سياسة وأمن » حوادث

باختفاء خاشقجي.. هل بدأت السعودية بتصفية "القائمة السوداء"؟

في 2018/10/10

الخليج أونلاين

لا تزال تداعيات اختفاء الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي مستمرة، وسط أنباء عن مقتله داخل القنصلية السعودية التي دخل إليها يوم الثلاثاء الماضي ولم يغادرها، رغم تأكيدات رسمية سعودية بأنه غادرها ومطالب عالمية بإثبات ذلك.

وتزامناً مع حادثة اختفاء خاشقجي، أعاد مغردون الحديث عن تهديدات صريحة بالقتل أطلقها قبل نحو عام، رئيس ما يعرف بـ"الذباب الإلكتروني" سعود القحطاني، مستشار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والمقرب منه، والذي يرأس إدارة الأمن والبرمجيات السعودية.

وكتب القحطاني تغريدات لم تشمل خاشقجي الذي كان يقيم في المملكة آنذاك، لكنها أشارت بوضوح إلى نية المملكة استهداف التيار المعارض بالقتل، إحداها رداً على المعارض السعودي الشهير سعد الفقيه، هدده فيها صراحة قائلاً: "ملف الإغتيالات تم فتحه من جديد .. ترقب".

وفي تغريدة أخرى قال القحطاني مهدداً: "لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة، وبفتح مكة أمر الرسول في نفر بقتلهم إن وجدوا وإن تعلقوا بأستار الكعبة"، مختتماً كلامه هذا بوسم "القائمة السوداء".

كما أصرّ القحطاني على أن بلاده وحلفاؤها "إذا قالوا فعلوا"، وأن جميع من الأسماء الموضوعة في "القائمة السوداء" سيتم متابعتها وفرزها، حسب وصفه.

تهديدات متجددة

وجذب اختفاء خاشقجي تعاطف واهتمام أغلب الصحفيين والمثقفين العرب والعالميين، الذين انهال عليهم "الذباب الإلكتروني" على وسائل التواصل الاجتماعي بالشتائم والسباب، بل ووصل الأمر إلى حد تهديدهم بمصير مشابه لخاشقجي.

وكان أبرز من تعرض لحملة شرسة الكاتب السعودي أحمد بن راشد بن سعيد، الذي وصف الحملة بـ"الإرهاب".

وقال في تغريدة له: "حملة إرهاب يشنّها عليّ سعوديون، متزامنة مع ما حدث لجمال خاشقجي، هذه أمثلة منها، وثمّة أسماء أخرى حقيقية ووهمية تهدّدني باختطاف أو قتل، أو تشتمني كمحمد آل الشيخ، وعبد اللطيف آل الشيخ الذي قال إنني وجمال وآخرين أوجه لحذاء قذر، بحسب ألفاظه التي تليق به. رسائل إلى كل من يهمه الأمر".

كما كتب الإعلامي المستقل موسى العمر، يقول: "نقلنا خبر اغتيال خاشقجي نقلاً عن رويترز فشنت حسابات مجاهيل هجوماً وسخاً.. وتهديدات على الخاص: سنلحقك به!! زمن التوحش والإرهاب ... ايدكم وما تعطي .. رحم الله جمال".

الإعلامي ياسر أبو هلالة رد على تغريدة لمغرد سعودي قال بأنهم "جند وليسو ذباب"، متسائلاً: "من أنتم؟ لماذا تخاف اكشف هويتك؟ طنينكم مزعج".

أما المذيعة في قناة "الجزيرة" غادة عويس، فقد ردت على تهديد مباشر بالقتل تقول: "ذباب مبس (محمد بن سلمان) لا يكتفي بالشتم انما يهدد بالقتل. ولمَ لا؟ فقصة خاشقجي تجعلهم ينتشون! قتل من يجرؤ على التعبير عن رأي يخالف حاكم السعودية الحالي!".

و"الذباب الإلكتروني" هم مجموعة مغردين يهاجمون كل من ينتقد السياسة السعودية، وقد برزوا بقوة خلال وبعد حصار قطر في يونيو 2017، ولديهم مهام عديدة يأتي في صدارتها أو أهمها دعم المغردين المعروفين بعدائهم لقطر وحلفائها، سواء كانوا في السعودية أو الإمارات أو البحرين أو مصر، والترويج بالمقابل لسياسات المملكة الجديدة في عهد ولي العهد محمد بن سلمان.

وهذا الدعم يكون أولاً من خلال التأييد وإعادة التغريد، ثم مهاجمة من يدافع عن قطر، ولاحقاً عبر المشاركة بكثافة في ترويج الأخبار المفبركة والوسوم المعادية لقطر، ورفعها لتتصدر قائمة الوسوم على تويتر، فضلاً عن متابعة ودعم الحسابات الجديدة والمفبركة التي يراد منها ترويج سياسات الرياض غير المقبولة عربياً.

كل ذلك يجري بالاستفادة من الوجود السعودي الكثيف على مواقع التواصل الاجتماعي، وتوجيهه بطرق غير مباشرة.

ودخل جمال خاشقجي، الثلاثاء الماضي، إلى القنصلية بهدف استخراج وثيقة عائلية. ويقول الجانب السعودي إنه خرج بعد فترة قصيرة من دخوله، لكن خطيبته التركية تؤكد أنها انتظرته طوال اليوم، أمام مبنى القنصلية، غير أنه لم يخرج.

وبعد مرور أسبوع على اختفاء خاشقجي، طالب الرئيس التركي مسؤولي القنصلية السعودية في إسطنبول بتوضيح أسباب عدم خروج الكاتب والصحفي المعارض من مبنى القنصلية.

يشار إلى أن خاشقجي كان يواجه هجمات عنيفة من "الذباب الإلكتروني" وسبق أن اتُّهم بـ"الخيانة"، عقب الضجّة الكبيرة التي أثارها مقال نشره بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في سبتمبر 2017، تحدث فيه عن الاعتقالات التي شملت دعاة ومفكرين واقتصاديين كباراً.

وقال خاشقجي، آنذاك، إنه كان يلتزم الصمت خلال السنوات الماضية عند اعتقال أصدقائه؛ وذلك لخوفه على حريّته، وعائلته، ووظيفته، لافتاً إلى أنه قرر أن يتكلم، بعد تركه بيته وعمله في السعودية، وانتقاله للإقامة بواشنطن، مؤكداً: "من الآن فصاعداً، بات لزاماً عليَّ رفع صوتي في وجه حملة الاعتقالات والقمع في السعودية، القيام بغير ذلك خيانة لأولئك الذين تم رميهم في السجن".