فلوريدا بولدوج - ترجمة الخليج الجديد-
سلط موقع أمريكي الضوء على محتويات وثائق لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI)، ووثائق أخرى لوكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA)، تكشف دورا للحكومة السعودية في دعم منفذي هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
وأورد موقع "فلوريدا بولدوج"، السبت، أن الوثائق، التي تحلل سجلات المكالمات الهاتفية، كشفت عن إجراء مكالمات بين أشخاص على صلة بمسؤولين سعوديين ومركز اتصالات رئيسي استخدمه زعيم تنظيم "القاعدة" آنذاك "أسامة بن لادن".
ويُظهر تحليل الوثائق أنه في 2 مارس/آذار 2000، قبل 18 شهرًا من هجمات 11 سبتمبر/ أيلول، تبادل هاتف طالب صومالي/ يمني في سان دييغو سلسلة من المكالمات مع رقم هاتف في اليمن، تم الاتصال به أيضًا مئات المرات من قبل "بن لادن" وقيادات تنظيم "القاعدة" الآخرين.
وكانت تلك المكالمات، هي الأولى من ولاية كاليفورنيا الأمريكية إلى مركز اتصالات "القاعدة"، حسبما أكد تحليل المكتب الفيدرالي.
وفي الأسابيع السابقة على مكالمات مارس/آذار، أجرى اثنان من موظفي الحكومة السعودية اتصالات هاتفية متكررة مع الطالب، ما دفع مكتب التحقيقات الفيدرالي للاشتباه في أن هذه الاتصالات كانت "لتحضير وصول الخاطفين في هجمات سبتمبر إلى الولايات المتحدة".
وتظهر آلاف الصفحات من ملفات المكتب أدلة على العلاقة بين السعوديين "فهد الثميري" و"عمر البيومي" والطالب الصومالي/اليمني "فتحي م.عيدروس"، وهي الصفحات التي أمر الرئيس الأمريكي "جو بايدن" بالإفصاح عن محتواها في سبتمبر/أيلول 2021.
وتعكس الوثائق، التي سبق أن اعتبرتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" بمثابة "أسرار دولة"، عمل المشاركين في عملية "إنكور"، وهي عملية تهدف إلى متابعة التحقيق الأصلي لمكتب التحقيقات الفيدرالي عن أحداث 11 سبتمبر/أيلول.
بدأت العملية عام 2007 بالتدقيق في ما إذا كان 3 رجال سعوديين، هم "الثميري" و"بيومي" والمسؤول بالسفارة السعودية في واشنطن "مساعد الجراح"، قد قدموا المساعدة للخاطفيْن في هجمات سبتمبر "خالد المحضار" و"نواف الحازمي"، عندما وصلا إلى كاليفورنيا في يناير/كانون الثاني 2000، وما إذا كانت تلك المساعدة، حال حودثها، مقصودة أم لا.
ورغم جهود متابعة التحقيق التي بذلها مكتب التحقيقات الفيدرالي، خلص الادعاء في نيويورك إلى أنه "لا توجد أدلة كافية لمحاكمة السعوديين الثلاثة"، ولذا أغلق مكتب التحقيقات الفيدرالي ملف القضية رسميًا عام 2021، معتبرا، في مذكرته النهائية، أن التحقيقات قد اكتملت.
لكن "فلوريدا بولدوج" يؤكد أن القصة التي تظهر من الملفات التي تم إصدارها حديثًا تبدو بعيدة عن الاكتمال، مشيرا إلى وثائق تتعلق بـ "الثميري" و"البيومي" وارتباطهما بـ "مكالمات الإعداد" الخاصة بهجمات سبتمبر/أيلول.
وذكر الموقع الأمريكي أن الوثائق تحوي "معلومات إضافية" تنفي على ما يبدو "الانطباع" السائد بأن "الحازمي" و"المحضار" هما المسؤولان فقط عن الشباب الذين نفذوا جريمة 11 سبتمبر/أيلول.
وفي هذا الإطار، أورد تقرير "فلوريدا بولدوج" أن الوثائق تكشف، أنه بينما كان "الحازمي" و"المحضار" يستقران في الحياة بسان دييغو، جاءت المكالمة من الرقم اليمني "9671200578" الذي تم استخدامه لسنوات قبل 11 سبتمبر كمركز اتصالات للقاعدة.
وأكدت وكالة الأمن القومي الأمريكي أن "بن لادن" اتصل بهذا الرقم من هاتفه الذي يعمل عبر الأقمار الصناعية في أفغانستان، في وقت ما من عام 1996، ووضعت متابعة سجلات مكالماته أولوية لها.
