أصيبت مصداقية الأمم المتحدة المترنّحة أصلاً، بانتكاسة اضافية بعد قرارها سحب اسم «التحالف العربي» بقيادة السعودية ضد اليمن، من اللائحة السوداء بسبب اتهامات بغالبية المسؤولية عن مقتل الاطفال في حرب اليمن، خصوصاً بعدما تبين أن السعودية ودولاً عربية أخرى، ضغطت على الأمين العام بان كي مون للتراجع، مع التلويح بصدور فتوى تكفيرية بحق المنظمة الدولية.
وانتقلت الأمم المتحدة من موقع الجرأة بإدراجها «التحالف» السعودي الذي يقصف اليمن منذ أكثر من عام على لائحتها السوداء لمنتهكي حقوق الإنسان، الى موقف الدفاع لإعادة سحبها هذا «التحالف» عن اللائحة، رافضة الاعتراف بالتهديدات التي طالتها، ومن أكثر من جهة، معتبرة أن قرارها الأخير (بالسحب) «ليس نهائياً» بل إن المنظمة تنتظر معلومات من «التحالف» لتصحيح تقريرها.
لكن مصادر ديبلوماسية أكدت أن حلفاء للسعودية انهالوا بالضغوط على بان كي مون، كما لوّحت الرياض بوقف مساعدات للفلسطينيين ووقف تمويل برامج أخرى تابعة للمنظمة الدولية، ما دفع الأمم المتحدة الإثنين إلى إعلان حذف اسم «التحالف» من القائمة السوداء.
وذكرت المصادر لوكالة «رويترز» أن مكالمات من وزراء خارجية دول خليجية عربية انهالت على مكتب بان بعد إعلان إدراج «التحالف»، تضمنت «تنمّر وتهديدات وضغوط»، معتبرة أن ما حدث «كان ابتزازا بمعنى الكلمة».
وذكر المصدر أنه كان هناك تهديد أيضاً «باجتماع شيوخ في الرياض لإصدار فتوى ضد الأمم المتحدة تقضي بكونها معادية للإسلام».
وإلى جانب السعودية، قال المتحدث باسم المنظمة الدولية ستيفان دوجاريك إن الأردن والإمارات وبنغلادش اتصلت بمكتب بان للاحتجاج على الخطوة، فيما أضاف ديبلوماسيون أن مصر والكويت وقطر عبّرت كذلك عن شكواها.
وكان تقرير الأمم المتحدة عن الأطفال والصراع في اليمن ذكر أن التحالف الذي تقوده السعودية مسؤول عن 60 في المئة من وفيات وإصابات الأطفال في هذا البلد العام الماضي.
وحاول المتحدث باسم المنظمة الدولية ستيفان دو دوجاريك تخفيف الأمر لافتاً إلى أن «قرار حذف التحالف اتخذ انتظارا لمراجعة لحالات الوفيات والإصابات بين الأطفال في اليمن ويمكن العدول عنه»، لكن سفير السعودية في الأمم المتحدة عبد الله المعلمي قال إن الحذف «لا رجعة عنه وغير مشروط».
واتخذت السعودية وحلفاؤها من اسرائيل حجة للدفاع عن غضبها، إذ أشار عدد من الديبلوماسيين إلى قرار الأمم المتحدة عدم إدراج إسرائيل على القائمة السوداء العام الماضي بسبب مقتل أطفال في قطاع غزة بعد أن ضغطت الحكومتان الإسرائيلية والأميركية بشدة على بان. وأضاف الديبلوماسيون أنه «من الواضح أن الأمين العام الحالي ضعيف أمام الضغوط».
يذكر أن واشنطن سعت للنأي بنفسها عن قضية الضغوط على الأمم المتحدة، إذ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر إن بلاده «تحترم» قرار الأمم المتحدة بإعادة النظر في التقرير، ولكنها لم تمارس ضغوطاً نيابة عن السعودية.
وشدّد على أن واشنطن تأخذ سلامة الأطفال في ساحة المعركة على محمل الجد، موضحاً أن على الرياض إجراء مراجعة خاصة بها.
وأضاف أن «السعودية تعهدت تشكيل لجنة للتحقيق في تقارير ذات صدقية عن سقوط قتلى وجرحى مدنيين نتيجة الغارات الجوية للتحالف الذي تقوده»، لافتاً إلى أنها «وعدت بإصدار تقرير كامل وموضوعي حول النتائج التي تم التوصل إليها. نحن نشجعهم على المضي قدما في ذلك في أسرع وقت ممكن».
رويترز-