"اليمن المعذب" بمستقبل غامض ولم يعد سعيدا فجهود أكثر من عام كامل للتحالف العربي بقيادة الرياض والمقاومة الشعبية تدهسها مراوغات الخداع الاستراتيجي للانقلابيين من جماعة الحوثي وصالح، وتريد جماعة الحوثي تسلم السلطة قبل تسليم السلاح لتحظى بشرعية إضافية بعد شرعنة وضعها عبر بوابة الأمم المتحدة والمفاوضات، بينما تجري مؤامرات لترسيخ الانفصال بالجنوب، واستئصال الإسلاميين باليمن، وتأجيج الصراع مع تنظميات إرهابية الأمر الذي يفكك ويجهض الهدف الذي من أجله جاءت عاصفة الحزم ثم إعادة الأمل، ويهدد بابتلاع الحوثي وصالح للدولة اليمنية وشرعنة مواقفهم بحسب مراقبين.
تقديم تنازلات
طالبت الأمم المتحدة، أمس الأحد، الأطراف اليمنية المتحاورة في الكويت، بتقديم تنازلات للتوصل إلى حل سلمي لإنهاء الأزمة في اليمن الغارق في الحرب منذ أكثر من 13 شهراً.وقال مبعوث الأمم المتحدة لليمن إسماعيل ولد شيخ أحمد في مؤتمر صحفي عقده في الكويت مساء أمس: "لا بد من تقديم تنازلات للتوصل إلى حل سلمي لإنهاء الأزمة اليمنية، وفرصة التوصل إلى هذا الحل باتت قريبة."
وأضاف: "على الأطراف اليمنية عدم تفويت هذه الفرصة وان تحكم ضمائرها وتغلب المصلحة العامة لإنقاذ اليمن، فمحكمة التاريخ لن ترحم والسلام خيار الشجعان." بحسب قوله.
لا ضمانات
وذكر أن الأمم المتحدة وضعت في مشاورات السلام اليمنية هيكلية عملية ضمن إطار استراتيجي لحفظ الأمن وإعادة اليمن إلى عملية الانتقال السياسي السلمي، مشيراً إلى أن «هناك اتفاقا على نقاط محددة.. ولا شك في أن التطبيق يتطلب الكثير من التمعن والتخطيط وتبقى الضمانات هي سيدة الموقف». ولفت إلى أنه اطلع المجتمع الدولي على التصور العام للمرحلة المقبلة في اليمن، وأن هذا التصور «حظي بدعم كبير».
سلطة بلا انسحاب ولا تسليم أسلحة؟
فيما لم تحرز جلسة النقاش تقدما يذكر مع إصرار الوفد الانقلابي على تشكيل سلطة انتقالية توافقية قبل البدء بسحب الميليشيات من المدن وتسليم الأسلحة الثقيلة. برغم انحياز الأمم المتحدة الواضح للانقلابيين، اتهم الانقلابيون المبعوث الأممي بالانحياز إلى جانب الوفد الحكومي، بحسب وكالة «سبأ» الحكومية التي يديرها المتمردون الحوثيون في صنعاء.
من جهته نفى الوفد الحكومي المشارك في محادثات الكويت، أمس الأحد، حدوث أي توافق مع وفد المليشيا الانقلابية لتشكيل حكومة توافقية. وقال مصدر مسؤول في الوفد الحكومي: "إن هذه التسريبات ليست إلا محاولة من الانقلابيين لمغالطة الرأي العام وتضليله والهروب من الاستحقاقات المطلوب تنفيذها لإحلال السلام في اليمن."
الحوثي تريد ابتلاع الدولة
في لقاء نائب رئيس الوزراء اليمني وزير الخارجية رئيس الوفد الحكومي في مشاورات الكويت عبدالملك المخلافي النائب الأول لرئيس الوزراء الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، أكد المخلافي عدم حصول أي تقدم يذكر وأشار إلى أن استراتيجية الانقلابيين هي عدم تسليم السلاح ولا التقدم في المشاورات. وقال «ما حصل في اليمن ليس مجرد انقلاب على السلطة الشرعية لكنه انقلاب على الدولة والمؤسسات، فالمليشيا الانقلابية تريد تقاسم السلطة ونحن نريد استعادة الدولة والمؤسسات وبعدها يمكن الحديث عن تقاسم في السلطة».
وكان رئيس الوفد الرسمي، عبدالملك المخلافي، قد كتب في وقت سابق على صفحته بـ"تويتر": "يجب أن يتوقف العبث بجهاز الدولة وحوثنة الوظيفة العامة، والتوقف عن ممارسة سلطة الدولة من قبل الانقلابيين وإصدار قرارات غير شرعية."
وانطلقت تحذيرات من أن "الحالة الاقتصادية للبلد تقترب من حافة الانهيار؛ بسبب السياسات الاقتصادية المدمرة التي تنتهجها المليشيات في إدارة الدولة، عبر نهب الموارد العامة، وتعطيل حركة الاقتصاد، وطرد رأس المال الوطني، وسياسات السوق السوداء".
شبح انفصال جنوب اليمن
الحوثي تريد ابتلاع الدولة ابتلاع آخر يتهدد اليمن عبر شبح الانفصال، فقد أكد مصدر حكومي يمني، إن مدير أمن عدن شلال شايع، رفض أوامر الرئيس عبد ربه منصور هادي بالحضور إلى العاصمة السعودية الرياض لعقد لقاء بينهما، بعد الإجراءات التي اتخذها شلال في عدن وشملت ترحيل المئات من مواطني تعز ومحافظات شمالية أخرى.وقال المصدر لـ"عربي21" إن هادي أصدر أوامره لمحافظ عدن عيدروس الزبيدي، لإلغاء كافة الإجراءات المتخذة ضد المواطنين من تعز وغيرها من المدن الشمالية المتواجدين في عدن.
