سياسة وأمن » حوادث

جريمة قتل الوالدة.. المطلوب والدلالة!

في 2016/06/27

أصيب المجتمع السعودي بالذهول عندما انتشر خبر هز الأرجاء وتوقفت عنده العقول، فمفاد الخبر يحمل من الفظاعة الشيء الكثير، فشابان في العشرين يقتلان والدتهما ويجهزان على والدهما وأخيهما، أمر لا تتحمله القلوب ولا يقبله العقل، حتى إن البعض طالب بالتريث إلى أن يصدر بيان من وزارة الداخلية.

وتكون المفاجأة أن تلك الجريمة حقيقة وليست من ضرب الخيال، إذ نص البيان على تلقي الجهات الأمنية بلاغا عن إقدام شقيقين توأمين من مواليد 1417هـ، وفي عمل إرهابي تقشعر منه الأبدان على طعن كل من: والدتهما البالغة من العمر 67 عاماً، ووالدهما البالغ من العمر 73 عاماً، وشقيقهما البالغ من العمر 22 عاماً، بمنزلهم بحي الحمراء بمدينة الرياض، مما نتج عنه مقتل الأم رحمها الله، وإصابة الأب وشقيقهما بإصابات خطيرة نقلا على إثرها في حالة حرجة للمستشفى.

وأضاف البيان أنه قد اتضح للجهات الأمنية من مباشرتها لهذه الجريمة النكراء أن الجانيين قاما باستدراج والدتهما إلى غرفة المخزن ووجها لها عدة طعنات غادرة أدت إلى مقتلها- رحمها الله- ليتوجها بعدها إلى والدهما ومباغتته بعدة طعنات، ثم اللحاق بشقيقهما وطعنه عدة طعنات مستخدمين في تنفيذ جريمتهما ساطورا وسكاكين حادة جلبوها من خارج المنزل.

فكر عجيب ينتج عنه تحجّر القلوب، وابتعادها عن كل معاني الإنسانية، فيقدم الابن على قتل والديه وأشقائه، بلا هوادة أو رحمة، والعجيب أنهما قد بلغا العشرين – وليس كما أشيع أنهما في الثامنة عشرة – وهذا يعني أنهما قد بلغا سن الرشد ولكنهما - مع بالغ الأسف- ليسا براشدين.

وبعد الإفاقة من الذهول، والخروج من دائرة الاندهاش يفترض أن نتدارك الأمر ونلتفت لشبابنا، فهم أغلى ما نملك، ثروتنا الحقيقية، ومن الغبن أن نراهم ضاعوا بل قد ضلوا، واعتنقوا أفكارا كهذه تسول لهم القتل وإزهاق النفوس حتى وصل الأمر للوالدين والأشقاء!

ولا ألوم من استغل الفرصة للحديث عن المناحي التربوية بعد أن أعلن أنهما يدرسان في المرحلة الثانوية وأن عمرهما هو الثامنة عشرة، فربما يرومون أهدافا ليس المجال لتفصيلها، لكن دراسة الملف التربوي وتجديد محتواه باستمرار أمر يفرضه الواقع ويحتّمه الحال.

إن الفكر يجب أن يواجه بالفكر، وقد اشتركت في حملة أقامتها جامعة طيبة عنوانها «يلا ندردش» حوت آلاف المقاطع واللقاءات للشباب والشابات لتبصير الجميع بالفكر الضال وكيفية مواجهته.

والمفترض أن تكون هناك حملات توعوية بشكل مكثف لا تتوقف لانتشال هذا الفكر من جذوره بملايين المقاطع والكلمات للمفكرين والمثقفين بطريقة عصرية مستخدمة الوسائل الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من برامج الجوال لإيصال الرسالة.

ليتنا نراجع حساباتنا مع شبابنا، فالإجازة الصيفية الحالية طويلة جدا، وقد أصاب بعضهم الملل، لعدم وجود أندية ومراكز أحياء حديثة تبتعد عن التقليدية الذي ربما كان صادا لهم عنها.

وهذه الجريمة تمثل رسالة ضمنية للآباء والأمهات لمتابعة أبنائهم، واحتوائهم، وعدم تركهم فريسة سهلة لمعتنقي ذلك الفكر الهدام، ويرجى أن تستوعبها جميع الأسر في مجتمعنا لتدارك ما فات.

وأخيرا وليس آخرا يرجى الضرب بيد من حديد على معتنقي هذا الفكر بعد إدانتهم، وعدم إمهالهم أو التراخي معهم؛ حتى يكونوا عبرة لغيرهم، وليحذر شبابنا من هذا الفكر ويحذروا غيرهم منه، فالأمر أصبح خطيرا وقد بات شره مستطيرا.

عبدالغني القش- مكة السعودية-