حمود أبو طالب- عكاظ السعودية-
حذرت مصلحة الأرصاد مرة أخرى أن هذا الأسبوع سيشهد متغيرات جوية ربما ينجم عنها هطول أمطار على أكثر من منطقة، وربما تشمل مدينة جدة مرة أخرى، فهل سيتكرر المشهد الذي حدث الأسبوع الماضي وما زالت بقاياه وآثاره وأضراره ماثلة وشاهدة على وضع غريب وحالة شاذة لتخطيط وتنفيذ المشروعات يصعب رؤية مثيل لها في مكان آخر على هذا الكوكب. لو تكررت الحادثة بنفس التفاصيل أو حتى أقل منها نسبيا، ولو سمعنا تكرار التبريرات أو استحداث تبريرات جديدة فإننا بالضرورة يجب أن نتخلى عن أي أمل في إصلاح حال هذه المدينة في القريب العاجل لأن الأمل في هذه الحالة ليس سوى مغالطة للذات. وبطبيعة الحال نحن نتمنى أن لا يحدث ما حدث لكن من يدري، فلربما تصدمنا مفاجأة جديدة في هذا السيناريو الطويل المزعج والممل.
من الصعب جدا أن نشرح هذا الحال لأي مجتمع آخر، ولا يستطيع أحد أن يجد له تبريرا أو يقدم أعذارا. مدينة سبق وعدها بشبكة تصريف قبل ثلث قرن تقريبا ولم تنفذ، مرت على الوطن طفرات مالية ضخمة وخطط تنموية متتالية وأيضا لم تنفذ. غرقت مرة وثانية وثالثة ورابعة ولم يستجد شيء. أمرت الدولة بعد أشهر كوارث غرقها بمبالغ فلكية لإنقاذها من هذا الوضع المتردي على وجه السرعة لنكتشف بعد سنوات أنه لم ينفذ سوى الجزء المتعلق بدرء السيول، وقد ساهم في تخفيف الكارثة هذه المرة، والجزء الأكبر ما زال موضوعا للسجال بين جهات تتقاذف مسؤوليته. المسؤولون الذين تسببوا في كوارثها لم يحكم على أحدهم بحكم نهائي نافذ إلى الآن. والذين جاؤوا بعدهم يبدو أنهم لن يختلفوا كثيرا عنهم إذا كنا نرى تكرار ما يحدث في الماضي.
ما الذي يحدث أيها السادة؟ ولماذا يستمر هذا الوضع الغريب والكل يتفرجون عليه؟ مشاريع متعثرة، مشاريع تتهاوى بعد أول اختبار لها رغم التكاليف الباهظة المرصودة لها، أي وضع كارثي هذا، ومتى يمكن لنا أن نتخلص منه لنكون مثل الآخرين الذين ينفذون أفضل المشاريع بجزء بسيط جدا من المبالغ التي نصرفها على مشاريعنا المخجلة.