تواجه الحكومة البريطانية العديد من الأسئلة الصعبة حول بعض التأكيدات عن استخدام السعودية الذخائر العنقودية في صعدة في اليمن.
أعلنت المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية أنهما لم يقوما بخرق القانون وتحت ضغط من «الغارديان»، أكدت الرياض أخيرا أنها قد استخدمت ذخائر انشطارية بريطانية في اليمن. من الناحية الفنية قد تكون الأمور صحيحة، ولكن حتى لو يتم خرق أي قانون، فيبدو أن هناك خيانة للثقة بين الحكومتين أو بين مجلس الوزراء البريطاني والبرلمان.
فمنذ شهر مايو/أيار، نفى وزراء بريطانيون أن تكون الذخائر العنقودية البريطانية قد استخدمت في اليمن، مستندين إلى حد كبير في هذا التقييم على ضمانات يزعمون أنهم تلقوها من الحكومة السعودية.
لكن السعوديين قد اعترفوا باستخدام الأسلحة العنقودية البريطانية، وإن كان ذلك خارج المناطق المدنية وتمشيا مع القانون الإنساني الدولي.
ومع تأكيد الحكومة البريطانية أنها حصلت على تطمينات كاذبة من قبل الحكومة السعودية عن عدم استخدامها لهذه الذخائر، فإن هذا ما يثير تساؤلات حول مدى إمكانية اعتبار السعودية شريكا أمنيا موثوقا به.
بعد كل شيء، هناك مزاعم بأن الأسلحة التي تقدمها المملكة المتحدة قد استخدمت من قبل السعوديين منذ مايو/أيار، ولمدة ثمانية أشهر كان هناك نفي وتشويش. وسيكون لذلك عواقب سياسية في 13 يناير/ كانون الثاني عندما سيطلب النواب للتصويت على ما إذا كانت مبيعات الأسلحة السعودية سوف يتم إيقافها. و لن يكون ذلك نقاشا مريحا.
وقد كان موقف الحكومة البريطانية مبني على أنها أوقفت توريد الذخائر العنقودية في عام 1989. وفي عام 2008، وقعت المملكة المتحدة اتفاقية بشأن الذخائر العنقودية، تحظر استخدام وإنتاج ونقل وتخزين هذه الأسلحة.
وقد قال وزير الدفاع حينئذ «فيليب دان» في مايو/أيار، الذي يواجه اتهامات من منظمة العفو الدولية تقول أن الذخائر العنقودية استخدمت من قبل السعوديين: «بناء على جميع المعلومات المتوفرة لدينا، بما في ذلك التقارير التشغيلية للتحالف، نحن لدينا تقييم أن المملكة المتحدة لم تزود أو تستخدم الأسلحة العنقودية ولم تشرك أي طائرة في استخدام الأسلحة العنقودية في النزاع الحالي في اليمن».
وأضاف:«إن المملكة المتحدة قدمت ذخائر عنقودية إلى المملكة العربية السعودية قبل نحو 30 عاما. وكان التسليم النهائي في عام 1989. نحن لم نقم بتوريد أي ذخائر منذ وقعنا على الاتفاقية في عام 2008». «وعلى هذا الأساس، فإن المملكة المتحدة لم تتصرف بشكل غير قانوني».
وأضاف في بيان له أن الحكومة البريطانية تسعى «لضمانات جديدة» من السعوديين حول هذه القضية، وهو النغمة التي تكرر عدة مرات من قبل عدة وزراء.
وأضاف «دان»: «إذا وجدنا أي دليل، سوف يمر ذلك على لجان لضبط تصدير السلاح. ولكن لا يوجد أي دليل على ذلك حتى الآن».
بداية القضية
في أكتوبر/تشرين الأول أثيرت القضية، بناء على تحقيق سابق لمنظمة العفو الدولية نشر أدلة مصورة على ما يبدو أنه لاستخدام الذخائر العنقودية بريطانية الصنع في اليمن مؤخرا.
وقدمت الأدلة من المقاتلين الحوثيين في الحرب الأهلية الذين قالوا إن الصور أخذت في مارس/ أذار في منطقة خط المواجهة من منطقة بالقرب من الحدود السعودية.
