سياسة وأمن » صفقات

ينتج طائرات شبحية.. ما أهمية انضمام السعودية لتحالف "GCAP"؟

في 2024/07/29

كامل جميل - الخليج أونلاين-

يبدو أن السعودية ستفرض وجودها بقوة في عالم صناعة الطائرات الشبحية، ذلك القطاع المهم الذي تسعى كبريات القوى في العالم إلى إبراز وجودها فيه.

فقد اقتربت السعودية من الانضمام إلى مشروع ثلاثي لبناء طائرة مقاتلة متقدمة تعكف على إنتاجها بريطانيا وإيطاليا واليابان.

صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية نقلت في تقرير، الجمعة (27 يوليو 2024)، عن روبيرتو سينغولاني، رئيس مجموعة الدفاع الإيطالية (ليوناردو)، قوله إنه سيكون منفتحاً على انضمام السعودية إلى المشروع، خصوصاً إذا كانت هناك إعادة تحديد للموارد، إلى أن تكمل حكومة العمال الجديدة في بريطانيا مراجعة إنفاقها الدفاعي.

وأضاف أن "انضمام شريك رابع إلى مشروع صنع المقاتلة المتطورة سيكون مريحاً جداً، وفي هذه الحال ستكون المملكة العربية السعودية الشريك الرابع"، متابعاً: "باستطاعة السعودية إضافة طاقة صناعية، وموارد لعمالة جديدة، إذا تم ضمها إلى المشروع".

محللون صناعيون أكدوا أن "الرياض يمكن أن تضمن لنفسها شراكة في هذا المشروع حتى لو لم تخفض بريطانيا تعهداتها للمشروع"، وفق الصحيفة التي أشارت إلى أن "من شأن ضم المملكة إلى هذه الشراكة أن يمهد الطريق إلى طلبية سعودية جديدة من مقاتلات تايفون البريطانية، خصوصاً أن الرياض تجري أصلاً محادثات مع لندن في شأن شراء 48 مقاتلة من طراز تايفون".

الحديث عن انضمام السعودية للتحالف الثلاثي ليس حديثاً، فقد نقلت ذات الصحيفة، يوم 11 أغسطس 2023، عن سعي سعودي للانضمام إلى تحالف صناعة طائرات الجيل السادس "تيمبيست".

وأشارت إلى أن البرنامج، الذي يطلق عليه برنامج القتال الجوي العالمي (GCAP)، ويضم تحالفاً من بريطانيا وإيطاليا واليابان، يعمل على صناعة طائرة مقاتلة متطورة للغاية، وإتاحتها للتصدير في السوق العالمية بحلول عام 2035.

مصدر دفاعي بريطاني أكد للصحيفة أن لندن تجمعها شراكة استراتيجية مع الرياض، وحريصة بشدة على تعميق العمل في المشروع، وتحقيق تقدم قوي في أسرع وقت ممكن.

وبينت الصحيفة أن العرض السعودي يشمل المساهمة بالخبرة الهندسية في مراحل مختلفة من المشروع، موضحة أن المشاركة السعودية المحتملة لاقت ترحيباً كبيراً من بريطانيا وإيطاليا، ولا سيما أنها ستشمل مساهمة مالية كبيرة محتملة من المملكة في المشروع، الذي تقدر تكاليفه بعشرات المليارات من الدولارات.

تنافس دولي محموم

منذ سنوات تحاول العديد من الدول، في تنافس محموم، صناعة جيل جديد من الطائرات الشبحية تمكنها من كسب الرهان في السيطرة على الأجواء عسكرياً.

لدى الولايات المتحدة ما لا يقل عن ثلاث طائرات خفية جديدة قيد التطوير النشط، مقاتلتان وقاذفة واحدة، هي طائرات الجيل السادس الشبحية (NGAD)، وطائرة "F / A-XX" الشبحية، وقاذفة القنابل الشبحية "B-21 رايدر".

والصين تعكف على صناعة الطائرة شنيانغ "FC-31 / J-31 جيرفالكون"، وقاذفة الشبح "شيان H-20"، في حين تعمل روسيا على صناعة المقاتلة Su-75 "كش ملك"، وقاذفة القنابل "توبوليف باك دا".

ودخلت تركيا هذا السباق وحلقت طائرتها المقاتلة "TF-X" في فبراير الماضي، كما دخلت كوريا الجنوبية وإندونيسيا في شراكة وأنتجتا مقاتلة "KAI KF-21 بوراما" الشبحية.

برنامج "GCAP"

يُعرف برنامج القتال الجوي العالمي (GCAP) بأنه مبادرة متعددة الجنسيات، تتعاون فيها كل من بريطانيا واليابان وإيطاليا لتطوير مقاتلة متسلسلة من الجيل السادس على نحو يمكن كل دولة من استبدال المقاتلة الرئيسية العاملة في قواتها الجوية حالياً بالمقاتلة الجديدة.

كانت حكومات اليابان وبريطانيا وإيطاليا أعلنت، في 9 ديسمبر 2022، أنها ستطور وتنشر طائرة مقاتلة مشتركة، سيجري تطويرها وفقاً للبرنامج.

ويكون ذلك بدمج مشاريع الجيل السادس المنفصلة سابقاً معاً في مشروع واحد؛ وذلك بدمج مقاتلة الإعصار "Tempest" لشركة "BAE" البريطانية، ومقاتلة "FX" التي تقوم عليها شركة "ميتسوبيشي" اليابانية.