وكشفت متابعة السجلات أن "بن لادن" وأحد المتورطين في تفجير سفارتي الولايات المتحدة عام 1998 في كينيا وتنزانيا، اتصلا بالرقم اليمني قبل وبعد هجمات سبتمبر، وأن ابنة مالك الرقم كانت متزوجة من رجل يدعى "خالد"، وهو من أصبح لاحقا ضمن خاطفي الطائرات في 11 سبتمبر (خالد المحضار).
وعندما اكتشفوا اتصال 2 مارس بمركز اتصالات القاعدة، قام عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي بربطه مع مكالمات أخرى أجراها صاحب هاتف سان دييغو "فتحي م.عيدروس" مع "البيومي" و"الثميري" و"الجراح".
و"عيدروس"، البالغ من العمر 25 عامًا ، ظهر اسمه بالخطأ في وثائق أعلن عنهغا مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) في مؤخرا، و يقيم حاليًا في شبه الجزيرة العربية، ورفض الرد على طلبات متكررة من "فلوريدا بولدوج" لإجراء مقابلة.
وعندما أجرى مكتب التحقيقات الفدرالي مقابلة مع "عيدروس" في أواخر عام 2001، تم العثور على اسمه ورقمه خلال عمليات البحث حول اثنين من أصدقاء الخاطفين في هجمات سبتمبر؛ هما "عمر باكربشات" و"محضر عبد الله".
وبحسب التحقيقات، فقد تلقى "عبدالله" تعليمات من "بيومي" لمساعدة الخاطفين على التأقلم على الحياة في الولايات المتحدة، فيما اعترف "عيدروس" بأنه كان صديقًا لـ "الحازمي" و"المحضار".
ورغم هذا الاعتراف، إلا أنه لم يكن كافيًا لتوجيه الاتهام إلى "عيدروس" بأي جريمة، فضلا عن إثبات أنه كان مشاركًا في هجمات 11 سبتمبر.
ورغم أن "عيدروس" يمني النشأة إلا أن سجلات مكتب التحقيقات الأمريكي تشير إلى أنه ولد في العاصمة الصومالية مقديشو في أوائل التسعينيات، وفي سن السادسة عشرة، هاجر إلى مدينة تورنتو الكندية.
التحق "عيدروس" لاحقا بالجامعة في أوتاوا، وحصل على درجة البكالوريوس في علوم الكمبيوتر عام 1999. وفي وقت لاحق من ذلك العام، وبعد أن حصل على عرض عمل من شركة أمنية في سان دييغو، أصبح مؤهلاً للحصول على تأشيرة الإقامة الخاصة بالعاملين المتخصصين، ومدتها 3 سنوات.
سافر "عيدروس" إلى سان دييغو، وفي 23 أكتوبر/تشرين الأول استقر في شقة بطريق "بيدنلBeadnell "، على مسافة قصيرة من المركز الإسلامي، حيث شارك العديد من المرتبطين بمنفذي هجمات سبتمبر الصلاة.
وأثناء فحصهم لهذه التفاصيل في عام 2007، لاحظ عملاء "FBI" كيف تقاطعت حركات "عيدروس" دائما مع أشخاص محل تحر من جانب المكتب.
فـ "عيدروس" و"محضر عبدالله"، على سبيل المثال، كانا يعيشان في أوتاوا في نفس الوقت، واشتبه عملاء "FBI" في أنه حاول إخفاء دخوله إلى الولايات المتحدة أو تورط في نوع من الاحتيال في التأشيرات، كما فعل "عبدالله".
والأهم من ذلك، هو أن محققو المكتب الفيدرالي كشفوا سلسلة غير عادية من المكالمات التي تم إجراؤها من هاتف "عيدروس"، تربطه بـ "عمر البيومي"، ومسؤولين في السفارة السعودية بواشنطن مثل "فهد الثميري" و"مساعد الجراح"، إضافة إلى "أنور العولقي"، الذي كان إمامًا للمسجد الذي صلى فيه الخاطفون بهجمات سبتمبر، إضافة إلى "الحازمي" و"المحضار".
و"العولقي" هو مواطن أمريكي، أصبح لاحقا من كبار الشخصيات في تنظيم القاعدة بعد هجمات 11 سبتمبر، وقُتل في غارة أمريكية بطائرة مسيرة عام 2011.
نمط الاتصال
وخلال فترة ثلاثة أيام في نهاية ديسمبر 1999، تكشف الوثائق أن "الثميري" أجرى عددا من المكالمات الهاتفية قبل أسبوعين ونصف من وصول "المحضار" و"الحازمي"، وفق نمط متفرد لم يتكرر قبل هذا التاريخ أو بعده.
