لم يكن يعلم الدكتور ريان أحمد عارف أن حبه لعمله وإخلاصه في أداء واجبه الإنساني سوف يكون يومًا سببًا في تعرضه لأذى وهجوم يستهدف حياته فالطبيب الذي أمضى نحو أربعة أعوام في المدينة المنورة قادمًا من محافظة جدة يمارس عمله كطبيب في اختصاص المسالك البوابة في مستشفى الملك فهد بالمدينة المنورة تربطه علاقة جميلة مع الجميع من مرضى وزملاء، وعندما زارته «المدينة» في غرفته التي يرقد بها بالدور الخامس في ذات المستشفى التي يعمل بها، كانت الغرفة مكتظة بزملائه الأطباء، بالاضافة إلى سيدة ترفع يدها للسماء في إحدى زوايا الغرفة تطلب من الله عزوجل أن يكتب الأجر والعافية لفلذة كبدها الطبيب ريان، في تلك الزيارة ظهرت ملامح الأطباء وروحهم الجميلة وحرصهم على عملهم في المقام الأول ثم العلاقة الأخوية التي تربطهم مع بعضهم البعض، الدكتور ريان أثناء زيارة «المدينة» له كان صابرًا مؤمنًا بقضاء الله وقدره، وكان مستلقيًا على ظهره مع وضع يده اليمنى على وسادة تحملها، هي تلك اليد التي كانت تعالج وتقدم الخدمة الطبية للمرضى ومنهم قريب من اعتدى عليه نهارًا وكاد أن ينهي حياته ولكن قضاء الله وقدره كتب للدكتور ريان حياة جديدة يعود من خلالها لممارسة عمله الذي أحبه ولخدمة والدته التي لم تفارقه منذ أن علمت بواقعة ابنها،
«المدينة» ألتقت ريان بعد لحظات قليلة من خروجه من غرفة العمليات حيث كانت إصابته بالغة والجرح عميق، ولكن ريان كان صابرًا مؤمنًا بقضاء الله وقدره وعندما سألته «المدينة» عن وضعه الصحي أولًا قال ريان: الحمدلله رب العالمين على كل حال، والحمدلله الذي وفقني لأكون طبيبًا أخدم الجميع وسامح الله كل من كان ينوي إلحاق الاذى بي، وأعلم أن هناك قضاء وعدل في هذه البلاد المباركة يعطيان لكل صاحب حق حقه ويحاسبان كل من يخطئ ويجرؤ على إلحاق الاذى بالآخرين، وقال ريان: انتهت قصتي مع من اعتدى علي وكاد أن ينهي حياتي وأصبحت الدولة هي خصمه تأخذ حقي وحق كل طبيب يعمل في مختلف مناطق المملكة.
بداية الاعتداء
وعن اللحظات الأولى للواقعة التي تعرض فيها ريان للاعتداء من قبل مرافقي مريض داخل المستشفى قال: يشهد الله أنني وزملائي الأطباء نعامل جميع المرضى بنفس الاهتمام ونوليهم الرعاية والعناية اللازمة، وأضاف: «قمت أنا وزميلي بمتابعة أحد المرضى والذي تجاوز عمره 95 عامًا وكان مثل الأب واستدعت حالته لتدخل طبي أثناء زيارتنا له في غرفته التي يرقد بها إلا أن من كان يرافقه رفض أن نقدم له العمل الطبي اللازم وبدأ بالتذمر وبالرغم من محاولتنا معه إلا أن المرافق ومعه ابنه كانا يرفضان، وهو أمر اعتدنا عليه في بعض الأحيان ونقدره وحينها قررت أنا وزميلي الطبيب عبدالرحمن مغادرة الغرفة وتوجهنا باتجاه مصعد المستشفى فقام المرافق وابنه باللحاق بِنَا فقررنا أن نستخدم الدرج الداخلي للمستشفى لنبتعد عنهم، إلا أنني تفاجأت بعد ذلك بهما في الدرج الداخلي حيث أمسك بي أحدهما وأخرج الثاني سكينًا محاولًا ضرب عنقي، إلا أن إرادة الله عزوجل جعلته يتعثر في موقعه وتصيب ضربته ذراعي الأيمن من الأعلى وسالت دمائي وقام زميلي عبدالرحمن بالاستنجاد بالقريبين من الموقع وحملني على الفور ليبعدني عنهم حيث كانا يحاولان الاستمرار في إلحاق الأذى بي ولكن لطف الله وكرمه كان أسرع منهما.
