سياسة وأمن » حوادث

هجوم أم "تمثيلية"؟.. ليلة مشتعلة ترفع التوتر الأمني في السعودية

في 2018/04/23

الخليج أونلاين-

لم يهدأ ليل السعوديين مع نهاية يوم السبت (21 أبريل)، فقد أصابهم رعب لم يعهدوه سابقاً، مع انتشار أصوات إطلاق نار كثيف، وتحليق طائرات مُسيّرة فوق القصر الملكي، وتضارب الأنباء حول ما يحدث.

فمنذ تولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، شهدت المملكة العديد من التغييرات في سياستها الداخلية والخارجية، أصبحت بعدها عرضة للتهديدات بشكل أكبر من جماعة الحوثي إثر مشاركتها في الحرب اليمنية، ومن موجة الغضب المحتملة من أطراف في الداخل ترفض سياسة الانفتاح غير المسبوق.

وأصبح السعوديون يتلقون صدمة التغيير المتسارع وعواقبه محاولين التأقلم مع المرحلة الجديدة، وسط تأهب كبير.

ما يحدث في السعودية بات كفيلم "هوليودي"، كما وصفه أحد النشطاء، ذاكراً سلسلة ممَّا مرّ على المملكة مؤخراً. في ظل استغراب من عدم قدرة بن سلمان على ضبط الأوضاع.

حيث قال المغرد ((مقتل قرابة..( 20 )..جندي سعودي في اسبوع واحد فقط وارسال الحوثي يوميا" لصواريخه بأتجاه السعوديه وسط عجز ملحوظ من قبل القوات السعوديه مع زياده في قصف المدنيين بالخطأ في اليمن من قبل التحالف قد تكون مؤشرات بأن ماجرى بالامس فيلم هوليوودي)).

هذا وقد غرد حساب نحو  الحرية قائلا: ((محمد بن سلمان هدد بتحرير صنعاء ثم هدد باحتلال الدوحة واليوم هو غير قادر على حماية قصره بالرياض)).

- أسطورة طائرة "درون"

الحادثة الأخيرة التي وقعت مساء السبت (21 أبريل)، أصابت السعوديين بالذعر بعد سماع صوت إطلاق نار في حي الخزامي بمدينة الرياض، قرب أحد القصور الملكية، وتساءل الكثيرون عن أسبابه، وسرعان ما تصدر وسم (هاشتاغ) #اطلاق_نار_في_حي_الخزامي موقع "تويتر" في السعودية خلال فترة قصيرة، كما تصدر عالمياً.

لتأتي الرواية السعودية بعكس ما كان متوقعاً، وسط تشكيك كبير في صحتها، ومدى واقعيتها في ظل الإطلاق الكثيف للنار.

وفي بداية الحادثة، مساء السبت، تداول نشطاء على مواقع التواصل مقاطع فيديو تظهر أصوات إطلاق نار، وتفاعلوا معه من عدة دول محاولين تخمين سببه، لتأتي الرواية السعودية بعدها.

وأعلن المتحدث باسم شرطة الرياض عن صحة حصول إطلاق النار في حي الخزامي، مشيراً إلى أنه استهدف طائرة صغيرة بدون طيار تحلق بالمكان.

ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) عن المتحدث قوله: "إنه عند الساعة 19:50 من مساء السبت لاحظت إحدى نقاط الفرز الأمني بحي الخزامي بالرياض تحليق طائرة لاسلكية ترفيهية صغيرة ذات تحكم عن بعد من نوع (درون)، دون أن يكون مصرحاً بذلك لها، ممَّا اقتضي قيام رجال الأمن في النقطة الأمنية بالتعامل معها وفق ما لديهم من أوامر وتعليمات بهذا الخصوص".

ولم تعلن السلطات عن صاحب الطائرة التي لا يمكن أن تتحرك دون توجيه غير بعيد عن موقعها.

وبعد هذه التصريحات، ظهر حساب "مجتهد" الشهير مجدداً على "تويتر"، وهو صاحب التسريبات المهمة والحساسة، والذي ينشط على الموقع كاشفاً- مثلما جرت العادة- أسراراً محصورة داخل الغرف السعودية المغلقة التي تصدر منها القرارات المهمة، ومحللاً الأحداث، ومعطياً قراءاته التي تثير الاهتمام، لا سيما أنه قد تحقق جزء منها.

وقال "مجتهد" إن رواية الطائرة المسيرة "أسطورة"، وبين أن "المعلومات المتوفرة حتى الآن حول إطلاق نار في حي الخزامي.. الهجوم من سيارات تحمل مدفع 50 ملم والرد كان عشوائياً، لم تتوفر تفاصيل حتى الآن عن هوية المهاجمين (الذين اختفوا) ولا الهدف من الهجوم ولا عن عدد الإصابات.. حكاية الدرون أسطورة جرى تأليفها لدفع الحرج".

وتابع في تغريدة أخرى: "قد تكون هناك طائرة درون بشكل عرضي أو جزء من تصوير المنطقة لمساعدة المهاجمين، لكن إطلاق النار ليس له علاقة بها بل كان تبادل نيران من طرفين استغرق ساعة كاملة تقريباً".

