الوطن السعودية-
تضاربت الأنباء عن عدد وفيات ومصابي حريق مستشفى جازان العام، ففيما أوضحت وزارة الصحة في بيان لها أمس أن الحريق نتج عنه 25 وفاة و123 إصابة، أشارت مصادر أخرى إلى أن عدد الوفيات ارتفع إلى نحو 30 حالة.
وكان الحريق اندلع فجر أمس في المستشفى، وحسب شهود عيان كانت شرارته الأولى من غرفة صغيرة مجاورة لقسم حضانة الأطفال بالدور الأول الذي يضم قسمين آخرين هما: العناية المركزة والولادة، وجرى إخلاء المستشفى من المراجعين والمنومين بجميع الأقسام عبر مخرج طوارئ وحيد، إضافة إلى السلالم الداخلية، في مشهد يعيد مسلسل فشل المنشآت الصحية في تطبيق خطط الكوارث والأزمات.
توجيه بالتحقيق
تابع أمير منطقة جازان الأمير محمد بن ناصر، آثار وتداعيات حادث الحريق المروع الذي شب في ساعة مبكرة من صباح أمس وما نجم عنه من وفيات وإصابات.
وأوضح المتحدث الرسمي للإمارة علي زعلة أن أمير جازان تواصل مع المسؤولين بالمديرية العامة للشؤون الصحية وإدارة الدفاع المدني والجهات ذات العلاقة للوقوف على الجهود المبذولة لاحتواء الموقف، وإجلاء المرضى المنومين، وتقديم الخدمات الإسعافية والعلاجية للمصابين، والاطلاع على تفاصيل وملابسات هذه الواقعة المأساوية، كما وجه بالتحقيق العاجل في الموضوع من كافة جوانبه، ورفع تقرير مفصل بالأسباب والنتائج والتوصيات اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث المفجعة.
وزار وكيل الإمارة سعد المقرن موقع الحريق وتفقد ما نجم عن الحادث، ثم توجه إلى مستشفى العميس الطبي ومستشفى الحياة الوطني لزيارة المصابين المنومين هناك.
77 فرقة إسعاف وإنقاذ
باشرت 77 فرقة من الدفاع المدني والهلال الأحمر مهام الإسعاف والإطفاء مدعومة بفرق أمنية. وأوضح المتحدث الرسمي لمديرية الدفاع المدني في منطقة جازان الرائد يحيى القحطاني أن غرفة القيادة والسيطرة تلقت بلاغا عن وقوع حادث حريق في مستشفى جازان العام بالدور الأول بقسم العناية المركزة والنساء الولادة والحضانة، وتم انتقال أربع فرق من مدينة جازان وتم دعمها بـ17 فرقة إطفاء وإنقاذ وإسعاف وسلالم من كافة إدارات ومراكز المنطقة، إضافة إلى جميع الجهات الإسعافية والأمنية والخدمية التي شاركت في الحادث، حيث قامت الفرق بعملية إخلاء للموقع والسيطرة على الحادث.
الأسباب مجهولة
أكد مدير الدفاع المدني بجازان اللواء سعد الغامدي أن كل التقارير التي وصلت إلى الدفاع المدني من اللجان الإشرافية والتفتيشية تؤكد أن وضع السلامة داخل المستشفى بحالة جيدة، وأن كل متطلبات السلامة متوافرة، مشيرا إلى أنه يصعب الجزم بأسباب الحريق الآن، حتى تنهي اللجنة المكلفة بالتحقيق ومن ثم سيتم إعلان النتائج للجميع. وأضاف أن الحريق بدأ بغرفة صغيرة بجوار الحضانة قبل أن يتوزع على بقية الغرف المجاورة في الدور نفسه، نافيا إشاعة أن معظم المتوفين من أطفال الحضانة، لافتا أنه لا يوجد من بين المتوفين سوى طفلة واحدة.وأوضح المتحدث الرسمي لفرع هيئة الهلال الأحمر في جازان بشير الصرخي أن غرفة العمليات تلقت بلاغا صباح أمس عن وجود حريق في مستشفى جازان العام، وعلى الفور تم توجيه 39 فرقة إسعافية نقلت 41 حالة إلى مستشفيات متفرقة في المنطقة، وعالجت الفرق الإسعافية بالموقع 7 حالات.
