قبل يومين هزت المجتمع السعودي جريمة لا يستطيع الكثير تصور أن تحدث في أي مجتمع على وجه الأرض. ولهذا لن أتحدث عن بشاعة جريمة اعتداء ابن على والده ووالدته. فالسطور لن تكفي لشرح مدى ما يدميه القلب من حزن حيال ذلك. ولهذا فما بال أن يقوم توأم ليس بالاعتداء، بل بالترصد والقتل بصورة بشعة لإمرأة حملتهما في أحشائها وولدتهما وربتهما وتحملت الكثير في سبيل تنشئتهما النشأة الصالحة. وإضافة لذلك قتل رجل رباهما وأنفق عليهما وقصر على نفسه في سبيل أن يكبرا ويراهما يعيشان عيشة سعيدة. ولم تتوقف المأساة هنا، بل تم الاعتداء بقصد القتل على أخ تربى معهما وشاطرهما الحلو والمر. في الحقيقة بغض النظر عن بشاعة ما حدث وعن مسبباته، فهناك أمر سيحرر الكثير وهو كيف يتفق اثنان على تنفيذ جريمة ضد والديهما. بمعنى آخر وهو من الصعب جدا أن يكون هناك اتفاق بين أخوين على تنفيذ جريمة دون أن يتردد أحدهما أو يتوقف عند تنفيذ الجريمة الأولى. ولكن في أن يستمرا في القتل ضد ثلاثة من أسرتهما فهو شيء لا يحدث حتى في أفلام الرعب في استوديوهات هوليوود. ونحن هنا نتكلم عن جريمة حدثت في بيت واحد ولكن في أماكن متفرقة من البيت. وقد يقول بأن ذلك حدث في الماضي بسبب مخدرات ولكن يكون في هذه الحالة مسرح الجريمة جاهزا والقريب
والبعيد يعرف بخطورة من هو تحت تأثير المخدرات. إذا هنا لدينا سابقة لم نسمع عنها من قبل. وهي قتل الابوين بسبب تفكير ايدولوجي خاصة أن تنفيذ عملية القتل قام بها اثنان وتصرفا وكأنهما شخص واحد. والمشكلة الكبرى هي أن من قام بتنفيذ عملية القتل هما مراهقان لم يبلغا سن العشرين يقال انهما انقطعا عن الدراسة منذ سنتين ويقضيان معظم أوقاتهما في غرفتهما الخاصة وسط كمبيوتر يتواصلان من خلاله مع من يريدان على كوكب هذه الأرض. فيا ترى مع من كانا يتواصلان ولمن كانا يستمعان وكيف أن صغيري سن وصل بهما الحال لقتل والديهما. والحق يقال وبصراحة فنحن نسمع الكثير ونرى ما هو متداول في محيطنا من تأجيج الكراهية دون سبب وكذلك الحديث وتداول أمور وأخبار تجري خارج بلادنا ومع ذلك وضعنا أنفسنا وسطها بأحاديثنا المتكررة عنها. صحيح أننا نتمنى الخير لبلاد العرب
والمسلمين ولكن ليس على حساب لحمة مجتمعنا. ولهذا نسمع عن أمور خارج بلادنا ويطلع الهاشتاق المؤيد أو المعارض لما يحدث في بلادنا. وهذا يزيد الاحتقان ويوسع هوة الفرقة بين أفراد المجتمع في أمور الكل يعرف أنها كلها لعب سياسية وقودها شبابنا المسلم ويؤججها أناس لا يعرفون عن الإسلام شيئا ولكنهم واضح أنهم يعرفون أن الكلمات الرنانة العاطفية المغلفة بغلاف ديني لها سحر على شبابنا
وإلا كيف يقتل مراهق أمه وأباه وأخاه؟
عبد اللطيف الملحم- اليوم السعودية-