحاماة بدأت تتدفق على الدول الخليجية استعدادًا لواحدة من أكبر عمليات نقل الثروة بين الأجيال. إذ تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى تريليون دولار من الثروات العائلية قد ينتقل، خلال سنوات قليلة، إلى الجيل التالي.
بيد أنّ هذا الانتقال يحمل معه بعض التغيرات، حيث أشار تقرير لوكالة "بلومبرغ" إلى أن الجيل الجديد لديه رغبة في مخاطرة أكبر عبر تخصيص جزء من الاستثمارات للعملات الرقمية وصناديق التحوط. وأشارت التقارير إلى وجود خلافات في الرؤى بين الجيل الشاب والأجيال الأكبر سنًا الأكثر تحفظًا، حيث يميل الكبار إلى الاستثمارات التقليدية في العقارات والشركات الخاصة، ولم تتح للشركات الأجنبية سوى فرص محدودة للنفاذ إلى أموال العائلات الثرية في الخليج، بينما يميل الشباب للمخاطرة والاستثمار في صناديق التحوط والعملات المشفرة.
الإمارات تقود التحوّل
أفادت التقارير بأنّ مركز دبي المالي تحوّل إلى مقر إلى أكثر من 70 صندوق تحوّط، فيما تستضيف العاصمة أبوظبي عمالقة مثل "بيرفان هوارد أسيت مانجمنت" (Brevan Howard Asset Management) و"مارشال ويس" (Marshall Wace). وبحسب إدون لورنس الرئيس التنفيذي لشركة "نيتستون كابيتال أدفايزرز" (Nettlestone Capital Advisors) في دبي، والتي تقوم بدور الوسيط بين صناديق التحوط والمستثمرين الإقليميين، فإنّ تزايد حضور صناديق التحوط في المنطقة شجع على تدفق الاستثمارات، إذ بات المديرون قادرين على لقاء العائلات مباشرة.
مخاطر صناديق التحوط:
تعرف صناديق التحوط بالمحافظ الوقائية، وهي تستخدم أدوات مثل العقود الآجلة والمقايضات، أما أمثلة على السياسات الاستثمارية المستخدمة؛ فهي الرفع المالي والبيع المكشوف. ويقول خبراء الاقتصاد إنّ اسم هذا النوع من الصناديق يوحي بهدفها نحو تقليل المخاطر، ولكن الواقع هو هدفها نحو تحقيق أقصى ربح ممكن، والاسم ليس إلا أثر تاريخي فقد ارتباطه بالواقع، حيث تقوم فلسفة الصندوق على ضمان تحقيق ربح للمستثمر فيه بصرف النظر عما قد يحدث في أسواق العالم من تقلبات. وقد تستخدم هذه الصناديق استراتيجيات معقدة ومرتفعة المخاطر؛ ما يزيد بشكل كبير من خطر الخسائر، وقد يؤدي إلى خسارة المستثمر لجميع أمواله.
نظرًا إلى الغياب النسبي للرقابة، فإّن مخاطر الاحتيال أعلى مقارنة بالصناديق الاستثمارية التقليدية، كما يؤدي عدم كفاية التحوط أو التركيز المفرط على استثمار معين إلى خسائر كبيرة في حال حدوث تقلبات حادة في السوق.
مخاطر العملات المشفرة
كذلك الحال في سوق العملات المشفرة، حيث يعدّ سوقًا غامضًا في ظل غياب القوانين، حتى الآن، التي تحمي المستثمرين، خصوصًا الشباب والمبتدئين، في حال تعرضهم لعمليات احتيال. وقالت مجلة "موي نيغثيوس إي إيكونوميا" (Muy Negocios Y Economia) الإسبانية إن تزايد الاستثمار في الأصول المالية الرقمية ينطوي على مخاطر قانونية جديدة. وهي تفترض أن يكون رواد الأعمال والمستثمرون والمستشارون على دراية دائمة بالأنظمة الجديدة، وأن يأخذوا بالحسبان جميع السوابق القضائية السارية في هذا الشأن.
كما تتضمن مخاطر العملات المشفرة، بشكل عام، تقلب الأسعار الحاد وغياب الدعم الحكومي وضعف الحماية المصرفية مقارنة بالأنظمة التقليدية. كما تشمل المخاطر الاحتيال والهجمات السيبرانية التي تستهدف المستخدمين والشركات، بالإضافة إلى مخاطر تتعلق بالتنظيم والقانون الذي يختلف من بلد إلى آخر.
في هذا الصدد؛ يمكن القول إن هناك خطورة كبيرة على ثروات العائلات الخليجية التي تنتقل إلى الجيل الجديد. ويبدو أن الشركات والبنوك ومكاتب المحاماة بالغرب تنظر إليها كصيد ثمين. وهذا ما يعني أننا أمام مرحلة جديدة من الابتزاز والنهب، بدأت استعماريًا عبر التهديد والابتزاز العسكري. ووصلت إلى مرحلة الغواية بالربح السريع مقابل الفخاخ والاحتيال اعتمادًا على قلة خبرة الاجيال الجديدة ونشوءها على ثقافة استهلاكية ودعايات اقتصادية أمريكية وغربية تغري بالربح السريع والمكاسب السهلة.
قد يحتاج هذا الأمر تدخلاً حكوميًا لحماية ثروات العائلات وتقنين دور الشركات الأجنبية، على الرغم من أن الأمل في الحكومات يتضاءل أمام ممارساتها الاستثمارية، في أميركا والغرب، والتي لاقت انتقادات حادة بسبب كرمها الزائد مع أميركا التي تقود الحرب والدمار في المنطقة !