صعّدت القوات اليمنية في الآونة الأخيرة عملياتها العسكرية مجدداً في جنوب السعودية، حيث عاودت النيران اليمنية لتطاول مواقع وصلت إلى 10 كيلومترات للمرة الاولى منذ إعلان التهدئة في نيسان الماضي، ما خلف خسائر كبيرة في صفوف القوات المسلحة السعودية وعتادها
تتواصل العمليات العسكرية التي يخوضها الجيش و«اللجان الشعبية» على الجبهات الحدودية مع السعودية بوتيرة عالية منذ أكثر من أسبوع في جيزان ونجران وعسير، حيث تمكنت القوات اليمنية من فرض معادلة عسكرية جديدة بعد توغلها لأكثر من 10 كلم في العمق السعودي خلال الأيام الماضية، لتصل إلى مشارف مدينة «صامتة» السعودية بعد سيطرتها على مدينة الحثيرة في جيزان.
وفي أقل من أسبوعين، اتسع نطاق العمليات في العمق السعودي، حيث ازدادت المعارك مع الجيش السعودي، لتطاول نيران الجيش اليمني وعملياته النوعية والسريعة مواقع الشرفة الشرقية والغربية ومواقع رجلاء والدفينة والمحروق في نجران ومواقع الخوبة وجبل الرميح والفريضة في جيزان، إضافةً إلى تدمير تجمعات الجيش السعودي في منطقة مجازة في عسير. وقصفت معسكر للقوات السعودية في منطقة أحد المسارحة واستهدفت حرس حدودها في جيزان ونجران، كما طاولت نيران الجيش اليمني معسكر الدفاع الجوي، وقصف معسكر أبو مضي ومعسكر بن يالين وهو معسكر الحرس الوطني في نجران.
وفي ظل التقدم المتسارع للجيش اليمني في العمق السعودي، حاولت الرياض إحياء التهدئة التي اتفقت عليها مع «أنصار الله» في نيسان الماضي، وتمثل ذلك بلقاءات سرية تقوم بها الرياض في سلطنة عمان ودولة الكويت مع «أنصار الله»، إلا أن الجيش اليمني أجاب مسبقاً عن الكثير من التساؤلات حول أسباب تصعيده الأخيرة ومكان وزمان توقف العمليات المستجدة من خلال بيان صادر عن المتحدث الرسمي باسمه العميد شرف غالب لقمان الذي ربط توقف هذه العمليات (25 تموز الماضي) بتوقف التصعيد الجوي والبري والبحري لـ«التحالف» ضد اليمن، مؤكداً أن العمليات التي تنفذها قوات الجيش و«اللجان الشعبية» في العمق السعودي «تأتي في إطار حق الرد على التصعيد السعودي».
الرياض بدأت قبل مدة بنقل قبائل المناطق الحدودية في جيزان، وعمدت الى إجبار سكان مناطق آل زيدان وآل يحيى في بني مالك على النزوح من قراهم بشكل قسري، ومع ذلك اكتفت على مدى الفترة الماضية بالإعلان عن اعتراض صواريخ باليستية أو «سقوط مقذوف» من الأراضي اليمنية. إلا أنها اعترفت، في شكواها للأمم المتحدة أول من أمس، بمقتل 500 من مواطنيها منذ بدء الحرب، فيما هي أعلنت رسمياً قبل ذلك عن مقتل عدد أقل بكثير. وأبلغت المنظمة الدولية أن ما يحدث على حدودها الجنوبية من توغل من قبل الجيش و«اللجان الشعبية» «اعتداء»، متجاهلة تدخل قواتها جوياً وبرياً في اليمن على مدى نحو عام ونصف عام.
المستشارالإعلامي لـ«وفد صنعاء» في مشاورات الكويت عبدالله بن عامر قال لـ«الأخبار» إن تصريح السعودية بمقتل 500 مدني سعودي «مرتبط بشكل أساسي بالجرائم السعودية التي ترتكبها في اليمن وتهديدات الأمم المتحدة لها»، مشيراً إلى أن الرياض تحاول إيصال رسالة بأنها «ليست الوحيدة التي تقتل المدنيين بل إن الطرف الآخر ينتهك ويقتل ويدمر أيضاً». ونفى بن عامر تأكيد السعودية استهداف الجيش و«اللجان» المدن والقرى الآهلة بالسكان، مشيراً إلى أن الجيش و«اللجان» لا يستهدفون المدنيين، «فكل عملياتهم كانت موجهة إلى الثكن والمواقع والتجمعات العسكرية في الداخل السعودي».
وفيما أشارت الأمم المتحدة إلى مقتل 100 جندي وضابط سعودي بنيران يمنية خلال فترة وجيزة لا تتجاوز أسبوعين، تحدثت مصادر ميدانية عن ارتفاع إجمالي الخسائر السعودية البشرية عن مئات القتلى والجرحى في صفوف العسكريين.
بدوره، أكد أحد المسؤولين في «الإعلام الحربي» أبو جلال، أن الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» تمكنوا خلال الفترة القليلة الماضية من إسقاط 160 موقع عسكري سعودي من خلال تنفيذ عمليات نوعية وسريعة وبأقل الخسائر. وقال في حديث إلى «الأخبار» إن تلك العمليات تنوعت بين استهداف ثكن عسكرية تابعة للجيش السعودي ومعسكرات ومواقع وأبراج مراقبة.
وأكد أبو جلال أن خسائر الجيش السعودي البشرية والمادية في قطاعات نجران، جيزان وعسير كبيرة، وصلت إلى أعلى المعدلات، مشيراً إلى أن إسقاط الجيش اليمني طائرتين من دون طيار وطائرة «أباتشي» ما بين مأرب والجوف، إضافة إلى تدمير 23 دبابة واستهداف وإعطاب 186 آليه عسكرية سعودية متنوعة ما بين عربات عسكرية أو مدرعة أو أطقم عسكرية أو جرافات ومعدات ثقيلة أو عربات «هامر» أو «بي أم بي».
وأشار إلى أن المعسكرات التي استهدفتها القوة الصاروخية للجيش اليمني خلال أسبوع فقط، ارتفعت إلى ثمانية معسكرات كبيرة، مشيراً إلى أن الجيش السعودي «لم يستطع المواجهة ويضطر إلى الفرار مخلفاً العتاد العسكري»، برغم الغطاء الجوي المستمر، واتباع سياسة الأرض المحروقة من جانب «التحالف»، الذي يقوم عقب كل سيطرة لمواقع جيشه بإحراق المكان بما فيه، مشيراً إلى أن ذلك الجيش اليمني أصبح يحسن التعامل مع هذا الوضع.
وفيما تتكتم السعودية عن خسائرها العسكرية على الحدود، كشف «الإعلام الحربي» لـ«الأخبار» أنه خلال فترة «التهدئة» التي انهارت منتصف الشهر الماضي، جرى رصد وتوثيق استهداف وتدمير عشرات الدبابات والآليات واستهداف ثلاث قواعد عسكرية كبرى وإسقاط 314 موقعا عسكريا وثكنة ومقرا عسكريا للقوات السعودية واستهداف 38 مخزن أسلحة واغتنام أكثر من آلاف قطع السلاح، منها أسلحة ورشاشات كندية تمتلكها السعودية بشكلٍ حصري و159 من معدات وجرافات.
الأخبار اللبنانية-