شؤون خليجية -
تساؤلات كثيرة طرحتها حالة التناقضات التي تعيشها دولة الكويت، في ظل الظروف الداخلية التي تعاني منها البلاد، بسبب الخلايا الإرهابية والتفجيرات التي وقعت خلال الفترة الماضية، إضافة إلى الأوضاع الإقليمية المتوترة خاصة مع إيران، ففي الوقت الذي أعرب فيه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، اليوم الخميس، عن اطمئنانه وتفاؤله وثقته بشأن الأوضاع المحلية والإقليمية، مؤكدًا أن لا شيء يدعو إلى القلق بشأن الكويت، وأنها "لا تزال دولة أمن وأمان"، طلبت الحكومة من مجلس الأمة اعتماد ميزانية استثنائية، يتم سحبها من الاحتياطي العام للدولة بمبلغ 6.2 بليون دينار (20.3 بليون دولار) من الاحتياط العام، لدعم تسليح القوات المسلحة لمدة 10 سنوات.
كما تساءل اقتصاديون عن أسباب توقيت طلب الحكومة في ظل تضاعف النفقات العامة للدولة 5 مرات في أقل من 15 سنة، وانخفاض أسعار النفط بنحو 50 في المئة خلال عام، ومحاولات مستميتة للحفاظ على مستوى إنتاج النفط الذي انخفض بنحو 8.5 في المئة، وعجز في الميزانية، ودعوات للتقشف ورفع للدعم عن مشتقات النفط!
وتبرر الحكومة الكويتية الطلب بالتوتّر المستمر في المنطقة وحاجة القوات المسلّحة إلى التطوير وإدخال معدات عسكرية حديثة إلى الخدمة، وقال وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبدالله الصباح، لوكالة «رويترز»، أمس: إن الحكومة طلبت «موازنة تعزيزية لدعم التسلّح على مدى السنوات العشر المقبلة»، لكنه امتنع عن ذكر قيمة الطلب مكتفياً بالقول: «تم إرسال مرسوم بقانون بطلب اعتماد موازنة تعزيزية للتسلّح».
صفقات مع إيطاليا
كشفت مصادر أن جزءاً مهماً من هذه الموازنة الاستثنائية التي أرسلت للمجلس في شكل «مشروع قانون بالإذن للحكومة في سحب المبلغ من الاحتياط العام، مع إعطائه صفة الاستعجال وفقاً لنص المادتين 97 و181 من اللائحة الداخلية للمجلس»، سيُخصص لصفقة مقاتلات «يوروفايتر»، التي تتباحث الكويت مع إيطاليا لشرائها بمبلغ قدّر بنحو تسعة بلايين دولار، للحصول على 28 مقاتلة من هذا النوع، مع معدات الصيانة وتكاليف التدريب. وإيطاليا هي إحدى الدول الأربع المشاركة في مشروع إنتاج هذه الطائرة مع كل من بريطانيا وألمانيا وإسبانيا.
وأثار اختيار إيطاليا بدلاً من بريطانيا، لتكون طرف التعاقد على الصفقة، شكوكاً واتهامات «لأن روما أقل من لندن في شروط وضوابط العقود ومتطلّبات مكافحة الفساد».
كما تتفاوض الكويت مع الحكومة الأميركية على شراء 28 طائرة مقاتلة من طراز إف/إيه-18إي/إف، التي تنتجها شركة بوينج هذا العام في صفقة قيمتها ثلاثة مليارات دولار، وإن كانت الصفقة تعطلت بسبب تأخيرات في الإجراءات التنظيمية الأمريكية.
انتقادات لخطط وزارة الدفاع
انتقد تقرير لمكتب «الشال» الاقتصادي، خطط الصرف الدفاعي الحكومية، وقال إن الحكومة «تعرف ونحن جميعاً نعرف، أنه لا نفع من هذه الطائرات ولا فائدة منها، وستتبعها تكاليف إضافية، ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بأهداف خطة التنمية، والواقع أنها تناقض أهداف تلك الخطة».
وتابع: «في بلد تضاعفت نفقاته العامة 5 مرات في أقل من 15 سنة، وانخفضت أسعار نفطه بنحو 50 في المئة خلال عام، ويقاتل ليحافظ على مستوى إنتاج نفطه الذي انخفض بنحو 8.5 في المئة، لا بد من أن تعرف إدارته العامة أن استدامته تعتمد على حنكتها المتفوّقة في اجتناب أخطار مالية حقيقية على استقراره وأمنه».
