الخليج أونلاين-
تعيش المملكة العربية السعودية على وقع تهديدات متزايدة بسبب الحرب اليمنية الدائرة منذ ست سنوات من جهة، وبسبب التصعيد المتواصل بين الولايات المتحدة وإيران من جهة أخرى، ما دفعها للبحث عن قوات خارجية لتأمين منشآتها النفطية الحيوية من التهديدات المحتملة.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، أصبحت المنطقة تعيش حالة من عدم اليقين بشأن الخطوات التي يمكن للرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب أن يتخذها ضد إيران خلال الأسابيع القليلة المتبقية له في الحكم.
وبينما يواصل الحوثيون المدعومون من إيران قصف المنشآت النفطية الحيوية للمملكة، ويهددون بمزيد من القصف، فإن الولايات المتحدة تخطو خطوات واسعة باتجاه إشعال نيران الحرب في المنطقة، حتى وإن كانت تهدف إلى الضغط وليس للحرب.
ومنذ 2019، تكررت عمليات استهداف الحوثيين للمنشآت السعودية، والتي كان آخرها استهداف أحد مواقع أرامكو في جدة غربي المملكة بصاروخ مجنّح، الاثنين 23 نوفمبر، واستهداف سفينة تجارية يونانية بزورق ملغم في ميناء الشقيق، الأربعاء 25 نوفمبر.
هذه العمليةالنوعية تأتي رداعلى استمرار الحصاروالعدوان وفي سياق ماوعدت به القوات المسلحة قبل أيام من تنفيذ عمليات واسعة في العمق السعودي.
— العميد يحيى سريع (@army21ye) November 23, 2020
ونجددنصحنا للمواطنين والشركات الأجنبية العاملةفي السعوديةأن عملياتنا مستمرة وأن عليها الابتعاد عن المنشآت الحيوية الهامة كونها ضمن بنك الأهداف.
هذه المخاوف المتزايدة من احتمال انتقال الاستهداف الأمريكي لإيران من الضغط إلى الحرب، بالإضافة إلى زيادة وتيرة استهداف المنشآت النفطية السعودية من حدودها الجنوبية، دفعت المملكة للاستعانة بقوات أجنبية لحماية هذه المنشآت.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد أكد، في يونيو الماضي، أن جهات التحقيق الأممية أكدت أن صورايخ "كروز" التي طالت مصفاة أرامكو هي من أصل إيراني.
وتسببت الهجمات التي وقعت منتصف سبتمبر 2019، بواسطة 18 طائرة مسيّرة وثلاثة صواريخ حلقت على ارتفاع منخفض، في زيادة حادة بأسعار النفط. وأوقفت إنتاج ما يزيد على 5% من إمدادات النفط العالمية.
قوات بريطانية
وتحولت السعودية إلى هدف استراتيجي لإيران وحلفائها في المنطقة؛ خاصة أن الرياض دعمت بقوة كافة الإجراءات التي اتخذتها واشنطن ضد طهران منذ وصول ترامب للحكم، وهو ما دفعها للبحث عن حماية خارجية لمنشآتها في ظل تصاعد الخطر.
وفي هذا الصدد أكدت وزارة الدفاع البريطانية، الجمعة 27 نوفمبر، ما كشفته صحيفة "الإندبندنت" بشأن إرسال قوات لتأمين المنشآت النفطية السعودية. وقالت إن الأمر عقب الهجوم الذي طال مصفاة لأرامكو، في سبتمبر 2019.
وأرامكو هي أكبر شركة لإنتاج النفط في العالم، وهي عماد الاقتصاد السعودي القائم على تجارة الطاقة بالأساس؛ لكونها أكبر مصدّر للنفط في العالم.
وأوضحت الوزارة البريطانية أنها أرسلت جنوداً إلى السعودية، في فبراير من العام الجاري، لكنها رفضت كشف عدد هؤلاء الجنود أو مدّة مهمتهم؛ بسبب السرية العملياتية.
وقال متحدث باسم الوزارة لشبكة "الجزيرة" إنه تم نشر قوة للدفاع الجوي في السعودية لحماية منشآت نفطية. مضيفاً أن نشر منظومات جيراف (الزرافة) الدفاعية في السعودية محدود زمنياً، لكنه لم يحدد الجداول الزمنية أو عدد الجنود المشاركين.
وتقول الوزارة البريطانية إن حقول النفط السعودية "بنية تحتية اقتصادية بالغة الأهمية"، وإنه جرى بحث حماية هذه المنشآت مع شركاء دوليين عقب هجمات سبتمبر 2019.
ونقلت "إندبندنت" عن الوزارة أن هناك حاجة إلى مدافع من الفوج الـ16 للمدفعية الملكية للمساعدة في الدفاع ضد ضربات الطائرات المسيرة.
