د. عبدالواحد الحميد
العملية الإرهابية التي ارتكبها تنظيم داعش في مدينة سيهات بالمنطقة الشرقية أثارت حزن وامتعاض المواطنين على امتداد رقعة الوطن ووَحدَّت الناس من حيث أرادت داعش أن تبث روح الفرقة، كما أن هذه العملية الإرهابية أكدت مجدداً مدى تغلغل الروح الإجرامية العمياء التي لا تتردد في إزهاق أرواح الناس بطريقة عبثية لا معنى لها!
ونحن عندما نقرأ أن أحد الإرهابيين الداعشيين قد أزهق أرواح خمسة مواطنين نحزن ونمتعض لكننا لا نستغرب، فهذا الفكر المنحرف هو الذي دفع داعشياً آخر إلى قتل ابن عمه منذ مدة قريبة ودفع آخرين ممن يعتنقون نفس الفكر إلى قتل أقربائهم وأفراد أسرهم.
وبمعنى آخر، فإن الفكر الداعشي خطرٌ على الجميع بلا استثناء ويجب مواجهته بكل الأساليب الممكنة. هذا الفكر الذي يحرض معتنقية على قتل آبائهم وأمهاتهم واقربائهم لمجرد الشبهة في أنهم مخالفون أو أنهم ينتمون إلى السلك العسكري!!
وتكمن خطورة هذا الفكر في أنه يتغلغل إلى نفوس الأطفال والشباب الذين لا يملكون حصيلة شرعية أو أنهم يعتنقون أفكاراً متشددة تجعلهم ينجذبون إلى الطرح الداعشي. وكثيراً ما يُقال أن هذا الخطر يستشري في غفلة منا، لكن الصحيح أن نشاط داعش وأنصارها لم يعد خفياً ونحن نقرأ تغريداتهم في مواقع التواصل الاجتماعي مثلما نقرأ تغريدات الذين يدافعون عن فكرهم بشكل مباشر وغير مباشر.
إن داعش وغيره من التنظيمات المتطرفة أصبحت تشكل خطراً عظيماً على مجتمعنا فهي تدعو علانية إلى تمزيق أمنه واستقراره، وهي تذكرنا بالفرق المتشددة المندثرة في تاريخنا الإسلامي. وقد كنا في أوقات سابقة نقرأ عمَّا فعلته تلك الفرق ونتصور أن خيال المؤرخين قد أضاف تفاصيل لم تحدث في دنيا الواقع، ثم وجدنا أنفسنا بعد مئات السنين وفي زمن العلوم الحديثة وجهاً لوجه أمام داعش الذي نهض من غبار التاريخ ليُحْيي تقاليد تلك الفرق المندثرة وأعمالها التي لم تكن عقولنا تستوعب أن تكون قد حدثت بالفعل!
هذا الخطر العظيم الذي يضرب من حين لآخر في أماكن كثيرة من وطننا والذي يهدد ما ننعم به من أمن وتنمية لابد أن تواجهه الدولة بجميع أجهزتها. وهذه المواجهة يجب أن تكون صارمة في تعقب الفكر التكفيري المتشدد الذي يبيح لمعتنقيه قتل كل من يخالفهم حتى لو كانوا آباءهم وأمهاتهم.
نحن في منعطف خطير، ولابد من حماية شبابنا من هذا الفكر الداعشي الذي سينخر مجتمعنا من الداخل لا سمح الله لو تأخرنا في مواجهته مواجهة حقيقة.