صلاح الدباس- الشرق القطرية-
السيول التي جرت أخيرا في أكثر من دولة خليجية وضعتنا أمام حقائق متعددة تتعلق بسوء إنشاء البنيات التحتية التي تصرف فيها حكوماتنا الكثير؛ من أجل أن تتم بأفضل معايير الجودة الإنشائية، غير أن المحصلة كانت كارثية ويترتب عليها إجراءات تحد من تكرارها مستقبلا لأنه لا يمكن تصوّر الوقوع في ذات الخطأ سنويا دون اعتبار للمصلحة العامة.
في دول متقدمة تم إنشاء بنياتها الخدمية التحتية منذ حوالي قرنين ولا تزال صامدة دون أن ينتج عنها كوارث مضاعفة إلى جانب الكوارث الطبيعية.. والسؤال الطبيعي في هذا السياق هو لماذا يحدث ذلك الثبات لديها وتتحرك منشآتنا مع مجاري السيول وتتساقط؟ والإجابة ببساطة أننا لم نعتمد أي معايير جودة وتم تسلم المشروعات دون مطابقة لمواصفاتها وكأن الأمر يتم على عجل وبسرعة لرفع معدلات الإنجاز وذلك ينطوي على عدم مسؤولية من الشركات التي نفذت والمسؤولين الذين استلموا وتعاطوا مع المشروعات منذ مرحلة ترسية العقود وحتى التسلم.
ما حدث يضر بمصالح الشركات الوطنية التي لم تستفد من فرصة توطين نشاطها وإثبات جدارتها وكفاءتها، وهو سقوط في اختبار ليس متصورا أن يعيد إليها الثقة في القادم من المشروعات، وبدلا من السعي للحصول على مكاسب وأرباح كبيرة على حساب المصلحة الوطنية كان الأجدر والأفضل أن تؤكد قدراتها التي تجعلها أهلا لمزيد من الثقة فيها لمشروعات تنموية متصاعدة ينبغي أن تنالها أو تكون شريكا رئيسيا فيها في المستقبل الذي يحتشد بمشاريع أكثر مما تم تنفيذه.
ذلك جانب، أما الجانب الآخر فهو شبهة الفساد أو اللا مسؤولية لدى بعض المسؤولين الذين تعاملوا مع الشركات التي نفذت مشاريع لم تكن مؤهلة لاستلامها ابتداء، وذلك لا تترتب عليه أضرار لهم فقط بعد أن انكشف المستور وإنما على سمعة منشآت تلك البلدان بأكملها، فلا ينقص التمويل ولا توجد ميزانيات مرهقة أو بطيئة وإنما هناك تمويل مرصود بحيث يقوم كل طرف ذي مسؤولية بواجباته على الوجه الأكمل ويؤدي الحقوق التي عليه كاملة، ولكن يبدو أن هناك بالفعل قصورا وتقصيرا حدث، سواء بصورة متعمدة أو غير متعمدة من خلال الإهمال والتراخي في تحمّل المسؤولية ومتابعة الإشراف الدقيق على المشروعات في جميع مراحلها الإنشائية، ما يتطلب مراجعات وإعادة النظر في مشاريع المستقبل.