حريق في أماكن العلاج دليل خلل
اعتبر وزير الصحة المهندس خالد الفالح وقوع حوادث الحريق في أماكن العلاج كالمستشفيات دليل مباشر على وجود خلل في رسالة المنظومة الصحية، واعدا بمحاسبة أي جهة يثبت تعديلها لتصاميم المستشفى سابقا، وكانت سببا في الإخلال باشتراطات السلامة.وأكد في تصريح تلفزيوني لقناة الإخبارية السعودية من أمام المستشفى أن عدد المتوفين بلغ 25 حالة، وتوفيت جميعا بالاختناق، وليس من أثر الحروق، مشيرا إلى أن انتقال الدخان إلى الأدوار العلوية من المستشفى كان أحد الأسباب في عدد الوفيات والإصابات، واعدا بمراجعة تصاميم المستشفى الرئيسية والمعدلة، معلنا عزم وزارته عمل مسح شامل لجميع مستشفيات الوزارة للوصول إلى أعلى درجة من الثقة، وعدم تكرار الحريق، وعدم السماح بانتشاره إذا وقع لا سمح الله. وحول الوصول إلى أسباب الحادث قال: مازال الوقت مبكرا لمعرفة النتائج، ولكن هناك لجنة تحقيق تعمل بشكل مستمر.
إخلاء مرضى العناية المركزة
تم إخلاء الأطفال الموجودين في الحاضنات بدون إصابات، كما تم إخلاء المرضى في قسم العناية المركزة، ووقعت حالة وفاة واحدة فقط من بينهم، ولكن الدخان الكثيف الناتج عن الحريق قد امتد إلى أدوار أعلى في المستشفى، مما تسبب في وفاة 25 شخصا، وإصابة 123 آخرين". ووفقا لوزارة الصحة، فقد تم تطبيق الخطط الإسعافية للطوارئ فور وقوع الحادث، حيث وصلت إلى الموقع 20 فرقة إسعافية من مستشفيات الوزارة الأخرى والدفاع المدني، كما وصل إلى المستشفى 20 فريقا طبيا من مستشفيات وزارة الصحة وغيرها، وسارع بقية الأطباء العاملين في المستشفى إلى المشاركة في الاعتناء بالمرضى، وقد تم تحويل المصابين إلى المستشفيات المجاورة ومستشفى الملك فهد ومستشفى الأمير محمد بن ناصر.
برقيات عزاء و مواساة
تلقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، اتصالات وبرقيات عزاء من عدد من قادة الدول في ضحايا حريق مستشفى جازان العام، حيث تلقى اتصالا هاتفيا أمس من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أعرب فيه عن عزائه ومواساته في ضحايا الحريق، وتمنياته للمصابين بالشفاء العاجل. كما تلقى خادم الحرمين الشريفين، برقية عزاء من الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت في المتوفين بالحريق. وأعرب أمير الكويت عن خالص عزائه وصادق مواساته في المتوفين، سائلا الله أن يتغمدهم بواسع رحمته ومغفرته، وأن يمنّ على المصابين بسرعة الشفاء والعافية، وأن يحفظ المملكة من كل سوء ومكروه.كما تلقى الملك المفدى برقيتي عزاء من نائب أمير دولة الكويت، ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، ورئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح. إلى ذلك، أعربت الحكومة المصرية عن خالص تعازيها والشعب المصري لحكومة وشعب المملكة، في ضحايا الحريق. جاء ذلك في تصريح للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية المستشار أحمد أبو زيد.
وزير الصحة: أنا المسؤول
حمل وزير الصحة خالد الفالح نفسه القدر الأكبر من مسؤولية حريق مستشفى جازان، وكتب في تغريدة له على حسابه بتويتر أمس، "القدر الأكبر من المساءلة حول حريق مستشفى جازان يقع على المسؤول الأول عن قطاع الصحة، ولذا فالمسألة تقع عليّ شخصيا قبل أي أحد"، وقال في تغريدة أخرى "واجبي يقتضي أن أتحمل مسؤولية تشخيص الخلل وعلاجه ومحاسبة المقصرين، والحيلولة دون تكرار مثل هذا الحادث الأليم، فسلامة المرضى لها الأولية دائما"، واعدا بمراجعة إجراءات السلامة في المرافق الطبية، حيث قال "سنراجع كل إجراء السلامة في المرافق الطبية في ظل ما حدث بمستشفى جازان العام، ولن نسمح بتكرار ذلك بإذن الله". وفي تغريدة تحسر وزير الصحة على ما آل إليه المستشفى، حيث كتب "لقد كانت رؤية مستشفى جازان العام بعد الحريق مؤلمة جدا، لا نقبل أدنى تهاون في سلامة المرضى والتحقيق يجري بتسارع وأي مقصر سيحاسب".