تقود شركة "BAE SYSTEMS" ومحركات "Rolls Royce" التحالف البريطاني الذي يتكون من "ليوناردو بريطانيا" و"MBDAa بريطانيا".

بالنسبة لليابان تقود ميتسوبيشي التحالف الياباني المتكون من شركة "HI" وشركة "ميتسوبيشي إليكتريك".

وتقود شركة ليوناردو إيطاليا "SPA" التحالف الإيطالي الذي يتشكل من "AVIO AVERO"  و"MBDA إيطاليا".

طائرة أفلام هوليوود

كانت صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية ذكرت، نهاية نوفمبر 2022، أن تحالف اليابان وبريطانيا وإيطاليا يسعى إلى إنتاج طائرة مقاتلة عام 2035، مُزودة بأسلحة وميزات خارقة، تشبه المقاتلات في أفلام "هوليوود" السينمائية. 

بحسب الصحيفة البريطانية، فإن المقاتلة ستكون مُزودة بأسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت 5 ماخ (أي 5 أضعاف سرعة الصوت).

والطائرة مزودة بأسلحة مُوجهة قادرة على إطلاق نبضات كهرومغناطيسية لإسقاط أنظمة العدو، وكذلك طائرات دون طيار، والتحكم فيها يكون بالذكاء الاصطناعي.

دخول السعودية في الشراكة لصناعة هذه الطائرة الشبحية الجديدة، اعتبرها وزير الدفاع البريطاني السابق، بن والاس، إضافة إلى الشركاء.

وقال في تصريح للصحافة: إن "برنامج GCAP هو مشروع طموح ومبتكر، يجمع بين أفضل ما في التكنولوجيا والمواهب والشراكات. ونحن نرحب برغبة المملكة العربية السعودية في الانضمام إلى هذا البرنامج، ونتطلع إلى التعاون معها لخلق طائرة قتالية عالمية المستوى".

بدوره قال وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان: "انضمامنا إلى برنامج GCAP يعبر عن رؤيتنا للمستقبل، ويؤكد على التزامنا بالحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة والعالم".

لمسات سعودية

الخبير في الشأن العسكري إسماعيل أيوب، الذي تحدث لـ"الخليج أونلاين" في وقت سابق، يرى أن شراكة السعودية في أي مجال بالصناعات العسكرية إيجابية، وتساعد كثيراً في نهوض صناعتها العسكرية المحلية.

يستشهد الخبير العسكري بدول عديدة "كانت متأخرة في الصناعات العسكرية مثل البرازيل وتركيا وإيران، ومن خلال الشراكات والجهد المبذول تطورت صناعاتها العسكرية".

مشاركة السعودية في صناعة طائرة متقدمة بالاعتماد على الدعم المالي لهذه الشراكة يعدها أيوب خطوة مهمة.

ويقول إن السعودية يمكن أن تشارك مالياً وأن تساهم بمهندسين أُعدوا لهذا الغرض منذ سنوات، لكي يشاركوا ويشرفوا على التصنيع العسكري، سواء مع بريطانيا واليابان وبريطانيا، أو شراكات أخرى مثلما حدث في شراكاتها مع أمريكا أو تركيا أو الصين.

ويضيف: "لا نستطيع أن نقول إن السعودية ليس لديها كوادر وخبرات، بل لديها، وبغض النظر عن كفاءة هذه الخبرات فلديها مقدار جيد من العلماء الذين عملوا في مجالات عسكرية مع دول أخرى، وهو ما ينعكس على أهمية الشراكة".

ويعتقد أن هذه الشراكة ستضيف أهمية عالية لسلاح الجو السعودي والتصنيع العسكري للمملكة، ولا يستبعد أن تُصنع المملكة إحدى قطع هذه الطائرة.

ولفت إلى أن السعودية لديها خبرات في المجال الجوي "لا نستطيع أن نقول عنها إنها ممتازة أو جيدة"، لكنها مهمة في مجال تجميع الطائرات المسيرة، مع امتلاكها خبرات أجنبية من خلال شراكات مع دول أخرى.

وأكد أيوب أن امتلاك الخبرات لا يأتي فجأة، بل من خلال التراكم، مضيفاً: "إذا أرادت الدول أن تتطور فيجب أن ترسل بعثات أمنية للعمل على إيجاد علماء في هذا المجال، إضافة إلى الشراكات، وهذا يصل شيئاً فشيئاً إلى التصنيع".

التصنيع الجوي، وفق أيوب، له خصوصية ويحتاج إلى مختبرات فائقة الدقة، وخاصة الأنفاق الهوائية وصناعة محركات طيران، التي لا تزال العديد من الدول المتطورة في الصناعات العسكرية لا تمتلكها.

وبناء عليه يرى أن السعودية من الممكن خلال عقد أو أكثر أن تكون منتجاً للسلاح الجوي، وذلك من خلال تسخير قدراتها المالية في هذا المجال.

وبالعودة إلى طائرة "تيمبيست" لا يستبعد أيوب امتلاك السعودية، بالإضافة إلى المال، للمشاركة في المشروع، علماء سعوديين يمكن أن يقدموا لمسات إضافية للمشروع.