ياسين السليمان - الخليج أونلاين-
بدأت سياسة دول مجلس التعاون الخليجي تأخذ منحى أكثر جدية في مواجهات المنظمات المدعومة من إيران، المتهمة بممارسة الإرهاب، واستخدامه وسيلة للهيمنة والتسلط، مثل مليشيات الحوثي وحزب الله والحشد الشعبي في العراق والفصائل التابعة لها التي تقاتل إلى جانب نظام الأسد في سوريا.
الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف الزياني، أعلن الأربعاء 2 مارس/ آذار، أن دول مجلس التعاون تعتبر حزب الله بكل قادته والتنظيمات التابعة له والمنبثقة عنه منظمات إرهابية، مؤكداً أن الحزب "جنّد شباب دول الخليج للقيام بالأعمال الإرهابية، وتهريب المتفجرات وإثارة الفتن".
وبعد تزايد خطر مليشيات الحوثي في اليمن وتهديدهم الأمن القومي الخليجي، أطلقت دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية عملية "عاصفة الحزم" لإعادة الشرعية من قبضة مليشيات الحوثي، التي تمولها إيران، عقب انقلابها على الشرعية في اليمن وسيطرتها على العاصمة صنعاء.
واليوم، وبعد نحو عام من إطلاق "عاصفة الحزم"، لم تقف الرياض التي تقود التحالف العسكري العربي عند محاربة الحوثيين في اليمن فحسب، بل صعّدت من مواقفها ضد نفوذ إيران وحلفائها في المنطقة، وعقب قطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران، أعلنت أن "حزب الله" والمنظمات والشخصيات والممولين والشركات التابعة له تندرج ضمن قائمة "الإرهاب"، على خلفية تورطه في أعمال وتفجيرات إرهابية في دول التعاون منها الرياض والكويت وقبلها المنامة.
وبحسب مراقبين، فإن دول الخليج تنظر إلى خطر "حزب الله" في المنطقة على أنه يُشكل تهديداً للأمن القومي لكل دول الشرق الأوسط، ولا يقل خطورة عن تنظيم "الدولة" ومليشيات الحوثي، التي ما تزال تنتهك حدود المملكة من جهة اليمن، في حين يرى محللون أن ضم دول التعاون الحزب ضمن قائمة المنظمات "الإرهابية" قد يكون بداية لضرب "رأس الأفعى" في لبنان تمهيداً لطي صفحة نظام الأسد مستقبلاً.
وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، يؤكد على استمرار وجود خطة بديلة لجعل سوريا بلا بشار، وضرورة أن يخرج الأسد من الحكم، سلمياً أو بشكل عسكري، مكرراً تأكيد أنه لا مكان له في سوريا الجديدة، وفي حال لم تكن هناك جدية من النظام وحلفائه فهناك خطة بديلة لـسوريا بدون الأسد، ملمحاً بأن بلاده تنتظر قرار التحالف الدولي بإرسال قوات برية إلى سوريا.
ويأتي تصعيد دول الخليج ضد حزب الله، في وقت قال فيه رئيس مجلس الوزراء الكويتي، الشيخ جابر المبارك الصباح، الأسبوع الماضي إن هناك اتجاهاً آخذ في التبلور لعمل عربي إسلامي مشترك يعزز الاستقرار في المنطقة، ويمنع امتداد التوتر والتهديد إلى مناطق جديدة، مضيفاً: "كلنا على ثقة في الدور الذي تلعبه السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز".
وفي الوقت الذي أعلنت دول التعاون إدراج الحزب ضمن المنظمات الإرهابية، تمهد المملكة العربية السعودية وتركيا وبالتعاون مع حلف شمال الأطلسي "الناتو" إلى إرسال قوات برية خاصة في سوريا لإخراج الأسد من السلطة في حال فشلت مفاضات جنيف التي يسعى المجتمع الدولي من خلالها إلى إنهاء مستقبل الأسد بعملية سياسية سلمية، إلا أن الرياض وأنقرة ترى أن "حزب الله" يُشكل بمقاتليه الناشطين في سوريا يداً ضاربة للأسد، يتلقى من خلالها دعماً أكبر من إيران.
الدكتور ظافر محمد العجمي، المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج، يرى أن الحشد الشعبي في العراق لن يتردد في خلق عدو جديد حين تتشتت جحافل داعش، فقد امتص الحشد بشكل مبالغ فيه الخصائص الجينية لحزب الله اللبناني، مما يعني أنه سيولد ظروفاً جديدة لبقائه مثل الحزب اللبناني ولن يلقي البندقية، بل إن أصواتاً قد بدأت فعلياً منذ الآن معتبرة نفسها في "جهاد مقدس" غير خاضع للسياسة.
ومن هذا المنطلق، فإن المملكة العربية السعودية ترى أن المليشيات التابعة لإيران سواء كانت في العراق أو لبنان أو سوريا هي هدفها واحد، وهو إعطاء مزيد من الزخم والتغول الإيراني في المنطقة لتصدير ثورتها المزعومة، لا سيما أن طهران بدأت الأسبوع الماضي، بالتزامن مع انطلاق تمرينات "رعد الشمال" بتحشيد قوات تابعة للحرس الثوري الإيراني في قضاء النخيب الواقع على الحدود العراقية السعودية والمحاذية لمواقع تمرينات التحالف الإسلامي العسكري، الأمر الذي قد يُشكل خطوة نحو التصعيد ضد أمن الرياض من جهة الحدود العراقية.
وأوقفت الرياض مساعداتها المقررة لتسليح الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي البالغة 4 مليارات دولار الشهر الماضي، حيث جاء قرار الرياض بعد "مراجعة شاملة" لعلاقاتها مع لبنان وفقاً لمواقف بيروت الأخيرة من المملكة التي وصفتها بـ"المؤسفة وغير مبررة"، و"لا تنسجم مع العلاقات الأخوية بين البلدين"، وجاء على خلفية "المواقف السياسية والإعلامية التي يقودها حزب الله ضد المملكة، وما يمارسه من إرهاب بحق الأمة العربية والإسلامية".
ويرى مراقبون أن المملكة العربية السعودية التي فاجأت الرأي العام العالمي بإعلانها "عاصفة الحزم" بعد منتصف الليل من واشنطن، وإعلانها تشكيل التحالف العسكري الإسلامي بقيادة الرياض، الذي يضم أكثر من 34، ربما تفاجئ الرأي العام مجدداً بدخول قواتها تحت مظلة التحالف الإسلامي برياً إلى سوريا وضرب رأس الأفعى "حزب الله" في عقر داره، بعدما تسبب، بالإضافة إلى نظام الأسد، في قتل أكثر من 300 ألف سوري، لتقطع أوصال نظام الأسد تمهيداً لمرحلة سوريا ما بعد بشار الأسد.