وأكد أنه "بلغني من مصدر مطلع أن عدد القتلى 7 من الطرفين واختفى بقية المهاجمين، والجهة الرسمية تعتبر أن هدف الهجوم هو محمد بن سلمان ويبقی خلف الهجوم جناح من الأسرة".

وعقب ناشطون على تصريحات السعودية حول الحادثة بأن الطائرات من دون طيار لا يتم إسقاطها بهذا الشكل.

وأوضح محمد الكواري بأنه وفقاً للمتعارف عليه دولياً، فإنه "يتم اعتراضها وإسقاطها عبر أجهزة اعتراض موجات الـISM والـGPS المستخدمة بغالب طائرات الدرون (المرخصة دولياً).. يتم من خلالها تشويش موجات الطائرة وإنزالها".

كما أرفق مقطع فيديو يبين كيف تسقط الطائرات المُسيّرة.

وذهب سيناريو آخر إلى أن هذه الحادثة هدفت للتضييق على الطائرات المسيرة، وخصوصاً بعد أن أعلنت وزارة الداخلية السعودية أن الجهات المعنية تستعد لإقرار تنظيم استخدام الطائرات ذات التحكم عن بعد "الدورن".

ووفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الرسمية "واس"، الأحد (22 أبريل)، أكد ‏‫المتحدث الأمني لوزارة الداخلية أن تنظيم استخدام الطائرات ذات التحكم عن بعد في مراحله النهائية.

- تكرار سيناريو مصر

وبداية إطلاق النار، قال المحامي الدولي المصري محمود رفعت: إن "البعض يقول إن الاشتباكات بين حرس بن سلمان، وحراسة أمراء آخرين.. أشك أن ما يجري تدبير حبيب العادلي (الذي يدير أمن الدولة في السعودية منذ شهور) لجعل الشعب يلتف حول بن سلمان وتمهيداً لعملية ريتز جديدة".

وجدير بالذكر بأن ولي العهد السعودي شن في نوفمبر 2017 حملة لإحكام قبضته على البلاد؛ عبر اعتقال عشرات الأمراء والوزراء ورجال الأعمال. وألقت السلطات القبض على أكثر من 200 شخص، منهم 11 أميراً و4 وزراء على رأس عملهم حينها، "بتهم فساد"، واحتجزتهم في فندق "ريتز كارلتون".

وأطلقت السعودية لاحقاً سراح العديد منهم مقابل تسويات مالية تتراوح ما بين 50 و100 مليار دولار.

وبعد حادثة إطلاق النار أمس السبت، ظهر وسم "#الشعب_دون_سلمان_و_محمد"، ليسارع المحامي الدولي رفعت بالتعليق عليه قائلاً: "ظهور هاشتاج بهذه السرعة يؤكد ما تنبأت به، أن إطلاق نار في حي الخزامى مسرحية تهدف لجعل الشعب يلتف حول بن سلمان بعد الخسائر المتتالية في اليمن ومقتل العديد وأيضاً تمهيد لعملية ريتز جديدة لجمع جباية ترامب ده شغل حبيب العادلي واسألوا كنيسة القديسين".

المحامي المصري لمح في حديثه إلى التفجيرات التي حدثت سابقاً في العاصمة المصرية القاهرة، واستهدفت المدنيين، وأوقعت العديد من الضحايا، وكانت تجلب التعاطف مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والالتفاف حوله لمحاربة الإرهاب و"الإسلاميين"، ما يُحكم قبضة سلطاته على الناشطين والسياسيين ويوسع حملات اعتقالهم.

فهو يرى أن العادلي يسلك المنحى ذاته في السعودية، ليحشد الرأي العام لمصلحة بن سلمان، ويُحكم قبضته على البلاد، بعد الانتهاكات المتتالية والخسائر التي تجرعتها الرياض في حربها باليمن، ومشاركتها في العديد من أزمات المنطقة، ما أضعف شعبية بن سلمان بعد اتهامه بانتهاك حقوق الإنسان، والتورط بجرائم حرب.

وقُتل في الحرب اليمنية، منذ التدخل السعودي، أكثر من 9200 يمني، في حين أصيب أكثر من 53 ألف شخص، بحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية.

وبعد مشاركة السعودية في الحرب اليمنية التي بدأت قبل 3 سنوات، أصبحت عرضة للصواريخ الباليستية، إذ أكد المتحدث باسم قوات التحالف لدعم الشرعية في اليمن، تركي المالكي، في مؤتمر صحفي، الاثنين الماضي، أن 119 صاروخاً باليستياً أطلقها الحوثيون من اليمن على السعودية حتى الآن. ما يهدد أمن وسلامة أراضي المملكة ومواطنيها والمقيمين على أرضها.

وبالفعل بعد حادثة الطائرة وإطلاق النار أمس، دعم ناشطون مسيرة بن سلمان، وأكدوا مضيهم خلفه عبر تغريداتهم، وهو الطبيعي بعد أن شعروا بالرعب إثرها، ودشنوا على الفور وسماً بعنوان "#الشعب_دون_سلمان_و_محمد".