ميدل إيست آي- ترجمة شادي خليفة -
تتحول الأمور في اليمن الذي يعاني حربا أسفرت عن مصرع 10 آلاف شخص، وأدت إلى اندلاع وباء الكوليرا، وتركت ملايين الأشخاص يواجهون المجاعة. ولكن هذا التحول أكثرها درامية، حيث تحسنت حظوظ «صالح»، الرئيس اليمني السابق، وأصبح اعتلاؤه منصب الرئاسة من جديد مسألة وقت.
ووفقًا للتقارير، تنظر المملكة العربية السعودية، بناءً على طلبٍ من الإمارات العربية المتحدة، في التخلي عن الرئيس المنتخب الحالي، «عبد ربه هادي»، والتحول إلى دعم «صالح»، في محاولة لإنهاء الحرب التي دخلتها ظاهريًا لحماية هادي من تقدم الحوثيين المدعومين من إيران.
ولم يختف «صالح» بعد سقوطه عام 2011 خلال الربيع العربي في اليمن. فقد وقف موالوه في الجيش مع الحوثيين بهدف البقاء السياسي، رغم الحروب المريرة التي قاتلوا خلالها ضد الحركة أثناء وجودهم في السلطة.
ويقول المحللون أنّ قرار السعودية سيكون مشوشًا مثل الحرب نفسها، مع تغير جهة الولاء يومًا بعد يوم. وإذا صحت هذه الأخبار، ستكون هناك آثار كبيرة على مستقبل كلٍ من اليمن وأولئك الذين يسعون إلى توجيه مسارها.
اتفاق سعودي إماراتي؟
وذكر تقريرٌ نشرته دورية «إنتيليجانس أون لاين»، وهو موقع فرنسي على الإنترنت، أنّ «أحمد العسيري»، وهو قيادة مخابراتية سعودية، والذراع الأيمن لولي العهد السعودي «محمد بن سلمان»، قد توجه إلى أبوظبي في أواخر الشهر الماضي للقاء «أحمد صالح»، ابن الرئيس السابق، والسفير السابق لليمن لدى الإمارات.
وتفيد التقارير بأنّ الزيارة شملت مفاوضات حول تشكيل حكومة يمنية جديدة إما برئاسة «صالح» نفسه أو ابنه أو رجلٌ موثوقٌ به من رجالهم.
ووفقًا للتقرير، منذ صعود «محمد بن سلمان» الشهر الماضي لولاية العهد، كانت الرياض أكثر انفتاحًا على فكرة «عودة السلطة إلى الرئيس اليمني السابق».
وأشار التقرير الفرنسي إلى أنّ دول الخليج تنظر في إعادة رئيس الوزراء السابق اليمني «خالد بهاء»، الذي أقاله «هادي» العام الماضى، كبديل له.
وأفادت «ميدل إيست آي» في يونيو/حزيران أنّ «محمد بن سلمان» قد أخبر الإمارات أنّه يجب على «هادي»، الذي لا يزال يعيش في المنفى في الرياض، التنحي، وأن يخلي الساحة لغيره.
وقالت الخبيرة في الشؤون اليمنية «ندى الدوسري» أنّ التقارير عن الاتفاق قد تكون صحيحة، وأنّ احتمالات مثل هذه التسوية ستكون مدمرة لليمن.
وقالت «الدوسري»، وهي زميلة كبيرة غير مقيمة في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط: «إذا كانت هذه التقارير صحيحة، فإنّ مثل هذه التسوية لن تحل مشاكل اليمن ولن تعالج الأسباب الرئيسية وراء الحرب، والتي تكمن في حقيقة أنّ السلطة تتركز في يد النخبة الشمالية التي يمثلها صالح وعائلته وشبكات المحسوبية».
وأضافت أنّه من غير المحتمل أن يقبل غالبية اليمنيين مثل هذه الخطوة
وفي الوقت الذي شكك فيه خبير الشؤون اليمنية، «براء شيبان»، في مصداقية التقرير، فإنّه يعتقد أنّه كانت هناك «محاولة واضحة» من قبل الإمارات وبعض العناصر داخل الحكومة السعودية والمخابرات «لجذب وإقناع الجماعات داخل حزب صالح بالانضمام إلى معسكرهم».