وكان الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي قد أعلن، في يونيو الماضي، إرسال بريطانيا قوات عسكرية ومنظومات دفاعية إلى المملكة، دون تفاصيل.
ونقلت لمعاليه خلال الاتصال شكر قيادة المملكة للحكومة البريطانية على إرسالها لقواتٍ ومنظوماتٍ دفاعية إلى المملكة؛ من أجل تحقيق الشراكة الاستراتيجية وحفظ الأمن الإقليمي، ومواجهة كل ما يهدد مصالح بلدينا الصديقين.
— Khalid bin Salman خالد بن سلمان (@kbsalsaud) June 9, 2020
وردّاً على هذه المعلومات قال الحوثيون إن نشر قوات بريطانية أو أمريكية على سواحل المملكة لن يغير شيئاً في الأوضاع.
وقال عضو المكتب السياسي للجماعة محمد البخيتي، إن بريطانيا والولايات المتحدة جزء مما وصفه "بالعدوان على اليمن".
وحذر البخيتي -في لقاء مع الجزيرة- شركات النفط الأجنبية من البقاء في السعودية، كما حذر سفن الشحن من المرور عبر موانئ المملكة، مؤكداً أن كل المنشآت السعودية باتت هدفاً مشروعاً لهجمات الحوثيين.
لا سلاح أمريكي ولا بريطاني ولا أي قوة قادرة على توفير مظلة حماية للنظام العدواني السعودي، وإنما بوقف العدوان على اليمن ورفع الحصار تستعيد المملكة أمنها المفقود.
— محمد عبدالسلام (@abdusalamsalah) November 28, 2020
فوحدها مصالحة الجيران تقيكم عواقب العدوان.
حملة تخويف
وأرسلت الولايات المتحدة 4 قاذفات B52 إلى قاعدة قريبة من إيران، ولاحقاً أعادت حاملة الطائرات "يو إس نيميتز"، ومجموعة سفن حربية إلى مياه الخليج، بعد ساعات من اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، السبت 28 نوفمبر.
وزاد مقتل فخري زاده من التوتر في المنطقة المتوترة أساساً؛ حيث اتهمت الحكومة الإيرانية "إسرائيل" بالوقوف وراء عملية الاغتيال، وقالت إنها اتخذت قراراً بالرد.
المحلل الاقتصادي الأردني نمر أبو كف يرى أن كل التوترات الحاصلة حالياً لا تتجاوز كونها حملة ترهيب ودعاية ممنهجة لإجبار دول الخليج على شراء مزيد من الأسلحة الأمريكية والغربية عموماً.
وفي تصريح لـ"الخليج أونلاين" قال أبو كف إن هذه القوات البريطانية محل الحديث ليست جديدة، كما أن الوجود الأجنبي لحماية المنشآت السعودية ليس جديداً هو الآخر؛ لكون المملكة استعانت بقوات من 15 دولة أجنبية قبل بريطانيا لحماية منشآتها، وكان آخرها فرنسا.
لكن الجديد في هذه القوات هو أنها تضم وحدة دفاع جوي متقدمة، وهو ما يعني أن المليارات التي أنفقتها السعودية على الأسلحة لم تنجح في التصدي لمسيّرات الحوثي وصواريخه، بحسب أبو كف.
ولفت المحلل الأردني إلى أنه حتى في ظل وجود وحدة الدفاع البريطانية فإن المملكة تعرضت مؤخراً لضربات بمسيّرات حوثية، ما يعني أن القوات الأجنبية أيضاً لم تنجح في مهمتها بشكل كامل.
وأكد أبو كف أن ما يحدث من تصعيد مع إيران ليس حلقة جديدة من حلقات الابتزاز الأمريكي للمملكة، مضيفاً: "اللقاء الذي يقال إنه جمع ولي عهد السعودية برئيس وزراء الاحتلال غالباً كان يبحث صفقات أسلحة جديدة".
ولفت المتحدث إلى أن دولة الاحتلال غالباً سيكون لها نصيب من هذه الصفقات؛ لأن هدفها الأول من التطبيع حالياً هو تحقيق مكاسب اقتصادية عبر اختراق أسواق الخليج، ولا سيما من باب بيع الأسلحة.
وفي حال وقعت عملية عسكرية بالمنطقة -يقول أبو كف- فإن ذلك بلا شك سيرفع أسعار النفط بشكل جنوني؛ لكون غالبية صادرات النفط العالمية تمر من مضيف هرمز، ومن ثم فإن توقف حركة النقل ستزيد الطلب بشكل يحدث زيادة كبيرة جداً في الأسعار.