ورأى «أن مثل هذه الصفقات ستضع صدقية الإدارة العامة في الحضيض، فهي من جانب ستعجز عن تسويق أي سياسة تقشف مستحقة، ولا يمكن لصفقة ضخمة وغير نافعة سوى أن تندرج تحت قائمة الفساد».
وسجلت ميزانية الكويت العضو في منظمة أوبك، عجزاً فعلياً قدره 2.721 مليار دينار كويتي، في السنة المالية 2014-2015 المنتهية، في 31 مارس الماضي، وهو الأول منذ 1998– 1999.
وأقرت الحكومة ميزانية تقشفية للسنة المالية الحالية تتضمن مصروفات أقل بنسبة 17.8 % عما هو مقرر في السنة المالية السابقة، بسبب الهبوط المستمر لأسعار النفط، وتستقطع الكويت نسبة لا تقل عن 10 % سنوياً من إيراداتها لاحتياطي الأجيال القادمة.
وتشهد دول الخليج بشكل عام سباقًا في التسلح نظرًا للتوترات بالمنطقة في سوريا والعراق واليمن، إلى جانب تعاظم الخطر الإيراني.
لا موجب للقلق
في تناقض لطلب الحكومة، نقلت صحيفة (القبس) الكويتية، اليوم الخميس، عن أمير البلاد تأكيده بشأن الأوضاع الداخلية، أنه لا موجب للقلق "فالكويت لا تزال دولة أمن وأمان وكل الأولويات الأساسية متوفرة". وتحدث باعتزاز عن طيب العيش في الكويت وتوفر مستلزمات الحياة، مشيرًا إلى أن الحكومة تدفع أكثر من أربعة مليارات للدعم، وأضاف: "لدينا كثير من المشاريع التنموية التي ستنجز وسترى النور قريبًا".
وبشأن الوضع الإقليمي شدد على أن لا شيء يدعو إلى القلق "فنحن دولة مسالمة ليس لدينا أطماع أو سياسات عدوانية، ولدينا ثقة بأن المحيط بنا من دول يقدر ويحترم رغبتنا في السلام والاطمئنان، لهذا فإن الوضع مطمئن"، رغم استدراكه أن هناك بعضًا من التدخلات من قبل بعض الدول في شؤوننا، متمنيا أن يكف مثل هذا التدخل، وأن يعنى كل طرف بشأنه.
وبالنسبة لما يشاع عن الخطر الإيراني والتهديدات الإيرانية لدول الخليج، حرص الأمير جابر الصباح على التأكيد أنه شخصيًا لديه قناعة بأن القيادة الإيرانية ستتفهم المصالح الكويتية والخليجية، وستحافظ على أمن المنطقة بقدر محافظتها على مصالحها الخاصة، ولهذا فهو مطمئن لسلامة الأوضاع.
وقد سبق وأن حذر الشيخ صباح الأحمد من إن إيرادات الدولة انخفضت 60 %، بسبب هبوط أسعار النفط، في الوقت الذي بقي فيه الإنفاق العام على حاله بدون أي تخفيض يتناسب مع انخفاض سعر النفط"، مؤكداً أن "هذا الوضع ولد عجزًا في ميزانية الدولة، يثقل كاهلها ويحد من طموحاتنا التنموية."
ودعا الأمير في كلمة ألقاها في افتتاح الدورة الجديدة لمجلس الأمة الكويتي في نهاية أكتوبر الماضي، إلى اتخاذ "خطوات عاجلة" من أجل استكمال جهود الإصلاح الاقتصادي وتخفيض الإنفاق العام والتصدي للفساد. وأضاف: "لابد من المسارعة إلى مباشرة إجراءات جادة وعاجلة لاستكمال جهود الإصلاح الاقتصادي، وإنجاز أهدافه، تستهدف ترشيد وتخفيض الإنفاق العام، والتصدي على نحو فعال لمظاهر الفساد وأسبابه، ومعالجة الاختلالات التي تشوب اقتصادنا الوطني". وأكد: "أن التأخير يزيد العجز تراكمًا والواضع تفاقماً، مما يتطلب جهوداً أكبر وكلفة أعلى في المستقبل."