دويتش فيلله- ترجمة وتحرير الخليج الجديد-

يتصاعد الصراع في سوريا مرة أخرى. ومحادثات السلام التي كانت قد بدأت للتو سرعان ما عادت إلى الرف. يأتي ذلك في الوقت الذي ترغب فيه المملكة العربية السعودية في إظهار عزمها كقوة إقليمية. وقد قال العميد «أحمد عسيري»، مستشار وزير الدفاع ونائب ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان آل سعود»، إن بلاده على استعداد لنشر قوات برية في سوريا لمكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية» في حال قرر التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ذلك.

ولطالما اتهمت المملكة العربية السعودية بتصدير الأفكار المتشددة إلى جميع أنحاء العالم، وعدم اتخاذ إجراءات كافية ضد مواطنيها الذين يدعمون تنظيم «الدولة الإسلامية» ماليا. الآن، فإن المملكة العربية السعودية تبدي استعدادها لنشر جنود لخوض حرب برية ضد التنظيم. هل كانت الولايات المتحدة وأوربا تنتظران ضغوطا من قبل دولة إسلامية من أجل مكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية»؟

الجواب هو نعم، ولكن ليس بمثل هذا الشكل تماما. واحد من الأهداف الرئيسية التي أعلنها تنظيم «الدولة الإسلامية» هو الإطاحة بالنظام الملكي في المملكة العربية السعودية. لكن المسؤولين في الرياض يرون أن الأقلية الشيعية في بلادهم تمثل خطرا أكثر احتمالا، إضافة إلى القوى الإقليمية الشيعة الكبرى في المنطقة، والتي تقوم جنبا إلى جنب بتوفير الدعم لصالح نظام الرئيس «بشار الأسد» في سوريا. بشكل مباشر أو غير مباشر، فإن الدول الثلاث، المملكة العربية السعودية من جهة، وروسيا وإيران على الجهة الأخرى، كلها تشارك عسكريا في النزاع السوري لبعض الوقت الآن. لا تدعم المملكة العربية السعودية تنظيم «الدولة الإسلامية»، لكنها ربما تقوم بتقديم الدعم لبعض المجموعات التي قد تتبنى قيما مشابهة لتلك التي يتبناها التنظيم.

رفض المسؤولون الأمريكيون في البداية التعليق على العرض المقدم من المملكة العربية السعودية. لا توجد دولة تريد نشر قوات برية في سوريا. مع وجود تفجيرات النظام والغارات الجوية الروسية والهجمات المحتملة من قبل تنظيم «الدولة الإسلامية»، فإن تردد أي بلد في إرسال المزيد من القوات إلى هذا الصراع يبدو أمرا مفهوما. وقد أصبح الجيش السعودي مشتبكا بشكل يائس في الحرب بالوكالة الدائرة في اليمن. ونظرا لكثرة القوات التي تعمل على الأرض في سوريا، فإن إرسال قوات سعودية من شأنه أن يجعل الأمور أكثر خطورة، خاصة وأنه سوف يتم التعامل معها كطرف محارب من قبل كل من النظام وروسيا وطهران.

على جانب آخر، فإن البلاد تواجه أوضاعا اقتصادية أكثر صعوبة في الداخل. وفي ذات الوقت فإنها تشاهد إيران وهي تحقق نجاحات دبلوماسية على الساحة الدولية. وفي ظل هذه الظروف، فإن المملكة يبدو أنها قررت ألا تكتفي بتقديم نفسها على أنها شريك موثوق ووسيط قوي في الحرب الأهلية في سوريا، في الوقت الذي تميل فيه بقوة وبشكل خطير نحو المغامرة العسكرية. وأفادت وكالة المخابرات الخارجية الألمانية مؤخرا أن القيادة السعودية الحالية قد أثبتت وجود اتجاه نحو «سياسة تدخل متهورة».

وخلال جولته الأخيرة في الشرق الأوسط، اكتشفت وزير الخارجية الألماني «فرانك فالتر شتاينماي»، أن المسؤوليين السعوديين لم يظهروا رغبة تذكر في المساومة أو تقديم تنازلات مثل نظرائهم في إيران حين يتعلق الأمر بالصراعات الخطيرة.  ويجري حاليا اختبار العلاقات، الجيدة تقليديا، بين الدول الأوروبية والمملكة العربية السعودية من قبل زاوية أعمق من قضايا حقوق الإنسان في هذه المرة.