غطت قائمة المكالمات الفترة من 27 إلى 29 ديسمبر/كانون الأول 1999، وخلال ذلك الوقت أجرى "الثميري" 21 مكالمة، منها 8 مع "عيدروس" وبعضها مع "المحضار" و"الحازمي".
وتكشف الوثائق أن "الثميري" لم يتصل بـ "عيدروس" أبدا في وقت لاحق، وأن الأخير انتقل قبل شهرين فقط من اتصاله مع "الثميري" من أوتاوا في كندا إلى سان دييغو في كاليفورنيا.
كما تم تبادل مكالمات هاتفية على بعد 10000 ميل في ماليزيا في ذلك الأسبوع، حيث استجاب أعضاء بتنظيم القاعدة - بما في ذلك "الحازمي" و"المحضار" - لتعليمات من العقل المدبر لأحداث 11 سبتمبر "خالد شيخ محمد" في كوالالمبور.
وهناك، التقى منفذا هجمات سبتمبر إحاطة أخيرة قبل التوجه إلى الولايات المتحدة، حسبما أوردت الوثائق، التي كشفت أيضا عن سلسلة مكالمات تلقاها "الثميري" أيضًا من ماليزيا في الأيام الأخيرة من شهر ديسمبر.
في إحدى تلك المكالمات، طلب متصل التحدث إلى "الثميري" بشأن "وصول وشيلط لشقيقين يحتاجان إلى المساعدة"، حسبما أكد مصدر في "FBI،" مشيرا إلى أن الشقيقين هما "الحازمي" و"المحضار".
وبينما انتهت اتصالات "عيدروس" الهاتفية مع "الثميري" في ديسمبر/كانون الأول، تكشف السجلات الهاتفية أن اتصالاته مع "عمر بيومي" انطلقت بعد ذلك، حيث أجرى 7 مكالمات مع بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار 2000.
وصل "المحضار" و"الحازمي" إلى لوس أنجلوس في 15 يناير/كانون الثاني 2000، وبحلول أوائل فبراير/شباط التقيا "بيومي" ثم انتقلا إلى سان دييغو، ومن هناك أجريا مكالمات 2 مارس/آذار 2000 مع "عيدروس".
وفي 3 مقابلات لـ "عيدروس" مع محققي "FBI"، عام 2017، قدم ردودًا مختلفة على أسئلة حول المكالمات الهاتفية، وعلاقاته مع "المحضار" و"الحازمي" وباقي من اتصلوا به.
كان الطالب الصومالي/اليمني يبكي في بداية الحقيقات، لكنه قال إنه على استعداد للتعاون بعد استشارة محامٍ وإصراره على حضور المحامي في المقابلات.
وفي أواخر سبتمبر/أيلول 2008، اعترض عملاء بمكتب التحقيقات الفيدرالي "عيدروس" في سان دييغو ووافق على مقابلتهم بمنزله في وقت لاحق.
أخبر "عيدروس" المحققين في البداية أنه عند وصوله إلى سان دييغو عام 1999، استأجر شقة صغيرة من غرفة نوم واحدة حيث كان يعيش بمفرده، وعندما تم الضغط عليه، تذكر أنه كان لديه رفيق سكن سعودي - لا يستطيع تذكر اسمه بالكامل - من يناير/كانون الثاني إلى مايو/أيار 2000.
وفي وقت لاحق، تذكر "عيدروس" أنه طلب من "بيومي" استضافة إمامين سعوديين زائرين جاءا إلى سان دييغو في الأسبوعين الأخيرين من ديسمبر/كانون الأول 1999.
كان مكتب التحقيقات الفيدرالي يعلم أن "عيدروس" تبادل عشرات المكالمات مع "بيومي"، لكنه ادعى في البداية أنه لا يعرفه جيدًا، ثم قال لاحقًا إن "بيومي" طلب منه مساعدة "المحضار" و"الحازمي" في التنقل لأنهما لا يقرآن ولا يكتبان باللغة الإنجليزية.
وقال "عيدروس"، لاحقا في التحقيقات، إن "بيومي" أخبره بأنه "مسؤول عن الحزمي والمحضار".
ظلال تناقضات بأقوال "عيدروس" بشأن علاقته بـ "بيومي" امتدت أيضًا إلى وصفه لصداقته مع "المحضار" و"الحازمي"، ففي البداية ادعى أن الاثنين لم يزورا شقته أبدًا، ثم قال لاحقا إنهما كانا يأتيان بانتظام إلى الشقة لزيارة رفيقه السعودي في السكن.
