خالد السيف- الشرق السعودية-
تتجلّى مظاهر الفشل في: «الغرق» الذي انغمرت فيه: «بريدة» فانقطع نفَسُها عند أول تجربةٍ لـ: «مارثون الغطس» الذي تشترك فيه: «مدن المملكة» جميعُها بـ: «أولمبياد المطر». والمدهش: «إنجازاً» أنّ المدنَ كلّها قد ظفرن بتحقيق الميدالية الذهبيّة. ولعلها هي المرّة الأولى «عالمياً» التي تحصد فيه: «المدن الصحراوية» ذهبيّات الغطس مسجّلةً بذلك رقماً قياسيّاً لم يُسجّل من ذي قبل.. ما يعني أنّ إخفاقاتنا هي مَن تأتي لنا بـ:«إنجازاتنا» الأمر الذي يمكن أن نُفسّر به بقاء المتسبّبين عن مثل هذه الإخفاقات في أماكن مسؤولياتهم أو تداول المناصب فيما بينهم!
حين القول بأنّ: «فلاناً قد تصبّب عرقاً» فإنّه الإخبارُ كنايةً عما تلبّسه من حالات الخجل/ والحياء والحرج والاكتراث بما وقع من أمرٍ هو -في بادي الأمر- من يُسأل عنه ويتحمّل -على الحقيقة- تَبعاته.
المتفق عليه أنّ الجميع -برواية الشيوخ وليس الشيخين- قد شهِدوا حالات: «الغَرق» بيد أنّ: «العرق» الذي كان يُفترض جراء تصبّبه أن يكون بمستوى مياه الأمطار التي أغرقتنا.. أؤكد أنّ هذا: «العرق» لم يشهده أحدٌ مَنّا إذ كان غائياً في ضميرٍ مستترٍ منع من ظهوره قوةُ الفاعل وضعف: «المفعول فيه»!
والحظّ الوافر من كوبلية أغنية: «إني أغرق» قد نالته: «بريدة» بنصيبٍ وافرٍ فما كان من أهلها إلا الرقص على خفق دفّ ربّ المنزل فجاءت إيقاعاتهم على هذا النحو:
سيناريوهات الغرق تتكرّر لمرة ثانية وبصورةٍ أفظع من بعد مرور سبع سنواتٍ ومثال ذلك الغرق الحالي لـ: «حي الإسكان» شمال بريدة ومثله يمكن أن يقال عن شريان بريدة: «شارع الملك عبد العزيز» الذي تحوّل بدوره إلى نهرٍ يفصل شرق المدينة عن غربها!
صلاحُ أهلِ بريدة قد أدرك موتاهم فما كان للغيث أن يخصّ الأحياء وحدهم إذ غمرت مياه الأمطار: «مقبرة الموطأ» بأكملها وجعلت منها بركةً ضاعت من خلالها معالم: «القبور»!
جريان المياه داخل البيوت هو الحديث الأشهر تواصلا فيما يتخابر به أهل بريدة عن أحوال المطر وما من صوتٍ إذ ذاك يعلو فوق أخبار تساقط الجدر وحالات الإنقاذ للأسر العالقة داخل دورها.
وجاء في أحد التقارير الصحفية ما يلي تلقى مركز التحكم والتوجيه بالإدارة العامة للدفاع المدني بمدينة بريدة «3000» بلاغ تم التعامل معها وفق متطلبات الموقف، ونتج عن هطول الأمطار أضرار مادية في السيارات والمحلات التجارية والمساكن حيث تطلب الموقف إخلاء أكثر من «1000 شخص» وإيواء «349» شخصاً.
وفيه أيضا: وتركزت تجمعات المياه في أحياء «الإسكان، والمنار، والروضة، وغنّامة، وحي الشماس، وجميعانة، والشقة» كما استدعت إجراءات السلامة إخلاء ثلاثة مبانٍ بمستشفى الملك فهد التخصصي بمدينة بريدة يسكنها «297» ممرضة.
إلى ذلك فإنّ وسائل التواصل الاجتماعي قد قامت بما يُغني عن إعادة ذكره هنا وذلك أنّ: «الصور» أبلغ من أي لغةٍ يمكنها أن تصف ما عليه المشهد: «الغرقى» الذي أفاقت عليه بريدة!
تبقّى أن يقال:
تمتعوا بـ: «الكشتات» إلى البر بأجوائه اللندنيّة ودعوا شأن تصريف السيول لخراطيم الوايتات!
أن يُشمّر المسؤول عن ساقيه لنتعرّف على ماركة: «بيجاماته الشتوية» وهو يتحاشى التخوّض بشيءٍ يسيرٍ من تجمعات مياه المطر حفاظاً على لمعة جزمته لا يعني ضرورةً أنه قد انتهض بما يجب عليه كاملا! ثمّ ها هنا سؤالُ يتقاطر براءةً: في مثل هذه المواقف الواجبة لماذا تحضر الكاميرا وتغيب القرارات الحاسمة؟!
أيُ مصيرٍ يُمكن أن يلقاه من قد قاموا بالتنفيذ للمشاريع التي افتضحتها الأمطار -من كلّ عامٍ يغاث فيه الناس-؟!
إذا ما الجرحُ رُمّ على فساد.. تبيـّنَ فيه تفريط الطبيب
كلّ شيءٍ يمكنك أن تسمعه والأمطار ماضية في كشفها: «المستور» وما إن تنهض الشمس بدورها فتجفف لنا الشوارع والأزقة حتى تتخلّف الأفعال مع آخر قطرة من المطر.
جُرْ يا غُرابُ وأفسد، لن ترى أحدًا.. إلا مسيئًا، وأي الخلق لم يجُرِ
مصطلحات لن تسمع بها وقت دفق السيول مياهها في: «شريان الفساد» .. ومن هذه المصطلحات:
(إقالة، فسخ عقود، تنفيذ الشروط الجزائية، شطب مؤسسات /مقولات).
ما بين النداء بـ: «الصلاة في رحالكم» وبين: «تعليق الدراسة» مسافة قصيرة من شأنها أن تفتّق فينا فقهَ: «لو عثرت بغلة في دجلة ليُسألنّ عنها عمر»!