ستراتفور- ترجمة أسامة محمد -
طوال الحرب الجارية في اليمن، قامت القوات الموالية للرئيس السابق «علي عبد الله صالح» في وقت سابق بإطلاق صواريخ باليستية على أهداف داخل اليمن وتجاه المملكة العربية السعودية. وتعتبر هذه الصواريخ أداة حاسمة لتحالف الحوثي و«صالح» لاستخدامها في الرد على التحالف الذي تقوده السعودية، والذي تعطيه قدراته الجوية ميزة كبيرة في الصراع.
وعلى الرغم من الضغوط المستمرة بسبب العمليات الجوية التي تقودها السعودية، لا يزال الحوثيون و«صالح» في اليمن يشكلون تهديدا باستخدام الصواريخ الباليستية. ويبدو أن المهندسين المحليين تمكنوا من تعديل القذائف الموجهة لزيادة قدراتهم، ومواصلة الحصول على الذخيرة لتعزيز أنشطتهم. غير أنه لا توجد مؤشرات على أن المتمردين يقتربون من إنتاج نظم قذائف محلية. وفي هذه المرحلة، تظل قدرات صواريخ الحوثيين و«صالح» تعتمد اعتمادا كليا على المخزونات الموجودة والإمدادات الخارجية.
وفي هذا الشهر فقط، زعمت المصادر الحوثية أنها أطلقت عدة صواريخ من نوع «زلزال -2» على قواعد عسكرية سعودية بالقرب من اليمن. وعلى الرغم من الجهود العسكرية التي شنتها قوات التحالف بقيادة السعودية، والمدعومة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضدهم، لا يزال الحوثيون والموالون لـ«صالح» يستخدمون الصواريخ البالستية، كما يدعون أنهم يحسنون قدرات الصواريخ. ويمكن لهذا التحسن، الذي يحدث بدعم خارجي محتمل، أن يشكل خطوة نحو التقدم في قدرات تنمية الصواريخ المحلية.
الأهداف القريبة والبعيدة
وقامت القوات التي تقاتل التحالف الذي تقوده السعودية بتطبيق ترسانة الصواريخ الباليستية بطريقتين مختلفتين. أولا، استخدموا الصواريخ تكتيكيا لزيادة تكلفة التدخل على القوات السعودية والإماراتية في اليمن. واستخدمت صواريخ باليستية ذات مدى أقصر مثل صواريخ توشكا الروسية لاستهداف القواعد الأجنبية والنقاط اللوجستية في اليمن. وقد أدت بعض الضربات الصاروخية إلى أضرار جسيمة، مما أدى إلى تدمير المعدات وقتل ما يصل إلى عشرات من القوات الأجنبية.
قام الموالون لـ«صالح» والحوثيون بتطبيق الخطة بطريقة استراتيجية، من خلال إطلاق الصواريخ على السعودية لمحاولة ردع السعوديين عن القيام بعمليات عسكرية في اليمن. واستهدفت معظم هذه الصواريخ مواقع عسكرية سعودية في المحافظات المتاخمة لليمن، على الرغم من أن القوات الحوثية تدعي أيضا أنها أطلقت عدة صواريخ في عمق السعودية، مستهدفة مكة والرياض. وتدير السعودية أنظمة دفاع صاروخي من طراز باتريوت الأميركي التي اعترضت عددا كبيرا من الصواريخ وقد نفت الرياض أن تكون قد تلقت ضربات. وأيدت شركة رايثيون، الشركة المصنعة لأنظمة باتريوت، التصريحات السعودية من خلال الادعاء بنسبة نجاح 100% لأنظمتها في الخدمة السعودية. (الصورة: 74 هجوما صاروخيا مزعوما للحوثين في 6 أشهر).
الردع البحري
في نهاية عام 2016، أطلق المتمردون الحوثيون أيضا عددا من الصواريخ المضادة للسفن على السفن التابعة للتحالف الذي تقوده السعودية والبحرية الأمريكية. وفي حين أن هذه الصواريخ تختلف عن الصواريخ البالستية التي تستخدم ضد القوات على الأرض، وضد الأهداف في المملكة العربية السعودية، فإن استخدامها يعزز تصور تهديد صاروخي متقدم قادم من اليمن. وبالتالي، عندما أطلق الحوثيون صواريخ مضادة للسفن على سفن تابعة للبحرية الأمريكية في أكتوبر / تشرين الأول 2016، ردت الولايات المتحدة بإطلاق صواريخ كروز على مواقع رادار ساحلية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين. وفي يناير/كانون الثاني 2017، استعادت قوات التحالف مناطق ساحلية مهمة بالقرب من مضيق باب المندب، مما ساعد في التخفيف من خطر الصواريخ على السفن البحرية.
ولكن لم يكن هناك أي ردع مماثل عندما تعلق الأمر بتهديد الصواريخ الباليستية. وعلى الرغم من الحملة الجوية للتحالف، وادعاءات المملكة العربية السعودية خلال بعض نقاط الصراع بأنها دمرت معظم مخزونات القذائف في اليمن، إن لم يكن كلها، يواصل الحوثيون وقوات «صالح» إطلاق الصواريخ الباليستية.
