المملكة العربية السعودية هي أحدث المنضمين إلى نادي الطائرات بدون طيار. هذا يمكن أن يمثل مشكلة نظرا لأن السعوديين الآن في خضم حرب سيئة إلى حد ما.
وقعت الرياض عقدا مع شركة «تشنغدو» الصينية لتوريد عدد غير محدد من الطائرات بدون طيار من طراز «بتيرو داكتيل»، وفق ما أوردته وسائل الإعلام السعودية في أواخر أغسطس/آب وأوائل سبتمبر/أيلول.
وقد صنعت طائرات «تشنغدو» التي يبلغ طولها 30 قدما على غرار الطائرات بدون طيار الأمريكية الشهيرة من طراز «بريداتور» و«ريبر»، ويمكنها أن تطير لعدة ساعات حاملة الكاميرات والصواريخ. يتم التحكم بالطائرة من قبل المشغلين على الأرض من خلال الأقمار الصناعية.
بالمقارنة بالإمكانات القاتلة للطائرات بدون طيار، لا يعد هذا النوع من الطائرات متطورا. حيث إن أجهزة الاستشعار الخاصة بها تعد أقل تطورا من نظيرتها المصنعة أمريكيا وهو فارق قد يعني الحياة أو الموت بالنسبة إلى الأبرياء الواقعين في مناطق إطلاق النار، حيث تقوم الروبوتات الطائرة بمطاردة المسلحين على الأرض.
اسألوا الناس في العراق عن ذلك. حصلت حكومة بغداد على طائرات بدائية من طراز CH4 من الصين في أواخر عام 2015. وفي إحدى الطلعات ضد المسلحين المشتبه بهم من تنظيم الدولة الإسلامية في يناير/كانون الثاني الماضي، استهدف المشغلون عن طريق الخطأ أحد مجموعات الميليشيات الموالية للحكومة مما أدى إلى مقتل 9 مسلحين وإصابة 14 آخرين.
حصول السعوديين على طائرات بدون طيار هو نبأ قاتم بالنسبة إلى اليمنيين، وفقا لما يؤكده «أندرو كوكبيرن» مؤلف كتاب «سلسلة القتل: صعود وسائل القتل التكنولوجية». يواصل النظام السني في المملكة العربية السعودية قصف المتمردين الشيعة في اليمن لسنوات، مع تصعيد هو الأكبر من نوعه منذ مارس/أذار 2015. وقد تسببت الحملة الجوية السعودية في قتل الآلاف من المدنيين وتدمير العديد من المواقع الأثرية التي لا يمكن تعويضها.
تريد الرياض الحصول على طائرات بدون طيار من أجل تحسين قدرتها على الاستهداف. لكن الطائرات الروبوتية لا تجعل دائما الضربات الجوية أكثر أخلاقية، ويمكن أن يكون لها تأثير معاكس.
مع قدرتها على الطيران لمدة تمتد إلى ساعات، وربما إلى أيام متواصلة نظرا لعدم الحاجة إلى وجود دعم على متن الطائرة، يمكن للطائرات بدون طيار أن تمد القادة العسكريين بمجموعة من المعلومات الاستخباراتية القيمة. ولكن عندما يتعلق الأمر بتمييز المقاتلين من المدنيين، فإن تكنولوجيا الطائرات بدون طيار غالبا ما تكون قاصرة.
اللقطات المشوشة التي تظهرها الطائرات بدون طيار غالبا ما تكون عرضة لسوء الفهم من قبل المحللين البشريين. مزارع يحمل مجرفة قد يبدو متشددا يحمل بندقية. يمكن لجنازة أن تبدو كأنها جمع من الإرهابيين.
«على مر السنين، شهدنا خسائر فادحة في عدد الضحايا المدنيين من هجمات الطائرات بدون طيار الأمريكية. ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى قصور في أجهزة الاستشعار الخاصة بالطائرات التي تستخدمها وكالة المخابرات المركزية». ويؤكد «كوكبيرن» أن الطائرات الصينية أسوأ بكثير في هذا الأمر.
«بالنظر إلى اللامبالاة الواضحة التي يظهرها السعوديون للأضرار الجانية لعملياتهم الجوية، فإننا نتوقع تداعيات قاتلة لمثل هذا التطور».
أفصحت المملكة العربية السعودية عن رغبتها في امتلاك طائرات بدون طيار منذ ست سنوات على الأقل. في فبراير/شباط عام 2010 التقى السفير الأمريكى لدى المملكة العربية السعودية «جيمس سميث» مع الأمير «خالد بن سلطان»، مساعد وزير الدفاع في المملكة في ذلك التوقيت، لبحث تبادل المعلومات الاستخباراتية.
