سياسة وأمن » حوادث

الجريمة والمواطنة

في 2017/03/29

إن علاقة الجريمة بالإنسان هي علاقة أزلية وقديمة ولا يمكن اجتثاثها من حياة البشر، فهي متعلقة بالنفس الإجرامية. فالمجرم حين ينفذ جريمته يكون في حالة شبه غياب عن الوعي الظاهري، أي في حالة خمول عقلي وأفكار شريرة نمت في العقل الباطن.

قد يعتقد صاحب الجريمة أنه على حق بما يفعل؛ ويسلم هذا الأمر لضميره دون أدنى شعور بالذنب، وأن من حقه الإنساني سرقة الممتلكات، (للناس مذاهب بما يعتقدون) هذه حكمة قالوها سابقاً.

كثير من الناس شاهد مقطع السطو المسلح الذي حدث في الرياض على سيارة تعبئة الصرافات بالأموال وكيف تضرر السائق ومرافقوه بالإصابات البليغة. قد يتساءل الناس ما ذنبهم لتطلقوا عليهم النار؟ ولكن الجواب أنهم من ضمن العملية، فالهدف سرقة الأموال بأي وسيلة وشاء القدر أن تكون الوسيلة بضرر الآخرين وترويع الآمنين.

المسألة ليست سطواً مسلحاً وسرقة مليون أو أكثر بقدر ما هي زعزعة الأمن وترويع المواطنين، ولها أيضاً أبعاد أخرى بعدم استقرار نظرية المواطنة والمدنية، فمن شروط الحياة المدنية الرخاء التام والأمن المستدام.

ربما خارج المدينة يقل الأمن، وهذا مترتب عليه في كل مكان في العالم. والغريب في القرى يوجد الأمن بين سكانها؛ رغم قلة وسائل الحماية الأمنية لها، وهذا يعود لترابط مجتمع القرية. أما في المدن فهي أرض خصبة لوقوع الجريمة من سرقة وسطو مسلح وتهريب مخدرات.. وإلخ. ولكن نسأل ثانية: لماذا المدينة دائماً أرض خصبة لوقوع مثل هذه الكوارث؟ رغم أن الحادثة حدثت في النهار! جوابي يتلخص في عدة نقاط أهمها:

ـ العشوائية في تنظيم العمل الخاص، فلا يوجد تخطيط حقيقي لبناء البنية التحتية، نجد أصحاب المشاريع التجارية ينفذون أعمالهم في أماكن غير مناسبة. ولا أدري كيف تصرف لهم التراخيص من وزارة التجارة أو البلديات.

ـ إهمال المشاريع المرورية وعدم تنفيذها في الوقت المناسب بل تركها لشهور دون عمل أو مراقبة من وزارة النقل، وهذه الإشكالية تعيق فرقة الإنقاذ من إسعافات ونجدة من الوصول لمنطقة الحدث. فالجريمة وقعت على مقربة من هذه المشاريع المهملة.

ـ عدم الوعي التام من المجتمع؛ ففي حالة وقوع مثل هذه الجرائم عليه التصرف بما يقلل الكارثة؛ فالمواطن هو شريك رجل الأمن في البناء الوطني.

ـ زيادة الكثافة السكانية بشكل غير منظم؛ فهي تعطي إشارة لزيادة معدل الإجرام، فعلى وزارة الإسكان الإسراع لحل هذه المعضلة.

وفي نهاية المطاف مهما تكن الحاجة الماسة للمال فلا يمكن أخذها بهذا التصرف؛ فالإنسان إذا أراد حقاً أن يعيش حياة مدنية عليه اتباع الأخلاق الفاضلة والبحث عن وسائل بديلة غير السرقة. والأهم من ذلك وجود مراكز اجتماعية تعنى بمعالجة هذه الظاهرة قبل ولوجها فكرياً في المجتمع، وأي مواطن شعر بهذا المرض عليه الالتجاء بأي مؤسسة اجتماعية خدمية. فالسرقة مرض اجتماعي يصيب أي مجتمع، وإذا تجذر لا يمكن معالجته، وبالتالي تعيق أي تقدم حضاري وثقافي، فنجاح رؤية 2030 تكمن في معالجة أي ظاهرة سيئة في المجتمع.

خالد الوحيمد- الشرق السعودية-