عبداللطيف بن نخي- الراي الكويتية-
أسأل الله الرحمة لشهداء الجريمة الإرهابية التي استهدفت مُعزي آل بيت المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم- أثناء خروجهم من حسينية الحيدرية الواقعة في مدينة سيهات التابعة لمحافظة القطيف شرق السعودية، كما أدعو الله أن يمن على المصابين بالشفاء العاجل وعلى ذوي الضحايا بالصبر والسلوان ... إنه سبحانه سميع مجيب الدعاء.
الهجوم الإرهابي على المُعزين في السعودية يحمل رسالة ضمنية إلى وزارات الداخلية الخليجية، وأخص منها الكويتية، وأنا لست خبيراً أمنياً، لكنني أتمنى أن تستعين الأجهزة الأمنية بقناصيها لحماية المُعزين من هجمات إرهابية مماثلة لتلك التي ارتكبت في سيهات. آمل أن تعلن الداخلية عن تمركز قناصين في مواقع تطل على الساحات المحيطة بمجالس العزاء الحسيني.
الشواهد تشير إلى وجود تدابير أمنية مشددة حول الحسينيات، ولكنني لا أعلم أن تمت مراجعة تلك الإجراءات، للتحقق من صلاحيتها، من قبل جهة استشارية مستقلة، وليس هناك ما يمنع أن يتم تقييم الإجراءات من قبل مؤسسة حكومية عسكرية منفصلة عن وزارة الداخلية كوزارة الدفاع أو الحرس الوطني. للأسف، الأحداث الأخيرة تؤكد بأن الداخلية محصنة من أي استجواب برلماني، ولكنني متفائل بأن الحس الإنساني الوطنى لدى منتسبيها سيدفعهم إلى تبني منهجية علمية لتشخيص ومعالجة الثغرات واستحداث وتطبيق إجراءات لضمان التطوير المستمر لخططهم الأمنية خلال موسم «عاشوراء».
من جهة أخرى أطالب الكوادر المتطوعة في الحسينيات الكويتية بتحسين منهجيتها في التنسيق مع جهاز الداخلية المكلف بحماية الحسينيات. وقد تكون أول تلك الإجراءات تصحيح عملية اختيار من يمثلونهم أمام الفريق الحكومي الأمني. ولكونه مرتبطاً بسلامة المُعزين والمتطوعين لخدمتهم والمكلفين بحمايتهم، يفترض أن يتم اختيار الممثلين وفق معايير الكفاءة الشخصية في أداء الدور المطلوب منهم، وبعيداً عن الموازين الاجتماعية.
النائب عن الكادر أمام الطرف الحكومي يجب أن تكون شخصيته سوية خالية من الشوائب الطائفية، فيعمل على مواجهة الإرهابي بصفته العدائية بعيداً عن الانتماءات المذهبية للإرهابي أو لمن يستهدفهم.
جزء كبير من المخاطر المحيطة هذ الأيام بالمُعزين سببه الاختلال النفسي الطائفي الذي يعاني منه بعض النواب، ولا أقصد هنا فقط النواب المتطرفين ضد الطوائف الأخرى، بل أيضا الذين يتصدون للتطرف فقط عندما يصدر ممن ينتمي لطائفتهم ضد الطوائف الأخرى، ويتغافلون عن التطرف إن كان في الجهات المعاكسة. فتجدهم يتهربون من محاسبة الحكومة لتقاعسها عن ملاحقة دكتور أكاديمي أعلن عن رغبته في نحر عشرة أشخاص من طائفتهم. وكذلك يسارعون في مواجهة وزارة الداخلية بشأن ادعاءات تعذيب معتقلين إن كانوا من الطوائف الأخرى، ولكنهم يعتذرون عن متابعة ذات الاتهام إن كان الشاكي من طائفتهم. فمواقفهم تحدد بعد تصنيف أفراد المجتمع، جناة كانوا أم ضحايا، إلى طوائف مذهبية عوضاً عن تبني المبدأ الإنساني الدستوري الذي يفرض تطبيق القانون على الجميع دون تمييز فئوي.
وكذلك أنصح أعضاء الكادر أن يزكوا الشخص القوي القادر على التعامل مع ما قد يظهر له من أوجه تقصير أو إخفاق أمني، على أن تكون قوته ذاتية وليست نابعة من قوة من يسند ظهره ويتحكم بأمره. فالنائب يفترض أن يجيد التعاون مع الفريق الأمني، وفي الوقت ذاته يكون قادراً على مواجهته إن فشل في واجباته، من دون التدقيق في شخوص أعضاء الفريق وفرصهم في المناصب المستقبلية. فمن الخطورة بمكان أن يمثلنا من يتقلب، في مواقفه أمام الداخلية، بين أسد وأرنب حسب فرص من يمثلها في مناصب مستقبلية عليا. هكذا نواب غالباً يتبعون سياسة الكر والفر، فتجدهم يكرون في تمجيدهم للأقطاب ويتحججون بالحكمة والعقل حين فرارهم من مسؤولياتهم الدستورية.
كما أوصي أفراد الكادر بأن يختاروا الأمين من بين المرشحين لتمثيلهم، لضمان التوافق بين وعود ومواقف من سينوب عنهم. النائب الأمين لا يقايض تمرير المخالفات الأمنية بالمناصب الوظيفية لأهله وجماعته ولا بالمناقصات التنفيعية لشركته ولا بالاستثناءات في الأمور السيادية ... فذمته ليست للبيع.
أقول للكوادر في الحسينيات، عليكم باختيار الإنسان السوي القوي الأمين ليمثلكم أمام الفريق الحكومي المسؤول عن الأمن، فالوضع حساس جداً والقضية ليست مرتبطة بكم وحدكم بل متعلقة بسلامة المُعزين واستمرارية الشعائر الحسينية... ابحثوا عمن تجتمع فيه تلك الخصال من بينكم، وزكوا المؤهلين من أمثال حمد الجوعان.