«وأبرز السفير مخاوف حكومة الولايات المتحدة بشأن تزويد المملكة العربية السعودية بصور الأقمار الصناعية للحدود اليمنية بسبب غياب اليقين حول الالتزام الكامل للحكومة السعودية بقوانين النزاع المسلح خلال سير العمليات العسكرية، ولاسيما فيما يتعلق بالهجمات على أهداف مدنية»، وفقا لبرقية صادرة عن السفارة الأمريكية سربتها ويكليكس في عام 2011.
وأشار «سميث» إلى غارة جوية سعودية على مبنى كانت الولايات المتحدة تعتقد أنه عيادة طبية يمنية. وعقب الأمير «خالد بن سلطان»: «إذا كانت لدينا طائرات بدون طيار ربما كان بإمكاننا تفادي هذه الأخطاء».
ولكن الولايات المتحدة، على سبيل السياسة، رفضت بيع الطائرات بدون طيار القاتلة إلى المملكة العربية السعودية. المستفيدون من هذه الطائرات الأمريكية يجب عليهم استخدامها وفق القانون الدولي، وفق ما أوضحته وزارة الخارجية الأمريكية في بيان لها عام 2015.
لا تفي المملكة العربية السعودية بهذه المعايير. أشار تقييم وزارة الخارجية الأخير لانتهاكات حقوق الإنسان إلى وجود عنف واسع النطاق ضد المرأة وحالات تمييز واضحة وانتهاكات لرجال الأمن. «أدى الافتقار إلى الشفافية في أداء الحكومة إلى صعوبة تقييم حجم مشاكل حقوق الإنسان»، وفقا لما ورد عن الخارجية الأمريكية.
ولكن هذا السجل الحقوقي السيئ للمملكة لم يمنعها من شراء طائرات مقاتلة من الولايات المتحدة بما في ذلك طائرات «إف- 15». وزارة الخارجية تتعامل مع الطائرات بدون طيار باعتبارها حالة خاصة، وذلك بسبب ما وصفه «بيتر سينغر»، المحلل في مؤسسة أمريكا الجديدة في واشنطن العاصمة، حين وصف ثورة الروبوتات في القرن الحادي العشرين بأنها «السياسة الفريدة من نوعها للروبوتات القاتلة».
وبعبارة أخرى، فإن وجود طائرات بدون طيار مسلحة في أيدي السعودية هو أمر أكثر إرباكا من وجود طائرات «إف- 15» في أيديها.
ومع صعوبة شراء الطائرات بدون طيار الأمريكية، تحولت الولايات المتحدة إلى الصين. كانت هناك تقارير في وقت مبكر من 2014 أن المملكة سوف تحصل على الطائرات الصينية، ولكن يبدو أن الأمر استغرق عامين آخرين لإتمام البيع بشكل رسمي. وليس من الواضح بعد متى ستدخل الطائرات فعليا إلى السعودية ومتى يمكن أن تبقى جاهزة للتشغيل.
جدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية ليست البلد الوحيد الذي يتطلع إلى الصين لتلبية احتياجاته من الطائرات بدون طيار. تبيع الصين الطائرات إلى البلدان التي تجد الولايات المتحدة إشكالية في تمرير هذه التكنولوجيا إليها، وفقا لـ«سينغر».
إلى جانب العراق، أصبحت نيجيريا أيضا أحد زبائن الروبوتات المسلحة لبكين. مثل المملكة العربية السعودية، لدى نيجيريا مشاكل مع حقوق الإنسان. في حين أن كلا البلدين تخوض حربا جوية مكثفة، حيث تحارب نيجيريا ضد المتشددين من جماعة بوكو حرام.
وقتل الآلاف من المدنيين في الحرب التي تشنها نيجيريا ضد الجماعة المسلحة.
ويؤكد «سينغر» أنه ليس من العدل أن نلوم الطائرات بدون طيار أو أي نوع آخر من التكنولوجيا على القتلى المدنيين. «الأنظمة السيئة تميل إلى استخدام التكنولوجيا بشكل سيء. في حين أن الأنظمة التي تهتم بحقوق الإنسان توظف التكنولوجيا بطريقة تتلاءم مع حقوق الإنسان».
من خلال هذا الخط من التفكير، لا نتوقع أن الطائرات بدون طيار الصينية سوف تجعل التدخل العسكري السعودي في اليمن أقل بشاعة. في الواقع، وبمجرد أن يستطيع السعوديون استخدام الروبوتات المسلحة في اليمن، فإن الحرب سوف تصبح أكثر سوءا بالنسبة إلى المدنيين.
ذا ديلي بيست - ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد -