دربت مليشيات، في عدن وفي جنوب اليمن عموماً، لا تخضع لسلطة الشرعية، وإنما تخضع لأطراف في الحراك الانفصالي، مثل قوات الحزام الأمني، على سبيل المثال. مهمة هذه المليشيات إفشال أيّ تحرّكٍ تقوم به الشرعية في المحافظات الجنوبية، وجعلها تعيش في فوضى عارمة وإظهار الشرعية بمظهرالسلطة الفاشلة التي لا تستطيع توفير أبسط حقوق المواطن، وهو الأمن، فضلاً عن تعثّر مقصود في مختلف الخدمات الأساسية للمواطن، كالماء والكهرباء والنظافة.
نتكلم، هنا، عن مدن الجنوب التي حرّرت، قبل أكثر من عام ونصف العام، أو التي لم يطلها أصلاً الانقلاب الحوثي، إذ لم يتوقف الأمر عند إفشال الشرعية في الجنوب، وفي عدن تحديداً، بل إنّ هذه المليشيات التي تدربت بإشراف دولة الإمارات عملت على إذكاء العنصرية والتفرقة بين أفراد المجتمع الواحد، حيث شنّت حملاتٍ واسعة لتهجير المواطنين الشماليين من عدن، وعدم السماح لمن يرغب الدخول إلى عدن بدخولها، إذا كان من مدن شمال اليمن.
الأمر الآخر ما أوردته منظمة سام للحقوق والحريات، مقرها في جنيف، عن إنشاء هذه المليشيات معتقلات وسجون سرية خارج إطار القانون والدستور اليمني، ولا تخضع لسلطة الشرعية، ويقبّع في هذه المعتقلات مئات المعتقلين والمخفيين قسرياً ويتعرّضون لصنوف العذاب في عدن وسقطرى والمكلا وحضرموت، في عدن وحدها فقط أكثر من عشرة معتقلات، بل إنّ بعض هذه المعتقلات تخضع لإشراف القوات الإماراتية مباشرة.
وآخر بلاء حظيت به عاصمتنا المؤقته عدن السيطرة على مطار عدن الدولي من مليشيا الحزام الأمني، بدعم جنود إماراتيين ومشاركتهم، وطرد القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، والتي كانت تدير المطار قبل ذلك.
وإذا اتجهنا إلى الشمال القريب، إلى تعزالمدينة المنكوبة المغلوبة على أمرها، ترى العجب العجاب، مقاومةً من دون دعم، وجرحى من دون علاج، ومشرّدين من دون إغاثة. وعلى الرغم من ذلك كله، إلا أنها ما زالت صامدة صابرة مقاومة جسورة في وجه الحصار الغاشم والخانق الذي تفرضه عليها مليشيات الحوثيين وعلي عبدالله صالح.
وبالعودة إلى نقطة دعم مقاومة تعز، يعرف المراقب للوضع في تعز جيداً أنّ الحسم في هذه ليس أمراً صعب المنال، إذ تحتاج المقاومة الدعم النوعي من الأسلحة التي باستطاعتها التغلّب على ترسانة الحوثيين وقوات صالح، لكن الإمارات كانت حجر العثرة أمام هذا الدعم، متذرعة أنّ مقاومة تعز في الأغلب محسوبة على حزب الإصلاح اليمني. ويبقى السؤال: ما الرابط بين تصرفات الإمارات في اليمن ودعم الشرعية وإنهاء انقلاب الحوثي؟
وإذا كان كلّ تصرف تقوم به الإمارات في اليمن لا يخدم الشرعية، ولا يخدم أهداف التحالف العربي لدعم الشرعية، فلماذا السكوت والصمت المريب على هذا كله من الشرعية أولاً، ومن قيادة التحالف، متمثلة في السعودية ثانيا؟.
عبد الله الصنوي- العربي الجديد-