وأكد المصدر أن الرئيس حاول الاتصال بشايع المقرب من الإمارات، لكن مسؤولي الأمن في عدن أبلغوا هادي أن شايع أصيب بوعكة صحية وتوجه إلى أبو ظبي.
يشار إلى أن هادي عين محافظ عدن ومدير أمنها بطلب إماراتي، حيث يعتبر الرجلان من الشخصيات المقربة من أبو ظبي وولي عهدها محمد بن زايد.وكان الرئيس هادي قد عبر عن رفض الإجراءات التي اتخذت بحق أبناء تعز وغيرها من المدن الشمالية في عدن، واعتبرها فردية، مؤكدا أن تعز تبقى العمق لمدينة عدن.
هذه الإجراءات تمت بموافقة إماراتية، حيث تسيطر أبو ظبي بشكل كامل على عدن والمحافظات المجاورة لها، وتدير جميع المرافق الإدارية والعسكرية والأمنية في هذه المحافظات. ويشير المراقبون إلى أن هذه الإجراءات تتوافق مع تصريحات أطلقها مسؤولون وإعلاميون إماراتيون خلال الأشهر الماضية؛ عبروا خلالها عن "حق الجنوبيين بالتعبير عن أنفسهم"، إضافة لسماح الإمارات التي تسيطر فعليا على عدن بتسيير مليونية في المدينة تطالب بالانفصال عن الشمال.
جاءت الإجراءات التي اتخذتها السلطات في عدن بحق أبناء تعز ومدن شمالية أخرى، بعد أسابيع فقط من اجتماع حضره نائب الرئيس اليمني السابق علي سالم البيض، ورئيس الوزراء السابق حيدر أبو بكر العطاس، ومجموعة من القيادات الجنوبية في أبو ظبي، تركز البحث فيه على الخطوات التي يمكن أن تؤدي لانفصال الجنوب عن الشمال.
الرياض ما موقفها؟
بعض القيادات الجنوبية الساعية للانفصال أثارت القلق لدى بعض الأطراف والمراقبين السعوديين. وقد أكد مدير عام قناة العرب الدولي الإعلامي السعودي جمال خاشقجي، أن الرياض يجب أن تتدخل في جنوب اليمن لوقف ما أسماه "المغامرات التي يحاولها البعض"، مشيرا إلى أن هناك حاجة ملحة لتدخل سعودي على الأرض في الشطر الجنوبي من اليمن لحمايته من مغامرات "مستعجلة"، في إشارة على ما يبدو إلى تحركات بعض الجهات الجنوبية الساعية للانفصال.
محاربة الإسلاميين في اليمن
بينما تمارس جماعة الحوثي خداعا استراتيجيا لحصد مكاسب حذر مراقبون من انشغال الإمارات الشريك الرئيس للرياض ضمن التحالف العربي في اليمن بمحاربة حزب الإصلاح في اليمن، وشيطنته بما يصرف التحالف عن مهمته الأصلية، فقد واصل وزير دولة الإمارات للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، الجمعة الماضية، هجومه على إخوان اليمن، واتهمهم بالتحالف مع تنظيم القاعدة الذي كان يسيطر على مدينة المكلا كبرى مدن حضرموت، قبل العملية العسكرية الأخيرة التي شنتها وحدات من الجيش اليمني بإسناد بري وجوي من التحالف العربي الذي تقوده السعودية.
وكتب قرقاش تغريدة على حسابه بموقع "تويتر" يتهم فيها الإخوان المسلمين الممثلين بـ"حزب التجمع اليمني للإصلاح" بالتحالف مع القاعدة في حضرموت.وقال المسؤول الإماراتي: "في مدينة المكلا وجدنا أدلة حقيقية وملموسة عديدة للتعاون والتنسيق بين الإخوان المسلمين والقاعدة"، مضيفا أن قناعتهم واضحة بشأن "تحالف الانتهازية والإرهاب".
خطر التنظيمات الإرهابية
اليمن تكالب عليه خطر الحوثي والانفصال والإرهاب في تحالف واحد مريب فقد تبنى تنظيم داعش، الأحد، تفجيرا انتحاريا استهدف مركزا أمنيا بجنوب شرق اليمن وخلّف عددا كبيرا من الضحايا بين قتلى وجرحى، في عملية صنّفها مختصون بشؤون الجماعات المتشدّدة، ضمن محاولات التنظيم تركيز موطئ قدم له في اليمن، وإعلان وجوده هناك بشكل رسمي على أنقاض تنظيم القاعدة الذي تلقى منذ أسابيع ضربة قاصمة على يد قوات التحالف العربي التي تمكنت بعملية عسكرية سريعة وشاملة من إنهاء سيطرته على مدينة المكلا مركز محافظة حضرموت.
وبحسب هؤلاء فإن داعش الذي وجد إلى حدّ الآن صعوبة في التغلغل في اليمن يرى الفرصة مواتية لإعلان نفسه بديلا عن القاعدة التي انتقد الأسبوع الماضي هزيمتها في المكلا.
وينطوي اليمن على أهمية خاصة للتنظيم بموقعه الاستراتيجي وقربه من دول الخليج الحصينة باستقرارها الاجتماعي والسياسي وثرائها المادي، وبمنظوماتها الأمنية المحكمة. وقد يمثل هذا البلد بعدم استقراره ملاذا مناسبا لعناصر داعش في حال أفضت الحرب ضدّه في سوريا والعراق إلى خسارته لمواقعه هناك
شؤون خليجية-