وقد حدد خبير الذخائر المستقل أيضا أن القنابل هي أحد الأنواع بريطانية الصنع.
وردا على ذلك قال العميد «أحمد عسيري» من الجيش السعودي إن هناك تلاعب في هذه الصور لأنه «نسى أننا في عام 2009، حاربنا هذه الميليشيات واستخدمنا هذا النوع من السلاح لحماية حدودنا، ولكن لم نقم باستخدامه في المناطق المدنية». وأضاف: «هذا هو التلاعب. وهذا هو ما نواجهه في وسائل الإعلام».
وقبل صدور التقرير الأخير، نشرت لجنة مختارة تقريرا يحث الحكومة البريطانية على تسريع التحقيق في استخدام السعوديين للذخائر العنقودية. وحسبما ذكر التقرير: «نحن لا نعتقد أن الحكومة البريطانية قادرة على تلبية التزاماتها بموجب اتفاقية الذخائر العنقودية من خلال الاعتماد على تأكيدات من السعوديين». وأوصى التقرير أن «تنفذ وزارة الدفاع تحقيقاتها الخاصة في الاستخدام المزعوم من قبل قوات التحالف لقنابل انشطارية أتت من المملكة المتحدة، أثناء حربها في اليمن».
كما أوصى التقرير الحكومة «بصفتها دولة موقعة على الاتفاقية بشأن الذخائر العنقودية، بالقيام بمجموعة من الخطوات ليس فقط للتأكد من عدم طائرات المملكة المتحدة والعاملين في المملكة المتحدة بأي شكل من الأشكال التورط في استخدام أو نشر هذه الأسلحة، وهو أمر محظور بموجب الاتفاقية، ولكن أيضا الخطوات التي اتخذتها لوقف المملكة العربية السعودية من استخدام القنابل العنقودية».
التفاف الحكومة
وفي ديسمبر/كانون الأول، ردت الحكومة بالالتفاف على توصية التحقيق بالقول إن «مسؤولية الذخائر التي يتم إطلاقها تقع دائما على القوات الجوية الملكية السعودية ، فقد تم سحب الدعم من القوى العاملة في التزويد والتخزين للذخائر العنقودية. وقال أفراد من قوات المملكة المتحدة أنه لم يتم تحميل أسلحة من أي نوع لطلعات تشغيلية للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن».
في رسالة مؤرخة في 3 نوفمبر/تشرين الثاني إلى النائب الليبرالي الديمقراطي «توم بريك»، كان وزير الدولة للشؤون الخارجية« توبياس وود» على وشك تمهيد الطريق للاعتراف بأن السعوديين قاموا باستخدام الذخائر العنقودية مع القول أنها غير قانونية.
وتتبنى المملكة المتحدة الرأي القائل بأن الذخائر العنقودية ليست غير شرعية، ويمكن استخدامها مع الامتثال للقانون الدولي من قبل الدول التي ليست طرفا في الاتفاقية، شريطة أن يتم استخدامها بطريقة متوافقة مع القانون الإنساني الدولي.
إن قضية حسن نية الحكومة في هذا الشأن ستواجه دعوى قضائية الشهر المقبل رفعتها «حملة مناهضة تجارة الأسلحة»، ولكن ربما تنضم لها جماعات أخرى لحقوق الإنسان، حول مشروعية السياسة البريطانية في مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، وقد تشكل الذخائر العنقودية أدلة إضافية. وفي السوابق القضائية يوجد جدل حول مدى مسؤولية الدولة عن مساعدة دول أخرى في الصراعات. وبالتالي فإن طبيعة العلاقة الأمنية بين المملكة المتحدة والسعودية، وبخاصة الدرجة التي تمارس بريطانيا فيها التأثير على سلوك الرياض خاصة في الحرب في اليمن، هي أيضا على المحك.
تدعي المملكة المتحدة أنها لا تشارك في السعودية في الاستهداف في اليمن، وهي فقط توفر التدريب، وأنها بتقييم ما بعد خسائر المعركة.ولكن للأسف هناك الكثير من الضمانات والتأكيدات فقدت دقتها ومصداقيتها.
الغارديان- ترجمة وتحرير أسامة محمد - الخليج الجديد-