ويمكن أن يعني استمرار استخدامها أن هناك فجوة في استخبارات التحالف الذي تقوده السعودية، وأن هناك مخزونات متبقية غير معروفة ولم يتم تدميرها. أو قد يعني ذلك أن المتمردين ما زالوا قادرين على استيراد أو حتى إنتاج صواريخهم. وقد فرض التحالف حصارا على اليمن، مما جعل من الصعب شحن هذا النوع من الصواريخ إلى البلاد، ولكن ربما لم يكن ذلك مستحيلا. حيث يمكن تهريب الأجزاء الحرجة المستخدمة في تعديل أو بناء الصواريخ خلال الحصار.
قدرات متزايدة
قبل الصراع، استخدمت القوات اليمنية الصواريخ ، حيث كانت جزءا من وحدات الحرس الجمهوري الموالية لـ«صالح»، التي امتلكت عددا من الصواريخ الباليستية المختلفة. وكانت تلك الصواريخ التي كانت معروفة رسميا في الترسانة اليمنية هي صواريخ سكود و توشكا التي تنتجها روسيا، فضلا عن الصواريخ المدفعية من طراز أوراغان 220 ملم. كما قام الجيش اليمني بتشغيل عدد كبير من أنظمة الصواريخ المدفعية من طراز لونا-إم الروسية الصنع وغير الموجهة، ولكن تم الزعم أن هذه الصواريخ قد أزيلت من الخدمة قبل النزاع الحالي.
وبالإضافة الى ذلك، فقد كان من المعروف أيضا أن اليمن أدخلت الخدمة عددا من صواريخ «هواسونغ -6» التي صنعت في كوريا الشمالية، حيث اعترضت البحرية الاسبانية شحنة في عام 2002 تم السماح لها فى النهاية. وتعد صواريخ هواسونغ نسخة محدثة من صواريخ سكود.
غير أن القوات الموالية لـ«صالح» والحوثيين تتكلم اليوم عن استخدام أنواع مختلفة تماما من الصواريخ في هجماتهم، أبرزها صواريخ بركان -1 وبركان 2 وقاهر وزلزال -2. ومن المعروف أن أيا من هذه الصواريخ لم يكن موجودا في الترسانة اليمنية قبل الصراع، ومن المعؤكد أن واحدا منها فقط، وهو زلزال، لم يكن مذكورا على الإطلاق. ويذكر أن زلزال هو صاروخ أصدرته إيران محاكيا لنظام الصواريخ المدفعية لونا - إم الروسية. وقد ادعى بعض المراقبين أن إيران تقوم بتهريب هذه الصواريخ إلى اليمن، على الرغم من أن اليمن يزعم أن صواريخ «زلزال - 2» تنتج محليا وهذا يشير إلى أنها يمكن أن تعدل نسخا من أنظمة الصواريخ القديمة لونا- إم وصواريخ القاهر، وهى صواريخ دفاع جوى من طراز «سا - 2» الروسية تم تعديلها لضرب أهداف أرضية.
وتعدل صواريخ بركان هي الأخرى على الأرجح تعديلا لمنظومات صواريخ قديمة موجودة بالفعل في الترسانة اليمنية، حيث يبدو أن مماثلة لشكل وأبعاد صواريخ سكود. من المحتمل أن تقوم القوات اليمنية بتعديل صواريخ سكود بنفس الطريقة التي قامت بها كوريا الشمالية وإيران والعراق عبر تطويل خزانات الدفع الداخلي لتوسيع نطاق الصاروخ. وإذا كانت بعض هذه الصواريخ قادرة حقا على الوصول إلى مكة أو الرياض، بغض النظر عن إصابة هدفها من عدمه، فإن هذا يعني أن المهندسين اليمنيين تجاوزوا التعديلات البسيطة على قدرات الصاروخ بما يشمل إعادة تصميم الصاروخ داخليا وليس مجرد تمديده. ومن غير الواضح ما إذا كان المهندسون اليمنيون يعيدون تصميم الصواريخ، ولكن مع توسع قدرات الصواريخ، يتحرك الاتجاه بعيدا عن التعديل نحو إعادة التصميم.
وفي بلدان أخرى، أدت هذه العملية إلى وضع برامج مستقلة لتطوير الصواريخ. وبدأت كوريا الشمالية وإيران على حد سواء بتعديل أنظمة الصواريخ الروسية الصنع قبل تطوير بدائلها الأطول مدى. من المهم أن نلاحظ، مع ذلك، أنه في هذه المرحلة لم تلاحظ أي قدرات تتجاوز تعديلات الصواريخ في اليمن. وفي ظل الضغط المستمر للحملة الجوية التي تقودها السعودية، من غير المرجح حاليا أن يطور اليمن برنامجا متكاملا لتطوير الصواريخ في حين تشير التقارير إلى اعتمادها على خبراء خارجيين من إيران على سبيل المثال. وسيستمر تهديد الصواريخ الباليستية من المتمردين اليمنيين في الاعتماد على مخزونات الصواريخ المتبقية، أو على الواردات من حلفاء اليمن.