شؤون خليجية -
الصمت السعودي بشأن نتائج التحقيقات في حادث التدافع بمشعر (منى) الذي وقع في أول أيام عيد الأضحى المبارك وأدى إلى سقوط مئات الضحايا من الحجاج بين قتلى ومصابين، يثير العديد من التساؤلات حول حقيقية أعداد الضحايا ولماذا تصمت المملكة أمام الأرقام غير الرسمية المتداولة عبر المواقع الإلكترونية والمنظمات وعلى ألسنة الدبلوماسيين والمسئولين الإيرانيين؟
يأتي ذلك وسط إشارة فقط إلى استمرار ومواصلة وزير الداخلية محمد بن نايف، ولي العهد، اجتماعاته بشأن الكارثة، وهو ما أدى إلى خروج المزايدات والتقديرات غير الدقيقة والمتباينة بين وكالات الأنباء والدول استنادا لأرقام معلنة من بعض الدول والمنظمات حتى وصل الأمر إلى أن قدرت إيران عدد ضحايا الحادث بالـ7 ألاف وهو يعد الرقم الأعلى تقديرا منذ وقوع الحادث حتى الآن.
وكان ولي العهد الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية، قد ترأس اجتماعًا، الأحد الماضي، حول الكارثة، وفقا لوكالة الأنباء السعودية الرسمية التي لم تذكر رد فعل الأمير على الاختلاف في أعداد الضحايا.
وقالت الوكالة: إن ولي العهد، أحيط علما بتقدم التحقيقات، وأصدر تعليمات للجنة التحقيق بالمضي قدما في بذل الجهود من أجل التوصل لأسباب الحادث.
وكان الملك سلمان قد أمر بإجراء تحقيق في الكارثة التي تعتبر الأكثر دموية من نوعها منذ ربع قرن.
وسبق حادث التدافع بمنى حادثا دمويا آخر، حيث هوت رافعة في أحد مواقع البناء في مكة ما أدى إلى مقتل 111 شخصا، في أول موسم للحج يأتي بعد تولي الملك سلمان العرش. واتهمت إيران السعودية بسوء إدارة موسم الحج وحملتها مسؤولية الكارثة، وطالبت السعودية بالاعتذار.
فرنس برس تقدرهم بـ1633 قتيل
قالت وكالة "فرانس برس"، في 15 أكتوبر الحالي، إن عدد ضحايا حادث التدافع الدامي الذي وقع في مشعر "منى" ارتفع إلى 1633 قتيلاً، موضحة أن هذه الإحصائية جاءت استناداً إلى أرقام نشرتها 31 دولة حتى الآن، لتكون بذلك أفدح كارثة في تاريخ تنظيم الحج.
أما الحصيلة الرسمية التي أعلنتها السلطات السعودية في 26 سبتمبر، أكدت مقتل 769 شخصاً وإصابة 934 آخرين، ولم تصدر السعودية أي حصيلة أو أرقاماً أخرى لعدد القتلى والمصابين والمفقودين.
وبالمقارنة مع الحصيلة الرسمية السعودية، فإن الحصيلة التي جمعت، استناداً إلى الأرقام التي أعلنتها الدول التي فقدت مواطنين لها في الكارثة، تشكل أكثر من ضعف ما أعلنته الحكومة السعودية، إضافة إلى أن حجاجاً كثيرين لا يزالون في عداد المفقودين.
وتتجاوز حصيلة التدافع الأخيرة نظيرتها التي وقعت في نفق "منى" في الثاني من يوليو عام 1990، والذي أسفر عن 1426 قتيلاً بين الحجاج الآسيويين بشكل خاص، وتقول إيران إنه لم يتبين حتى الآن مصير مسؤوليها الذين فقدوا في منى حيث لم يعثر على جثامينهم ولم تقدم الحكومة السعودية أي إثبات حول دفنهم في مكة، ومن ضمنهم السفير الإيراني السابق في بيروت "ركن ابادي" والتي تقول معلومات صحفية وغربية أنه يمتلك كنزًا من الأسرار حول حزب الله اللبناني مما يرجح عدم وفاته، وأن هناك جهة ما ربما تكون سعودية أو خارجية عمدت إلى خطفه .
اسوشييتد برس تعلن تجاوز العدد 2000 قتيل
وطبقا لوكالة أنباء "أسوشييتد برس" فقد بلغ عدد ضحايا تدافع الحجاج في منى خلال الحج الشهر الماضي 2121 قتيل، في وقت تلتزم فيه السلطات السعودية الصمت، ولم يتغير العدد الذي صرحت به السلطات السعودية رسميا، وهو 769 قتيلا بالإضافة إلى 934 جريحا.
خامنئى يقدر الضحايا بـ7 آلاف
واستمرار للاتهامات الإيرانية للمملكة، فتح المرشد الإيراني، علي خامنئي، من جديد ملف حادثة "منى" وحمل السعودية مسؤولية "مصرع 7 آلاف مسلم" على حد زعمه، وقال: إنه "من المفروض أن يرتفع صوت واحد واحتجاج العالم الإسلامي" مشيراً إلى أن إيران هي البلد الوحيد الذي احتج على الحادثة.
وانتقد خامنئي، خلال استقباله المسؤولين الإيرانيين عن شؤون الحج، "صمت الحكومات، خاصة الحكومات الغربية والمنظمات المتشدقة بحقوق الإنسان تجاه هذه المصيبة الكبرى"، مشددًا على أن "هذه الحادثة لا ينبغي نسيانها أبدا، وأن الجهاز الدبلوماسي ومنظمة الحج والزيارة مكلفان بمتابعة القضية بحزم"- بحسب تعبيره.
ودعا المسؤولين الإيرانيين إلى "متابعة هذه القضية المهمة والإبقاء عليها حية"، مضيفا : أن "هذه القضية لا ينبغي أن تمر بصمت ويلفها النسيان، ولا بد أن تطرح في المحافل الدولية أعواما طويلة، وأن تكون نقطة الاستهداف في هذا التحرك هي الحكومات الغربية والمنظمات المتشدقة بحقوق الإنسان".
وتابع خامنئي: أنه "لو امتلك أدعياء حقوق الإنسان هؤلاء (الذين صمتوا إزاء حادثة منى) الصدقية لكانوا قد طالبوا (الحكومة السعودية) بتحمل المسؤولية والتعويض عن الأضرار وضمان عدم تكرار الكارثة ومعاقبة المسببين لها".