محمد أبو رزق - الخليج أونلاين-
من جديد عادت حرب الناقلات النفطية وتفجيرها إلى المياه الدولية، لكنها لم تكن في الخليج العربي هذه المرة، فقد امتدت لمياه البحر الأحمر، الذي استُهدفت فيه ناقلة إيرانية قرب ميناء جدة السعودي، وهو ما يعيد التوتر مرة أخرى إلى المنطقة.
ويثير الاستهداف الجديد بالمنطقة الملاحية بالبحر الأحمر التساؤلات حول المستفيد من وراء هذا الاعتداء، والجهة التي نفذته، لكونه تم في المياه التي فيها القوات السعودية والإماراتية والإسرائيلية بكثافة.
ويعيد الهجوم على الناقلة النفطية الإيرانية المنطقة البحرية والممرات الناقلة للنفط للعالم إلى السخونة، خاصة بعد تهدئة الأجواء بين الدول، وإجراء حوارات متبادلة، واتخاذ خطوات عملية من خلال زيادة الوجود العسكري بمياه الخليج.
هجوم مقصود
وتعرضت ناقلة إيرانية، الجمعة (11 أكتوبر)، لحادث انفجار أصاب هيكل السفينة، على بعد 96 كيلومتراً من ميناء جدة السعودي.
وعلّقت وزارة الخارجية الإيرانية بالقول إن استهداف الناقلة في البحر الأحمر "عمل خطير، ومن يقف وراءه يتحمل مسؤولية تداعياته".
وأكدت أن التحقيقات تفيد أن ناقلة النفط تعرضت لهجومين في البحر الأحمر من مكان قريب أثناء عبورها.
وذكرت الوكالة الإيرانية الرسمية "إرنا" أن "الخزانين الرئيسيين للسفينة المملوكة لشركة النفط الوطنية تعرضا لأضرار جراء حادث التفجير؛ ما أدى إلى تسرب النفط المخزون فيهما في البحر الأحمر".
وأضافت أن "الخبراء الفنيين الموجودين على متن السفينة يحققون حالياً في أسباب وقوع الانفجار، معربين عن توقعهم أن يكون الحادث بفعل عمل إرهابي".
ولاحقاً، قالت الوكالة إن الانفجار وقع عند الساعة الخامسة والخامسة وعشرين دقيقة صباحاً، وعلى بعد 60 ميلاً من ميناء جدة السعودي؛ ويحتمل أن يكون السبب إصابة صاروخ، مبينة أن وضع السفينة مستقر حالياً سوى أضرار بسيطة في هيكلها والتي يتم احتواؤها من قبل فريق العمل.
وقالت الشركة الوطنية لناقلات النفط بإيران إن جميع أفراد طاقم السفينة في أمان، وناقلة النفط في وضع مستقر.
غير مسبوق ويخلط الأوراق
أستاذ دراسات الخليج وإيران في جامعة قطر والخبير في الشؤون الإيرانية، محجوب الزويري، يؤكد أن حادثة استهداف ناقلة النفط الإيرانية في مياه البحر الأحمر وقرب ميناء جدة السعودي، "لافت للانتباه"، لكونه يتعلق بانتقال حرب الناقلات من الخليج إلى البحر الأحمر.
ويقول الزويري، في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "الاستهداف يأتي بالبحر الأحمر وباب المندب الذي يشهد وجوداً عسكرياً كبيراً للقوات البحرية السعودية والإماراتية والإسرائيلية، ودول عديدة أخرى".
ويضيف الزويري: "حادث استهداف الناقلة الإيرانية وقع في البحر الأحمر، وربما يكون السبب وراء عدم حدوثه بمياه الخليج العربي إلى تعذر الجهة المنفذة للهجوم بسبب الحضور العسكري الكبير الذي تشهده هذه المياه".
ويوضح لـ"الخليج أونلاين" أن الإجراءات الجديدة والمكثفة التي قامت بها دول عربية وأجنبية في مياه الخليج والتنسيق الأمني، كان سبباً في وقوع الهجوم على الناقلة في مياه البحر الأحمر وقرب ميناء جدة السعودي.
وعن الرسالة التي أراد منفذو الهجوم إيصالها، أكد أنها تشير إلى أن الممرات المائية في المنطقة العربية والخليج كلها مهددة، ووقوع الحادثة قرب جدة يهدف إلى خلط الأوراق السياسية أكثر فأكثر في هذا التوقيت.
ويرى أن ردود السلطات الإيرانية على استهداف ناقلتها هادئة، وأرادت لفت النظر إلى أنه تم استهدافها، مع محاولة تبرئة نفسها من الحوادث السابقة التي شهدتها مياه الخليج.
ويشير إلى أن السلطات الإيرانية ستعمل على توظيف الهجوم سياسياً لإبعاد أي تهمة لها بالمسؤولية عما يعرف بحرب الناقلات، وأن هذا تهديد يجب مشاركة العالم بمواجهته، وأن طهران جزء من مواجهته وليست مسبباً له.
توتر متصاعد
وعاشت منطقة الخليج في الأشهر الماضية توتراً غير مسبوق، في ظل حرب ناقلات النفط ومصادرتها، وعمليات التفجير التي طالت بعضها، علاوة على القصف الذي طال منشآت شركة أرامكو، عملاق النفط السعودي، وسط غيوم تنذر بحرب قادمة.
وكان آخر تحرك إيراني لتخفيف التوتر هو طرح الرئيس الإيراني، حسن روحاني، في سبتمبر الماضي، مبادرة خلال كلمته ضمن أعمال الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة، بمدينة نيويورك الأمريكية، داعياً كافة الدول التي تتأثر بتطورات الخليج ومضيق هرمز لاحتضانها.
وتضمنت المبادرة، التي حملت عنوان "تحالف الأمل"؛ حرية الملاحة لكل دول مضيق هرمز، وتقوم على "احترام سيادة الدول، ووحدة أراضيها، والتسوية السلمية للخلافات".
كما تقوم المبادرة أيضاً على مبدأي "عدم الاعتداء" و"عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول"، داعياً جميع الدول التي تتأثر بتطورات الخليج ومضيق هرمز إلى "تحالف الأمل، لتحقيق الرخاء والتقدم".
وأوضح الرئيس الإيراني أن الأمن والسلام في الخليج وبحر عُمان ومضيق هرمز يتحقق عبر مشاركة دول هذه المنطقة، كاشفاً أن وزير خارجيته، جواد ظريف، سيُطلع الدول على تفاصيل مبادرة "تحالف الأمل".
ودأبت السعودية والإمارات على توجيه أصابع الاتهام إلى إيران في الهجمات التي تتعرض لها سفنهم في مياه الخليج، والتي كان أبرزها تفجيرات السفن الـ4 بالفجيرة الإماراتية في مايو الماضي.