أسامة محمد- الخليج الجديد-
يقع صراع الرؤى في قلب المأزق الأمني لمنطقة الخليج حيث تبحث إيران عن فرض ما تراه صحيحا بعد الانسحاب الأمريكي من المنطقة، أما دول الخليج العربي فتريد من الولايات المتحدة أن تحافظ على التوازن مقابل القوة الإيرانية. وحل هذا المأزق لن يكون سهلا .
لكن الاتفاق النووي مع إيران يقدم فرصة جيدة لأخذ الخطوة الأولى نحو بناء نظام أمني جديد في الخليج، وهو ما قد يعمل على تحسين العلاقات بين إيران ودول الخليج ويقلل من الالتزام الأمريكي العسكري هناك.
الإطار المعماري للنظام الجديد
-مجلس التعاون الخليجي ركيزة أساسية من النظام القائم، ولا يشمل إيران والعراق، أو القوى الخارجية التي لها دور كبير في المنطقة. وعلاوة على ذلك، فإنه لا يوفر منبرا للحوار حول العديد من التحديات الأمنية أو لتخفيف حدة التوتر، وإدارة الأزمات، ومنع الصراع، وتحسين القدرة على التنبؤ.
-من شأن الحوار الأمني الإقليمي الجديد والشامل أن يكمل الاستراتيجية الإقليمية للولايات المتحدة لتحقيق التوازن مع إيران. و التكامل الإيراني مع الهياكل الإقليمية يمكن أن يخلق فرصا لخفض التوترات العربية الإيرانية في الخليج التي لا تزال تدفع الولايات المتحدة لتقديم التكلفة إذا واصلت طهران السلوك الذي يهدد المصالح الأمريكية الأساسية.
- من شأن نظام أمني أكثر استقرارا تقليل اعتماد الدولة الخليجية على الوجود العسكري الأمريكي وخلق توازن القوى في المنطقة أكثر ملاءمة لمصالح الولايات المتحدة.
توصيات لسياسة الولايات المتحدة
- يجب أن تعمل الولايات المتحدة في المنطقة على رفع أولوية إنشاء منتدى جديد متعدد الأطراف حول قضايا أمن الخليج ويضم دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة والصين، والاتحاد الأوروبي، الهند، إيران، العراق، اليابان، وروسيا.
-خلق شبكة غير رسمية تجمع بين خبراء وفنيين لمناقشة التحديات.
-يجب على الولايات المتحدة إطلاق حملة دبلوماسية للترويج للمنتدى في خريف عام 2015 .للحصول على توافق في الآراء بين المشاركين المحتملين على خطة لنقل هذه المبادرة إلى الأمام.
-على الرئيس الأمريكي أن يحدد رؤية الولايات المتحدة تجاه الخليج لوضوح من ناحية أمنية واقتصادية.
هذه الفكرة الأمنية ليست سابقة. ففي أفريقيا، وآسيا، وأمريكا اللاتينية، ظهرت منظمات الأمن الإقليمي مع أهداف مثل خفض التوترات وحل النزاعات، وإدارة الأزمات، ومنع الصراعات. ومع ذلك، وكان سجل هذه المنظمات غير متناسق.
في الشرق الأوسط، يوجد فشل صارخ على وجه الخصوص. جامعة الدول العربية تشمل جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مجردة من القدرة على منع الصراعات الحقيقية.
في الخليج، منتدى الأمن المتعدد الأطراف الوحيد في المنطقة هو مجلس التعاون الخليجي لكن يوجد به عدد من أوجه القصور. أولا، يبدو كما تم تكوينه حاليا، أن مجلس التعاون الخليجي هو تحالف فعلي جماعي ضد إيران. وأيضا يستبعد إيران والعراق، والقوى الخارجية التي لها مصلحة قوية في أمن المنطقة، مثل الصين والاتحاد الأوروبي، الهند، اليابان، روسيا، والولايات المتحدة.
