كشفت مصادر ليبية ومصرية خاصة لـ«العربي الجديد»، أن التحركات الأخيرة التي قامت بها قوات المشير «خليفة حفتر»، ضمن ما تسمى عملية البرق الخاطف، والتي هاجمت بمقتضاها منطقة الهلال النفطي للسيطرة على آبار البترول والموانئ النفطية، حصلت بعلم مسبق من جانب النظام المصري وبغطاء سياسي منه، وبضوء أخضر إماراتي.
وأوضحت مصادر سياسية مصرية أن الخطوة جاءت نتيجة خشية مصر مما سمته انفلات زمام الأمور من بين يديها، خصوصا بعد اكتساب حكومة الوفاق الليبية برئاسة «فائز السراج» شرعية شعبية بعد تمكن قوات المجلس الرئاسي من القضاء على تنظيم «الدولة الإسلامية» في مدينة سرت. وهو ما سيكسبها دعما دوليا أوسع خلال الفترة المقبلة يجعلها بغنى عن مساعدة دول الجوار، بحسب المصادر.
ولفتت إلى أن القاهرة تخشى من نفوذ أوسع لدول إقليمية أخرى في حال سيطرت حكومة الوفاق على الأوضاع في ليبيا في وقت تعتبر فيه القاهرة ليبيا منطقة نفوذ مصري.
فيما قالت مصادر ليبية مطلعة في طرابلس إن «لدينا معلومات موثقة عن لقاءات عدة حضرها مسؤولون إماراتيون ومصريون بقيادات بارزة في معسكر طبرق على رأسهم رئيس الأركان الليبي عبد الرازق الناظوري في القاهرة بهدف الترتيب لتلك التحركات».
وأشارت إلى أن النظام المصري يهدف من دعم تلك التحركات للحصول على حصة من الموارد النفطية الليبية في ظل الأزمة التي يعانيها في قطاع الطاقة، واعتماده بشكل أساسي على المملكة العربية السعودية، والتي لن تكون قادرة خلال الفترة المقبلة على تلبية الاحتياجات المصرية عبر مساعدات بترولية.
وأكدت المصادر أن طرفا عربيا، رفضت الإفصاح عن هويته، طلب في وقت سابق سرعة تشغيل آبار النفط، بمنطقة الهلال النفطي، ودعم مصر عبر حصة يتم الاتفاق عليها، ولكن هذا الاتفاق لم يكتمل بسبب الأوضاع الأمنية المضطربة.
وأوضحت أن هناك اتفاقاً مكتملاً بين حفتر والنظام المصري للحصول على الدعم السياسي والعسكري، مقابل توفير حصة جيدة من البترول لمصر خلال الفترة المقبلة»، وفقا للمصادر الليبية.
وقالت إنه خلال الفترة الماضية، شهدت مدينة السلوم (حدودية مع ليبيا) عددا من اللقاءات بزعماء قبائل الشرق الليبي، وبعض قبائل الجنوب، لافتة إلى أن هناك تنسيقا لإثارة المشاكل في وجه حكومة الوفاق خلال الفترة المقبلة، من خلال تحريك بعض القبائل، لتنظيم تظاهرات مضادة للمجلس الرئاسي.
وأضافت أن القاهرة لديها طموح بالإشراف على مؤسسة النفط الليبية في حال سيطر عليها «حفتر» وحكومة «عبدالله الثني» في طبرق، لتتمكن من سد العجز لديها في قطاع الطاقة.
وأعلنت قوات «حفتر» الأسبوع الماضي بسط سيطرتها بالكامل على منطقة الهلال النفطي التي تحوي أهم موانئ النفط شرقي البلاد، بعد معارك قصيرة خاضتها ضد جهاز حرس المنشآت النفطية (تابع لحكومة الوفاق).