15 ملاحظة للمدني قبل الكارثة بـ4 سنوات
جازان: بندر التركي
علمت "الوطن" أن عدة جهات في مقدمتها الدفاع المدني رصدت قبل أربعة أعوام من كارثة حريق المستشفى العام بمدينة جازان 15 ملاحظة على المشروع قبل تشغيله، بعدما وقفت لجنة من الدفاع المدني بمشاركة بعض مسؤولي المستشفى والشؤون الصحية، وبعض ممثلي الشركات المنفذة للمشروع على الموقع. كما تبين للدفاع المدني في زيارة لاحقة أن هذه الملاحظات لم يتم تلافيها، وأن الوزارة دشنت المستشفى متجاهلة هذه الملاحظات. وأكدت إدارة الدفاع المدني بمدينة جازان في محضرها المؤرخ بتاريخ 1/ 6/ 1433، وبمشاركة مندوب إدارة الأمن والسلامة بمستشفى جازان العام -حصلت "الوطن" على نسخة منه- أن اللجان المشاركة للشخوص على المبنى طالبت بضرورة تلافي وإصلاح بعض النقاط ذات الأهمية، والبالغ 15 فقرة، وأنه تم رفع تلك الملاحظات إلى الشؤون الصحية في جازان بعدم تشغيل المستشفى ما لم تعالج هذه الملاحظات، حفاظا على سلامة المرضى والمراجعين والعاملين في المستشفى، إلا أنه تم الخروج على الموقع مرة أخرى، وتبين بكل وضوح أن الملاحظات ما تزال على حالها دون معالجة.وأبدى الدفاع المدني تخوفه حينها لأن العمل يجري على قدم وساق، لمحاولة تشغيل المستشفى دون الاكتراث بما تشكله هذه الملاحظات من مخاطر مستقبلية، مؤكدا أن مما يبعث على القلق والاستغراب أنه تم مشاهدة كيابل في فتحات التصريف مغمورة بالمياه تنذر بحدوث ما لا تحمد عقباه. وعلمت "الوطن"، أن إدارة المستشفى أصدرت في تاريخ المحضر نفسه قرارا، يقضي بنقل مندوب إدارة الأمن والسلامة، والمشرف على سلامة المبنى، إلى قسم المختبرات دون سابق إنذار.
مكامن الخلل
• تشغيل المستشفى بأسرع وقت نتيجة ضغوطات بعد تأخر استلام المشروع
• البنية التحتية لم تكن على الوجه المطلوب
• عدم التعاقد مع شركات أمن وسلامة ذات كفاءة
• عدم توافر مرشات إطفاء حريق آلي ووجود مضخات يدوية
• لم يتم حتى الآن استلام مشروع العوازل والأرضيات من المقاول
أميرة ونجود بطلتا الحضانة
ضربت الممرضتان السعوديتان أميرة إسماعيل ونجود حمود من قسم الحضانة بمستشفى جازان العام أروع مثال في الشجاعة والتضحية، إذ رفضتا المغادرة من الغرفة التي انطلقت منها الشرارة الأولى للحريق حتى يتم إخلاء جميع الأطفال الخدج الذين كانوا بالحضانة وعددهم 7 أطفال، وقامتا بإخلاء الحضانة رغم اشتعال النيران بالسقف، مستخدمين البطانيات ونقلهم عبر الدرج الداخلي للمستشفى. وأشاد أخصائي حضانة الأطفال الخدج محمد راجحي الذي يعمل في القسم منذ شهرين، بتضحية نجود وأميرة، وقال: كانتا خلال الفترة الماضية خير مثال للأمانة في العمل والإخلاص، ولم يكن مستغربا أن يصدر منهما مثل هذا التصرف والتضحية، وتعريض نفسيهما للخطر في سبيل إنقاذ حياة الأطفال الخدج الموجودين في التنويم.
بدأت شرارة الحريق الذي اندلع في مستشفى جازان العام في 2:10 من فجر أمس، من غرفة صغيرة مجاورة لغرفة حضانة الأطفال في الدور الأول الذي يضم ثلاثة أقسام هي: العناية المركزة، والولادة، وحضانة الأطفال، واقتصر الحريق على الدور الأول قبل أن تتم السيطرة عليه من فرق الدفاع المدني، الذي باشر الموقع وتم إخلاء المستشفى من المراجعين والمنومين في جميع الأقسام عن طريق أحد مخارج الطوارئ والدرج.
وباشرت لجنة للتحقيق في أسباب الحادث الذي أسفر عن 25 حالة وفاة وإصابة 123، ولم يتم تحديد سبب الحريق إلى الآن، وأفادت مصادر مطلعة لـ"الوطن" أن المتوفين تتفاوت أعمارهم بين 20 و80 سنة بينهم طفلة، غالبيتهم كانوا في قسم العناية المركزة.