قتادة الطائي - الخليج أونلاين-
حزب الله وقادته ومنظماته، أصبح أخيراً "منظمة إرهابية" في عين دول الخليج ممثلة بمجلس التعاون، التي تتهم الحزب بأنه جنّد شباب دولها للقيام بالأعمال الإرهابية، وتهريب المتفجرات وإثارة الفتن، تطوّر سبقه تصعيد في كشف فضائح تدخلاته في اليمن وتذكير العالم بما يقترفه في سوريا ولبنان، وتبقى عملياته في الخليج هي أكثر ما يقلق مستقبل العلاقة، وذلك بالنظر قليلاً للماضي البعيد والقريب، وهو ما أكدت عليه دول الخليج ونجحت بدفع وزراء الداخلية العرب عدا العراق ولبنان، لاعتباره "منظمة إرهابية".
ومع استمرار الملاحقات الأمنية الميدانية ضده منذ سنين في الخليج، لقطع أي محاولة لزعزعة الأمن من قبل أطراف مدعومة من إيران وعادة ما يدير حزب الله أعمالها في المنطقة، تبدو الملاحقة الإلكترونية ضرورة في ظل تأثير وسائل الاتصال الحديثة في غزو العقول ومحاولة استغلال الطائفة لتجنيد عناصر من مواطني بلدان متعددة.
وقد كان للخليج تجربة مماثلة في مواجهة تنظيم "الدولة" مؤخراً، الذي تؤكد تقارير قيامه بتجنيد الآف الخليجيين ممن يقاتلون في صفوفه بالعراق وسوريا، أو ينفذون عمليات في بلدانهم بأمر من قادتهم بالتنظيم، عبر تجنيدهم وفق ما عرف بمصطلح "الذئاب المنفردة".
اتخذ الخليج وبالأخص السعودية، عدة إجراءات لمنع التواصل بين التنظيم ومواطنين بالخليج، فيما قامت دولة الكويت بإطلاق "جيش إلكتروني" لمواجهة انتشار الفكر المتطرف، وقطع الصلات مع جهات خارجية تهدد أمن الدولة، خصوصاً بعد تكرار عدة عمليات زعزعت أمن البلاد، كتفجير مسجد الصادق، والقبض على خلايا إرهابية نائمة، والكشف عن مخازن بأطنان من الأسلحة ثبت تورط عناصر من حزب الله وإيران.
وفي السعودية، تبنت حملة "السكينة" استراتيجية إلكترونية توعوية للحيلولة دون نشر أفكار الترويج للعنف، أو التحريض عليه في المجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية. وفي تقرير الشفافية الأخير لها، الذي شمل الفترة من 1 يناير/ كانون الثاني حتى 30 يونيو/ حزيران 2015، أكدت "تويتر"، أنها ساعدت السعودية بالحصول على بيانات عشرات المستخدمين المطلوبين أمنياً لديها، لتتصدر المملكة دول مجلس التعاون الخليجية خاصة، والعالم العربي عموماً، بطلبات الكشف عن هوية المغردين، وقدمت طلبات للحصول على بيانات 93 مغرداً، استجابت "تويتر" لـ63% منها، وقدمت للسلطات السعودية معلومات عن 65 مستخدماً، وهو ما ينتظر استخدامه في الأيام القادمة ضد المتهجمين عليها الموالين لحزب الله.
وفي المعركة الإلكترونية المرتقبة بين دول الخليج وحزب الله، لا بد من التذكير بقدرات الداعم الرئيسي ومصدر تمويل الحزب، إيران، التي تتمتع بقدرات متقدمة في هذا المجال، من خلال إعلامها الناطق بالعربية، بالإضافة إلى وسائل "لا مهنية"، عبر تجنيد قراصنة محترفين، وعزز من صحة خطوات التجنيد، ما قاله العضو السابق في الحرس الثوري الإيراني محسن سازيغارا، من أن النظام الإيراني يدفع نحو 10 آلاف دولار شهرياً لهؤلاء.
ولقراصنة إيرانيين، تجارب في القرصنة على مصالح سعودية عدة، مثل اختراق مواقع وكالة الأنباء السعودية، وشركة أرامكو، وصحيفة الحياة، التي شن مخترقون في 13 أبريل/ نيسان 2015، هجوماً إلكترونياً أدى إلى تعطل الموقع، لينشروا صورةً دلت على علاقة مباشرة لحزب الله في الأمر، وهي صورة زعيم الحزب حسن نصر الله، بخلفية سوداء، تضمنت رسالة باللغة الإنجليزية موجهة إلى السعودية، وفي الأعلى "علم السعودية"، وكُتب باللغة العربية: "بكلمتين، جهزوا ملاجئكم"، كما ظهر شعار مليشيات الحوثي.
وكان أستاذ الإعلام السياسي بجامعة الملك سعود، الدكتور محمد البشر، قد أكد في وقت سابق لـ"الخليج أونلاين"، "وجود جيش من الإيرانيين المستعربين أو من العرب الذين يشنون هجمات إلكترونية على السعودية ودول الخليج، حيث تقوم إيران بالإنفاق عليهم وتمويلهم، سواء كان هؤلاء في لبنان أو اليمن أو في مناطق أخرى".
من جهتها، تعمل السعودية على مواجهة الإعلام الذي تدعمه إيران ويخدم أذرعها في المنطقة، بالإعلام الموجه باللغة الفارسية إضافة لما تبثة بالعربية ولغات أخرى، حيث أصدرت منذ عام 2013 النسخة الفارسية من صحيفة الشرق الأوسط في عددها على الإنترنت، وأطلقت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) نسخة فارسية أيضاً، وهي في طريقها لإطلاق فضائية فارسية.
ولأن التشويه الإيراني للحقائق لم يكن حديثاً، فقد قامت السعودية في وقت سابق، بحظر مواقع كل من وكالة أنباء فارس قبل أشهر في المملكة، وموقع قناة المنار التابعة لحزب الله، لتساهم لاحقاً بطرد واستبعاد ما تسمى المجموعة اللبنانية للإعلام "قناة المنار" و"إذاعة النور" من عضوية اتحاد الإذاعات العربية وبإجماع أعضائه، معتبرة أنها بعيدة عن الذكاء الإعلامي تجاه المملكة العربية السعودية والدول الأعضاء العاملين.
من جهتها، اخترقت جماعة من القراصنة الإلكترونيين السعوديين، موقع وكالة أنباء "فارس" الإيرانية، في أبريل/ نيسان الماضي، ومنعت إمكانية تصفح الموقع، وذلك تزامناً مع العمليات في اليمن التي يحاربها إعلامياً قنوات إيران وحزب الله، فيما دعم الأخير إنشاء قنوات يمنية بإدارة خبرائه.
وينتظر أن تشدد دول الخليج والسعودية بشكل خاص، على رقابة وسائل التواصل الاجتماعي، لبيان من يؤيد حزب الله بعد أن صنفه مجلس التعاون رسمياً كـ "منظمة إرهابية"، فسهولة تجنيد مثل هؤلاء المؤيدين تبدو هدفاً للحزب خلال الفترة القادمة، فيما ستمون وسائل القرصنة متوقعة ضد الحسابات المسيئة.