وتضم منطقة الهلال النفطي أربع موانئ نفطية (الزويتينة، البريقة، راس لانوف، والسدرة)، وتقع بين مدينتي بنغازي (ألف كلم شرق طرابلس) وسرت (450 كلم شرق طرابلس)، وتحوي حقولا نفطية يمثل إنتاجها نحو 60% من صادرات ليبيا النفطية إلى الخارج.
دعم مصر
وأعلنت مصر دعم ما أسمته بالجيش الوطني الليبي بقيادة «حفتر» بكل ما يحمله من شرعية في تحركاته لاستعادة الاستقرار في البلاد، مشددة على «تأييدها التام لتحرك الجيش الليبي للحفاظ على الأمن والاستقرار في ليبيا وتأمين الثروات البترولية الليبية».
ودعت الولايات المتحدة وخمس دول أوروبية، في بيان الاثنين الماضي، القوات الموالية لـ«حفتر» إلى الانسحاب من منطقة الهلال النفطي.
وعرقلت مصر وروسيا والصين، قبل أيام ، صدور قرار من مجلس الأمن ضد قوات «حفتر»، كما رفضت مصر قيام أي قوات أجنبية بحماية حقول الغاز داخل ليبيا.
ويلقى «حفتر» دعما عسكريا من مصر والإمارات.
وزار «حفتر» القاهرة ثلاث مرات خلال شهر، أولها في 25 يونيو/حزيران الماضي، لحقها بزيارة في 11 يوليو/تموز الماضي، ثم في 26 يوليو/تموز.
وارتبطت الزيارات الثلاث بـ«بحث دعم علاقات التعاون بين مصر وليبيا، خاصة في مجال مواجهة التنظيمات الإرهابية»، بحسب مصادر مطلعة.
دعم الإمارات لمحاولة الانقلاب الأولى
كما أكدت الكثير من التقارير الصحفية العربية والأجنبية، دعم الإمارات للمحاولة الانقلابية التي قادها «حفتر» في وقت سابق، ومن بعدها دعم حكومة طبرق التي انبثقت عن مجلس النواب الليبي المنحل، والتي يرأس فيها «حفتر» وزارة الدفاع.
وكان «حفتر» بدأ في مايو/أيار 2014 عملية عسكرية أسماها «عملية الكرامة» بحجة مكافحة الإرهاب، واستهدفت العملية أساسا كتائب مسلحة شاركت في الدفاع عن بنغازي عندما هاجمتها قوات الرئيس الراحل «معمر القذافي» خلال ثورة فبراير/شباط 2011.
وسيطرت قوات «حفتر» بدعم من ميليشيات مسلحة خلال العامين الماضيين على أجزاء من مدينة بنغازي، في حين لا تزال أحياء وسط المدينة وشمالها وغربها تحت سيطرة مجلس ثوار المدينة.
وتسبب القصف الجوي والاشتباكات منذ بدء عملية الكرامة في مقتل وجرح آلاف الأشخاص، ودمار واسع بالمدينة.
وعقب سقوط نظام «القذافي» عام 2011، إثر ثورة شعبية، دخلت ليبيا في مرحلة من الانقسام السياسي تمخض عنها وجود حكومتين وبرلمانيين وجيشين متنافسين في طرابلس غربا، ومدينتي طبرق والبيضاء شرقاً.
ورغم مساعٍ أممية لإنهاء هذا الانقسام، عبر حوار ليبي، جرى في مدينة الصخيرات المغربية وتمخض عنه توقيع اتفاق في 17 ديسمبر/كانون الأول 2015، انبثقت عنه حكومة وحدة وطنية (حكومة الوفاق الوطني) باشرت مهامها من العاصمة طرابلس أواخر مارس/آذار الماضي، إلا أنها لا تزال تواجه رفضاً من الحكومة والبرلمان اللذين يعملان شرقي البلاد.
وإلى جانب الصراع على الحكم، تشهد ليبيا منذ الإطاحة بنظام القذافي، فوضى أمنية بسبب احتفاظ جماعات مسلحة قاتلت النظام السابق بأسلحتها.
العربي الجديد-