وقال «شيبان»، وهو ناشط في مجال حقوق الإنسان، أنّه يعتقد أنّه من غير المرجح أن تكون السعودية تساند مثل هذه الخطة، أو أنّ العسيري قد التقى أحمد صالح.
ووفقًا لـ«شيبان»، على الرغم من أنّ هناك توترٌ متزايد بين «هادي» والإمارات، فمن غير المرجح أنّ القوى الخليجية سوف تتطلع لاستبداله في الوقت الراهن.
وقال شيبان لـ «ميدل إيست آي»: «هناك شعورٌ في المنطقة وعلى الصعيد الدولي بأنّ هادي قد لا يكون مناسبًا كزعيم للبلاد، ولكن لا أحد مناسب ليحل محله».
وقال «شيبان» أنّ الأمور تعقدت بسبب العقوبات على «ابن صالح» من قبل الأمم المتحدة في أبريل/نيسان عام 2015 نتيجة الضغوط السعودية على مجلس الأمن الدولي.
وقال أنّ الخطة ستضر بالعلاقات السعودية في اليمن ومصالحها الأمنية الأوسع.
وأضاف أنّ «هذه الخطة قد تؤدي إلى انفصال اليمن، والذي قد يخلق شمال معاد جدًا يمكن أن تتلاعب به إيران بسهولة».
احتكاكات متزايدة
وقد أدت هذه التقارير إلى زيادة الاحتكاكات بين الإمارات و«هادي» في الأشهر الأخيرة، وهو ما يهدد بالانفجار.
وفي مايو/أيار، كشفت «ميدل إيست آي» أنّ «هادي» قد اتهم «محمد بن زايد»، ولي عهد أبوظبي، بالتصرف وكأنّه محتل، وليس نيته تحرير البلاد.
ورد «هادي» بإقالة رجلين قريبين من الإماراتيين، وهم حاكم عدن «عيدروس الزبيدي»، و«هاني علي بن بريك»، وزير الدولة والقائد العام لقوات الحزام الأمني، الذي تديره الإمارات.
وقال «ضاحي خلفان تميم»، رئيس الأمن السابق في دبي، خلال الأسبوع نفسه، أنّ «استبدال هادي مطلبٌ خليجيٌ وعربيٌ ودولي».
وقد هدد العداء بين الجانبين بتقسيم التحالف بقيادة السعودية الذي يقاتل الحوثيين في اليمن.
واستمرت الحملة المدعومة من السعودية منذ عامين ولم تظهر أي علاماتٍ لقرب طرد الحوثيين من العاصمة صنعاء.
وتعتقد «الدوسري» أنّ هذه التقارير تشير إلى أنّ استراتيجية السعودية في اليمن تعاني حالة من الفوضى.
وقد لقي نحو 10 آلاف شخص مصرعهم، وأصيب أكثر من 40 ألف آخرين جراء الحملة العسكرية السعودية.
ولكن بالنسبة لـ«صالح»، قد يكون مثل هذا الاحتمال فرصته الوحيدة لاستعادة نوعٍ من السلطة في اليمن.
تحولات في التحالفات
وكان الحوثيون متحالفين مع «صالح» منذ عام 2014، وأعلنوا حكومة إنقاذ وطني، مع البرلمان المعروف باسم المجلس السياسي الأعلى، في نهاية العام الماضي. لكن كان من المتوقع حدوث الخلافات بينهم.
واندلعت التوترات بين «صالح» والحوثيين عندما حاول الحوثيون توسيع نفوذها في مناطق «صالح» من خلال القبائل دعم القبائل. وعلى الرغم من أنّه من غير الواضح من التقارير ما هي انعكاسات هذه الخطة المستقبلية على الحوثيين، يعتقد المحللون أنّها قد تؤدي إلى نهاية التحالف الحوثي مع «صالح».
وذكرت «الدوسري» أنّ تحالف الحوثيين مع «صالح» كان نتيجة لوجود أعداء مشتركين. لكنّ هذا التحالف كان بين عدوين، يتزايد عداؤهما لبعضهما البعض يومًا بعد يوم.