سياسة وأمن » حوادث

دماء (هيلة).. و (خيبتنا) الثقيلة..!

في 2016/07/02

لم تكن جريمة مقتل الأم هيلة العريني، على يد ولديها التوأم، إلا جرس إنذار أخير أمام كل المجتمع ليعي خطورة الفكر المتطرف، الذي استحل كل شيء، واستباح حتى غريزة الأمومة، ليذبحها على مذبح الضلال الداعشي المقيت.

مأساة حي الحمراء بالعاصمة الرياض، والتي هزت مجتمعنا السعودي، ليست إلا سلسلة في جرائم التطرف الذي نعايشه منذ سنوات، وندفع ثمنه غالياً، من سمعتنا ومن كل موروثاتنا الاجتماعية وقيمنا الأخلاقية، ويجب أن ننتفض جميعاً في إطار واعٍ لنكشف المسكوت عنه في بيوتنا وشوارعنا وحتى أفكارنا العامة، ولا يكفي أن نسأل أنفسنا عن كيفية حدوث مثل هذه الجرائم السفيهة، بل علينا أن نتحمل بشجاعة ثمن التخاذل المؤسف لبعض، ونعترف بفشل أدواتنا الدعوية وخطابنا الديني الذي أوصلنا لمثل هذه المرحلة، التي أصبحنا فيها نرى بأم أعيننا تفجير مساجدنا، وقطع رؤوس الأبرياء، وقيام أبناء بقتل أمهما بسكين الغدر والخيانة.

أعتقد أنه علينا أن ننتهي وفوراً من أسلوب التعامل مع مثل هذه الأحداث بهدوء، أو استهانة، وألا نعتبرها مجرد حوادث فردية لا تعبر عن قيمنا وتقاليدنا، ولكن علينا كمجتمع وحكومة وهيئات ومؤسسات أن ننزع عن أنفسنا هذه الرؤى، خاصة وأن التهديدات تطالنا بشكل مباشر، وتهدد مجتمعنا في أحد أهم أركانه وأسسه، وهو مفهوم الأسرة ذاته.. بعد أن حاولوا ضرب النسيج الوطني وإثارة فتنة طائفية لتقسيم المجتمع.. فماذا ننتظر بعد الآن؟.

مجانين وفوضويون، ارتكبوا عديداً من الجرائم التي يندى لها الجبين، باسم الدين الذي يحاول تنظيم «داعش» الإرهابي احتكاره من أجل إقامة دولته الدموية، أقارب استباحوا دماء أبناء خالاتهم، وأبناء عاقون استحلوا أرواح آبائهم وامهاتهم، و»خوارج» رأوا في تفجير المصلين في مساجد الله عملاً يتقربون به إلى الرحمن، وفاسقون لم يتورعوا أمام أي «حرام» إلا واقترفوه بحثاً عن «الحور العين»، دون أن يسأل أحدٌ منا نفسه ولو لمرة واحدة: من المسؤول عن هذا «المنهج التكفيري» حسبما وصف بيان وزارة الداخلية التوأم المجرم بالانتماء إليه؟.

هذا المنهج التكفيري، يدعونا للإجابة بصراحة عن حاضنته، ومن أين نبع؟. وكفانا الانجرار وراء تحليلات سطحية وزائفة وساذجة، لا تقترب أبداً من ملامسة الجذور الحقيقية ولا تكشف المتسبب الحقيقي المدمر والزائف الذي يغذي عقول فتياننا ومراهقينا.!

كفانا التهرب من المسؤولية، وكفانا اتهام الفكر الوافد، وكفانا استخدام لغة التغرير وخطاب الطبطبة المعروف.. أتمنى أن تكون دماء هيلة العريني، هي جذوة النار التي تحرق كل مرجعيات التطرف وفتاوى القتل المتوارثة وخطب بعض الدعاة إلى الصحوة المزعومة، قبل أن نجد أنفسنا صرعى أمام سكاكين أو قنابل الغدر بيد أبناء لنا نحن، ربيناهم وأكلوا وشربوا بيننا، وليس بيد «فكر وافد» أو أيدٍ خارجية.. كما يحلو لنا أن نزعم.!

محمد الوعيل- الرياض السعودية-