بعد الاعتداء
وقال ريان بعد الاعتداء مباشرة تم مساعدتي من طاقم المستشفى ومن زملائي الأطباء وتم نقلي مباشرة إلى الطوارئ ومنها إلى غرفة العمليات بشكل عاجل حيث كانت الإصابة بالغة وتم إجراء تدخل جراحي عاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وأضاف في اليوم الثاني: تم اجراء عملية اخرى بمشاركة عدد من الاستشاريين في مختلف التخصصات والحمدلله كانت نتائجها ممتازة، والآن أحتاج لفترة نقاهة قد تستغرق الأشهر حتى تعود ذراعي اليمنى لوضعها الطبيعي قبل الواقعة الأليمة، وأشار الدكتور ريان إلى أن مرافقي المريض تسببوا في إلحاق الأذى بي وأنا بمقر عملي، وهو أمر لن تسمح به الجهات ذات العلاقة وسوف تحاسبهم وفق الأنظمة والتعليمات، وما بيني وبينهم لا يتجاوز علاقة الطبيب بالمريض ومن يرافقه؟
زيارة الأمير
وذكر ريان أن الواقعة بالرغم من الألم الذي تسببت فيه وحجم الضرر إلا أنها أظهرت حجم العناية التي يجدها المواطن والمقيم من ولاة الامر والمسؤولين، حيث زارني صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان أمير منطقة المدينة المنورة وكان لزيارته وقع كبير علي وعلى جميع أسرتي التي كانت توجد معي داخل الغرفة، وقال ريان اهتمام سمو الأمير وزيارته وحديثه الاخوي معي وعبارات المواساة والاطمئنان التي حرص سموه عليها وهو يتحدث معي بأسلوب اخوي جميل أشعرني بالأمان وبالاهتمام الذي نجده من ولاة أمرنا، وقال ريان: «كان سموه رائعًا بكل شيء وكأنه يعرفنا من زمن يسأل الجميع عن حالتي ويسأل والدتي عن طلباتنا ويوجه بتقديم كل وسائل الراحة وكافة الخدمات وتوفير الإمكانيات لراحتي، فكلمات الشكر والوفاء لا تكفي بحق ولاة الامر ولهم منا الدعاء بأن يكتب الله لهم التوفيق في جميع أعمالهم.
اتصال الوزير
وقدم ريان شكره لأهالي المدينة المنورة والمسؤولين وعلى رأسهم وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة الذي اتصل علي واطمئن على صحتي وقال: لن يضيع حقك وحق كل طبيب، كما اشكر المسؤولين بالمدينة المنورة على كل ما قدموه لي من خدمات علاجية وغيرها من الخدمات الأخرى، وأكد أنه يستعد الآن لمغادرة المدينة المنورة والخروج من المستشفى والتوجه الى محافظة جدة لا ستكمال مراحل العلاج.
زملاء ريان
داخل غرفة ريان كان هناك عدد من زملاء ريان حضروا ليطمئنوا عليه ويرفضون كل اعتداء قد يتعرض له أي طبيب في مختلف مناطق المملكة، وذكروا عبر «المدينة» أنه لا بد أن تتوفر للطبيب الحماية اللازمة ولابد أن يحاسب كل من يعتدي على طبيب داخل مرفق صحي، وذلك حتى لا تتكرر مثل هذه الوقائع المؤلمة والغريبة في نفس الوقت.
والدة ريان
طيلة فترة زيارتنا للطبيب ريان كانت والدته تقف في أخد زوايا الغرفة ترفع يدها لله عزوجل شكرًا في أن كتب لابنها عمرًا جديدًا، وتطلب من الله أن يوفق ولاة الأمر وأمير منطقة المدينة المنورة الذي غمرنا بكرمه ووجه بمساعدة ريان وتقديم كافة الخدمات والتسهيلات له.
المدينة السعودية-