ثانيا، لا توفر دول مجلس التعاون الخليجي مكان للأطراف لإدارة الأزمات وحل الصراعات، أو تنفيذ التدابير الرامية إلى تعزيز الاستقرار. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه لا يقدم آلية لمناقشة التهديدات خاصة تلك التي تأتي عبر الحدود
لذا يمكن فتح إطار جديد متعدد الأطراف يضم إيران ويكون أداة إضافية في استراتيجية الولايات المتحدة على نطاق أوسع من الحوافز والضغوط لمساعدة تأثير السلوك الإيراني. لكن الفوائد المباشرة لهذا الانفتاح يجب ألا يكون مبالغا فيه.
يبدو التدخل الإيراني الخطير في المنطقة مدفوعا بمزيج من الحماس الأيديولوجي والردع الاستراتيجي، والطائفية المحلية، والاعتقاد الراسخ بين كبار القادة أن الجمهورية الاسلامية ينبغي أن تظل الأمة التي لا غنى عنها في المنطقة.
ومن خلال الحوار عبر المنتدى الجديد بين دول الخليج وإيران يمكن أن يكون خطوة أولى هامة في تخفيف حدة التوتر والتأثير على النظرة الايرانية. وعلاوة على ذلك، يمكن لهذا المنتدى الجديد المتعدد الأطراف التوسع لحوار أكثر تنظيما في العراق وسوريا واليمن.
وفق هذا المشروع يوجد 6 دعائم لاستراتيجية الإدارة الأمريكية في الخليج :
أولا، يتعين على الولايات المتحدة أن تحافظ على حد أدنى من المشاركة الأساسية لتأمين مصالحها الجوهرية في المنطقة والحفاظ على هذه المشاركة على المدى الطويل مع الحد من التكاليف والمخاطر.
ثانيا، يجب على البلدان في منطقة الخليج تحمل المسؤولية الرئيسية عن الدفاع عن أنفسهم.
ثالثا، هناك العديد من التحديات التي تواجه الخليج عبر الحدود الوطنية، وبالتالي لا يمكن معالجتها إلا من خلال التعاون المتعدد الأطراف.
رابعا، تصاعد الضغوط الداخلية، بدلا من العدوان الإيراني المباشر، تمثل أكبر تحد طويل الأمد لاستقرار دول مجلس التعاون الخليجي. و ايران ساهمت بشكل غير مباشر بهذه التحديات الداخلية: عبر تدخلها في المنطقة، جنبا إلى جنب مع فشل الحكم العربي، وقامت بتغذية التطرف السني.
خامسا، تحتاج دول الخليج العربية لتنفيذ الإصلاحات الداخلية الهادفة إلى توفير الأمن أكثر استدامة لمواطنيها، والحد من جاذبية الأيديولوجيات المتطرفة، مما يقلل من فرص التدخل الإيراني ولكن على الولايات المتحدة تشجيع هذه الإصلاحات.
سادسا، يجب ألا تختار أمريكا أي من الجانبين في التنافس الطائفي والجغرافي السياسي بين إيران والمملكة العربية السعودية ولكن يجب أن تعمل بدلا من ذلك إلى إنشاء توازن جديد بين البلدين. خلق إطار عمل لأكثر إيجابية واستدامة الولايات المتحدة مع إيران مما يزيد من نفوذ الولايات المتحدة مع دول أخرى في المنطقة.
وتضرب الدراسة عدة أمثلة للمنظمات والمؤتمرات التي تقوم بدور امني وتعرض الفرق بينها وبين المنتدى المنشود في الخليج ومن هذه الأمثلة منظمة آسيان و مؤتمر مدريد وغيرها.
وفي تخيل المنتدى الأمني الجديد ينبغي ألا يكون صناع القرار في الولايات المتحدة تحت أية أوهام حول صعوبة التغلب على عقود من عدم الثقة المتأصلة في منطقة الخليج والتحيز إلى دول الخليج العربي بسبب العلاقات الأمنية الثنائية مع الولايات المتحدة .
وفي حديث التحديات فإن الكثير سيتوقف على ميزان القوى بين المتشددين والبراغماتيين في طهران، خاصة وحساب التفاضل والتكامل من خامنئي. فإن منتدى جديد يعتمد أيضا على السعوديين و النقد الطائفي اللاذع في وسائل الإعلام والتهديد الترويج ضد إيران.