تناول مقال تم نشره في موقع «المونيتور» للكاتب الأمريكي «بروس ريدل» مسألة انهيار المفاوضات اليمنية في الكويت، واحتمالات عودة الحرب. مؤكدا أن المملكة العربية السعودية تواجه معضلة اتخاذ قرار حاسم في حربها في اليمن، وأن الملك «سلمان» عليه أن يقرر إما تصعيد الحرب ضد تحالف المتمردين، أو قبول تسوية تسمح بتقسيم فعلي للبلاد، مشيره لأنه قد يلجأ أيضا إلى خيار ثالث هو تثبيت الوضع على ما هو عليه.
وفي ظل فشل محادثات السلام في الكويت وعودة القتال باعتباره البديل الواقعي لغياب السلام، فإن المبعوث الدولي ومعه سفراء مجموعة الـ 18 يسعون لانتزاع موافقة الأطراف المتصارعة على القبول باستمرار الهدنة الهشة القائمة منذ بداية المحادثات، وكذا القبول بفكرة تحديد موعد جديد لجولة أخرى من المحادثات لا يعرف أين ستكون، غير أن ما هو مؤكد أن الملف اليمني غادر حسابات الأطراف الداخلية المتصارعة، وأصبح جزءا من ورقة الصراع الدولي والإقليمي الذي يجتاح المنطقة.
ونوه الكاتب إلى أن هناك احتمال ضئيل لتحقيق انفراج سياسي في العملية السلمية بعد تعليق محادثات السلام، وتحقيق قرار مجلس الأمن حول استعادة الحكومة الشرعية برئاسة «عبد ربه منصور هادي» لسلطتها في صنعاء، في ظل رفض الحوثيين المتمردين وأتباع الرئيس السابق «علي عبد الله صالح» لذلك، ولكن الأمم المتحدة حريصة على ترك الباب مفتوحا لاستئناف المحادثات.
وأوضح الكاتب إن قوات التحالف السعودي، قد تلجأ الآن إلى «إحياء» عملية عسكرية تسمى إعادة الأمل للتعامل مع الانتهاكات المستمرة للهدنة الضعيفة التي صاحبت محادثات الأمم المتحدة، مشيره إلى أن الغارات الجوية السعودية ضد المتمردين قد تكثفت بالفعل.
صنعاء قد تتحول إلى مقبرة
ويشير المقال إلى حالة من التردد السعودي في اجتياح العاصمة صنعاء وتحريرها من الحوثيين، في ظل أنباء عن تحقيق قوات الرئيس «هادي» انتصارات واقترابها من صنعاء، منوها لقول أحد المعلقين السعوديين أن مثل هذا الهجوم من شأنه أن يحول العاصمة إلى «مقبرة» ويؤجج وقود الكراهية اليمنية تجاه المملكة لدي الأجيال القادمة.
وتقترب بالفعل قوات التحالف من مشارف العاصمة ولكن معركة داخلها ستكون دموية وباهظة الثمن في حين لا يزال الحوثيون يسيطرون على معقلهم التقليدي في شمال اليمن على الحدود السعودية، ويجعلون المدن السعودية على خط النار تعيش في خطر داهم، ويمكنهم تصعيد النزاع على الحدود إذا قام السعوديون وحلفاؤهم بتصعيد الهجمات ضد صنعاء.
الحرب المكلفة
ويشير التقرير إلى أن الحرب مكلفة للمملكة، بدليل أن السعودية جاءت في المركز الثالث عالميا في حجم ميزانية الدفاع في العالم العام الماضي بعد إنفاق الولايات المتحدة والصين.
وباعت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة للسعودية كميات كبيرة من الذخائر والإمدادات الأخرى للحفاظ على المجهود الحربي في اليمن، وتخطط السعودية لإنتاج نصف أسلحتهما محليا ضمن رؤية 2030 السعودية، التي وصفها الكاتب بأنها «غير واقعية بشكل يائس».
ويشير المقال إلى أن السعودية التي تضم 20 مليون شخص لا يستطيع تحمل ميزانيات دفاع مثل تلك إلى أجل غير مسمى، خاصة مع تراجع أسعار النفط مرة أخرى.
فيالأسبوع الماضي، دعا أبرز كبار رجال الدين في المملكة، الشيخ «عبد العزيز آل الشيخ»، مفتي المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء الشركات والبنوك للتبرع بالمال للمساعدة في دعم عائلات الجنود الذين قتلوا في الحرب. كما دعا الجامعات لتقديم التعليم المجاني للأطفال الذين لقي أباؤهم مصرعهم، وجمع التبرعات لمساعدة البلدات الحدودية التي تتعرض للهجوم من قبل الحوثيين على الحدود، ما يؤكد أن الحرب تشكل تحديا للرياض ومستنقعا مفتوحا.
هل يقبلون تقسيم اليمن؟
ويشير التقرير لتعليقات معلقين سعوديين على الأزمة، واعتبار بعضهم أن الحل يمكن في خطة بديلة تقوم على قبول تقسيم اليمن، وترك الحوثيين في الشمال إلى أجل غير مسمى، مع تشكيل دولة جنوبية موالية للسعودية معترف بها دوليا، وأن تكون دولة جنوب اليمن عضوا في مجلس التعاون الخليجي.
وتقول الصحيفة الأمريكية أن الخيار ليس سهلا بالنسبة للمملكة في تدبير أمرها واتخاذ أي قرار، ولكن المملكة ترفض أي حكومة انتقالية وتؤكد على أن خيار يجب أن يمنع استيلاء الإيرانيين على اليمن. وينوه الكاتب أن لعب السعودية بورقة إيران يحافظ على التأييد الشعبي للحرب، ويحشد معظم دول مجلس التعاون الخليجي وراء المملكة.
وتشير «المونيتور» إلى تقلص أخبار مهندس الحرب السعودية في اليمن المرتبطة بالحرب وهو الابن المفضل للملك، ووزير الدفاع «محمد بن سلمان»، في ظل عدم مراوحة الحرب مكانها، وتعثرها منذ عام، على عكس دوره في الأشهر الأولى في العملية حيث كان يتصدر عناوين الأخبار.
وقالت إنه لا يعرف ما إذا كان الأمير ولي ولي العهد البالغ من العمر 30 عاما لديها أفكار جديدة حول الحرب أو خطة غير معروفة لحلها.
وحول الموقف الأمريكي من الأزمة اليمنية تقول الصحيفة أنها لا تشكل أولوية لدي الأمريكيين، ولذلك ظل وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري» يتابعها من وراء الكواليس، ويساند جهود الأمم المتحدة، الغير ناجحة للبحث عن حل سلمي، ما يشير لانشغال العالم بأمور أخري غير اليمن.
موقع «المونيتور»-