يبدو مغايرا هذا الموسم.. وليس عما اعتدنا عليه، فحين ظهر «فصل الربيع»، طالعنا بأجواء مختلفة عما صنفته الأفلاك بأنه ذو المناخ المعتدل ويمثل المرحلة الانتقالية من موسم الشتاء إلى موسم الصيف، فهو فصل تتفتح فيه الأزهار ويعتدل الجو بين الحرارة والبرودة. إلا أن الأجواء هذه الأيام جاءت شتات، حيث «غبار شديد مع برد على القصيم»، لتتحول في اليوم الذي يليه لجو مليء بغبار خفيف أحمر، وخلال ساعات الليل تتابع التغيير بشكل مفاجئ لتأتي «الأمطار والبرد ويرافقها غبار مصحوبا بالرياح».. تلك الأجواء لم تحدث من قبل خاصة في بداية فصل الربيع المعتدل في الماضي.
وقد يرجع البعض أن تلك الظاهرة الغريبة قد تكون بسبب دخول نجم طالع «سعد السعود» الذي يرفع الحرارة ويثير الغبار وينمِّي العُشب الزراعي، وهو من النجوم اليمانيَّة، وفيه أيام العجوز ويتساوى الليل مع النهار. وصنف نجم طالع أنه يستثني المناطق الشمالية والوسطى، التي تنخفض فيها درجات الحرارة نحو ٥ درجات في المتوسط للصغرى، فتكون الأجواء معتدلة عمومًا، وتكون في الشرقيَّة في منتصف العشرين درجة، فيما تتجاوز الصغرى درجة، مع فرص ضعيفة لسقوط الأمطار.
فيما ألمح موقع ArabiaWeather أن تأثر المملكة بهبوب رياح غربية نشطة إلى قوية السرعة مرافقة لـ»العاصفة مدار»، تعمل على إثارة الأتربة والغبار في مناطق واسعة من المملكة. حيث يتمركز منخفض جوي فوق الأراضي العراقية، يعمل على اندفاع كتلة هوائية باردة قادمة من بلاد الشام باتجاه الأجزاء الشمالية من المملكة، تؤدي إلى نشاط في حركة الرياح، وبالتالي إثارة الغبار والأتربة التي تسبب تدني في مدى الرؤية الأفقية بشكل كبير وربما انعدامها في بعض المناطق، خاصة في الوسطى والشمالية تمتد تدريجيا للمنطقة الشرقية.
القرار المفاجئ.. اتخذته مدارس وآباء بـ «إجازة اضطرارية» للطلاب
دون سابق إنذار، فوجئ الكثير من أولياء الأمور بالأجواء المحملة بالتربة تغطي السماء، وفي بعض المناطق حجبت الرؤية السطحية، مما دفع العديد من الآباء لاتخاذ قرارهم بالعودة بأبنائهم لمنازلهم وإحكام إغلاق النوافذ خوفا عليهم من الإصابة بالأمراض وخاصة أن تلك الأتربة تحمل معها العديد من الميكروبات غير المرئية بالعين المجردة. وفي قرار مشابه، اضطر عدد من قيادات المدارس إلى صرف الطلاب لمنازلهم عند الساعة العاشرة من صباح أمس، بعد تكشف الأجواء وظهور الرياح المحملة بالغبار.
على نفس الصعيد، سبق الكثير من قيادات تعليم المناطق الحدث، وعلقت 7 مناطق في المملكة الدراسة، ليوم أمس الأحد؛ بسبب الأحوال الجوية التي تمر بها، فيما تم تعليق الدراسة في ينبع والدوادمي وشقراء والمجمعة والأفلاج وعفيف وحفر الباطن ومناطق القصيم وحائل والجوف وتبوك والحدود الشمالية.
كما وجَّه مدير جامعة طيبة بتعليق الدراسة بفروع الجامعة. وبدورها قامت بعض كليات القصيم بإخراج الطالبات قبيل اضطراب الأجواء.
وقد قدّمت مدارس للبنين والبنات في العاصمة الرياض مواعيد انصراف طلابها وطالباتها، وبعثت رسائل smsتشعر فيها أولياء الأمور بمواعيد الخروج التي حُددت في 11:30 من صباح أمس.
خارطة مسار.. العاصفة مدار «غربية باتجاه الشمال الشرقي»
بدت عاصفة «مدار» كما رصدتها الأقمار الصناعية متجهة من الغرب إلى الشمال الشرقي، حيث اتجاه المنخفض الجوي في الأراضي العراقية، ففي المنطقة الغربية من المملكة اتجهت الرياح بدءا من منطقة مكة المكرمة وسحبت أتربة من «مكة» في اتجاه «الطائف» متحركة شمالا نحو «الدوادمي وعنيزة» وباتجاه المنطقة الشرقية، وفي «جدة» تحرك الغبار من الأراضي الصحراوية مغطيا سماءها في اتجاه «المدينة المنورة» ومنها في طريقه نحو «الرس» وصولا لحفر الباطن، كما هبت الرياح المحملة بالأتربة من «ينبع» متجهة للشمال الشرقي حيث وصلت «حائل» باتجاه عرعر وسكاكا بالمنطقة الشمالية.
الكمامات.. اشتعال أسعارها واختفاؤها من الصيدليات
استغلت الكثير من الصيدليات الحدث، برفع أسعار الكمامات، في هذا الوقت العصيب الذي يحتاج لها الكثير من المواطنين والمقيمين، ليتمكنوا من الخروج في تلك الأجواء.
فقد رصد العديد من طالبي الكمامات اختفاءها من معظم الصيدليات في حملة ممنهجة من بعضها لرفع الأسعار بشكل جنوني، فمن سعر يقدر بـ 1/2 ريال إلى تصاعد لأكثر من عشرة أضعاف، ليصل لـ6 ريالات للكمامة الواحدة.
هذا الأمر أثار الكثيرين ممن أبدوا امتعاضهم من جشع بعض الصيدليات، وذلك في ظل غياب الجهات الرقابية المخولة بمتابعة تلك المنافذ، التي استغلت حاجة الناس لهذه الوسيلة للوقاية من الإصابة بالأمراض في تلك الظروف المناخية المفاجئة.
استنفار الجهات المعنية.. «تأهب وتحذير»
حذّر مركز الأزمات والكوارث بإمارة منطقة مكة المكرمة، المواطنين والمقيمين بمحافظة جدة، بأخذ الحيطة والحذر من الرياح السطحية التي تضرب المحافظة، والتي يصاحبها تدنٍّ في الرؤية الأفقية قد تصل إلى أقل من 1كم/الساعة. وعلى صعيد ذي صلة، استنفرت دوريات المرور، ورفعت درجة الاستعداد، ودعت قائدي المركبات إلى توخي الحذر وعدم السرعة؛ في ظل ما تشهده المحافظة.
ودعا الأطباء مرضى الجهاز التنفسي لعدم الخروج من المنزل إلا للضرورة.
وأعلنت الشؤون الصحية بجدة رفع درجة التأهب والاستعداد في جميع مستشفياتها ومرافقها الصحية، وأكدت أن جميع أقسام الطوارئ في مستشفياتها على أهبة الاستعداد.
فيما أكد مدير صحة جدة الدكتور مشعل السيالي، أنه يتابع الوضع عن كثب مع جميع القيادات ومديري المستشفيات بجدة.
فيما باشر فرع هيئة الهلال الأحمر السعودي بمحافظة جدة 13 بلاغا عن حالات تنفسية ناجمة عن أزمات ربو، تم نقل 3 منها إلى منشآت صحية.
المدينة السعودية-