زعم "عيدروس" أنه كان يعتقد أن الاثنين مجرد "طالبين"، ولم يكن يتخيل أنهما متورطين في نشاط إرهابي لأنهما "لم يكونا أذكياء" حسب وصفه، مؤكدا أنه تقيأ عندما شاهد صورهم على شاشة التليفزيون بعد الهجمات.
ادعى "عيدروس" أيضا أنه كان يعرف "محضر عبدالله" بشكل عرضي فقطـ، لكن الوثائق تكشف أنه تواصل مع "عبدالله" عبر البريد الإلكتروني لاحقا عام 2004.
أما "أنور العولقي"، الذي تبادل المكالمات مع "الثميري" و"بيومي" في نفس الفترة، فأكد "عيدروس" أنه لا يعرفه بشكل وثيق، إذ كان "العولقي" مهتما بالسياسة بينما لم يكن هو كذلك، حسب قوله.
لكن "عيدروس"، اعترف، في وقت لاحق، بأنه حضر مأدبة عشاء أقامها مسجد مسجد الرباط، حيث كان "العولقي" إمامًا للمصلين.
مركز القاعدة
أما "الثميري"، الذي - أظهرت السجلات تبادله 8 مكالمات مع "عيدروس"، فقد نفى الأخير معرفته بأي شيء عنه سوى أنه "رجل يعمل في السفارة السعودية".
كما نفى "عيدروس" تلقيه أو إجراء أي مكالمات هاتفية من أو إلى "الثميري" أو "البيومي" أو "العولقي" خلال ديسمبر/كانون الأول 1999، زاعما أن المكالمات التي كشفتها الوثائق "ربما أجراها زميله السعودي في السكن".
أما عن المكالمات مع مركز اتصالات تنظيم القاعدة في اليمن، فقال "عيدروس" إنه لا يعرف عنها شيئا، و"لا يعرف أحداً في اليمن"، زاعما أن زميله في السكن ربما هو من أجراها.
وفي مقابلته الأخيرة مع محققي "FBI"، ذكر "عيدروس" أنه تشاجر مع "المحضار" لاستخدامه هاتفه مرتين للاتصال باليمن.
وبحال صحة إفادة "عيدروس" بشأن استخدام "المحضار" لهاتفه، فقد يكون هذا هو السبب في مكالمة 2 مارس/آذار مع مركز اتصالات تنظيم القاعدة في اليمن، لكن ذلك يظل محل شك، إذ لا يوجد سجل للمكالمة الثانية التي يدعي "عيدروس" أن "المحضار" أجراها من هاتفه، حسب تأكيد "فلوريدا بولدوج".
وأشار الموقع الأمريكي إلى أن محامي عائلات ضحايا 11 سبتمبر عاكفون حاليا على دراسة الوثائق في سبيل تأكيد ادعائهم بشأن تور المملكة العربية السعودية رسميا في الهجمات.
ورغم تزويدهم بنسخ العديد من الوثائق، إلا أنه تم منع المحامين من الكشف عن أي تفاصيل إضافية، بموجب أمر قضائي صارم.
ومن جانبهم انتبه عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي لتناقض إفادات "عيدروس"، إلى الحد الذي دفع أحدهم لوصفه بأنه "بدا مدربا" على الإدلاء بأقواله في التحقيقات.
وتضمنت جهود المكتب للحصول على إجابات حول جهات الاتصال الهاتفية لـ "عيدروس" محاولات متكررة بين عامي 2007 و2011 لاستجواب "محضر عبدالله".
فاسم ورقم هاتف "عيدروس" كانا في محفظة "عبدالله" عندما تم اعتقاله بعد 11 سبتمبر، حيث كان أيضًا صديقا لـ "المحضار" و"الحازمي" بتوجيه من "عمر بيومي".
وألمح "عبدالله" في التحقيقات، دوت تصريح" بأن شخصًا ما يحمل اسمًا مشابهًا لاسم "عيدروس" كان "أقرب صديق" لـ "الحازمي" و"المحضار" في سان دييغو.
ولا تقدم الوثائق التي تم الكشف عنها مزيد من المعلومات حول "عيدروس" أو اتصالات هاتفه مع "الثميري" أو مع مركز القاعدة في اليمن.
يعيش "محضر عبدالله" حاليا في السويد، فيما أكدت الوثائق أن كلا من "عمر البيومي" و"مساعد الجراح" كانا موظفين في المخابرات السعودية.
تم طرد "الثميري" من الولايات المتحدة عام 2003، للاشتباه في علاقته بالتطرف، ويُعتقد أن الرجال الثلاثة يقيمون حاليا في المملكة العربية السعودية.