DW- بالعربية-
طفى اسم حي المسورة في مدينة العوامية على السطح مؤخراً إثر المواجهات بين القوات السعودية ومسلحين يتحصنون فيه. ما آخر المستجدات هناك على الأرض؟ وكيف قدم شاهد عيان، لجأ إلى ألمانيا قبل أيام، روايته لما حدث وكيف ردت السلطات؟.
أظهرت فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي اليوم الأربعاء (التاسع من آب/أغسطس 2017) سيطرة قوات الجيش والأمن السعوديين على حي المُسورة في مدينة العوامية، التابعة لمحافظة القطيف شمال المملكة. وكانت المواجهات قد اندلعت في شهر مايو/أيار الماضي بين مسلحين والقوات السعودية. وأظهرت صور ولقطات مصورة المدينة وقد تحولت إلى ساحة حرب، وآثار القذائف والرصاص والدمار بادية في الأزقة والشوارع وعلى الجدران. ونقلت وكالة رويترز قبل يومين عن سكان قولهم إن ما يصل إلى 12 شخصاً قتلوا على مدى الأسبوع المنصرم بينهم ثلاثة من رجال الشرطة وتسعة مدنيين.
البدايات وصولاً للانفجار
شكلت مدينة العوامية منذ الربيع العربي في عام 2011 بؤرة للاحتجاجات والتظاهرات. وعن تلك الأيام وكيف وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه يحدثنا شاهد عيان، خرج من العوامية قبل حوالي الشهر، في حديث خاص بDWعربية: "منذ بداية الربيع العربي خرجت الناس في تظاهرات سلمية للمطالبة بأمور خدمية وبحقوق الإنسان وإخراج الأسرى من السجون. ثم تطورت المطالب إلى سياسية. واجهتنا السلطات في البداية بالعصي والهراوات ثم بالمواد الحارقة والغاز المسيل للدموع ثم بالرصاص الحي".
واستمرت الأحداث بالتصاعد وشهدت المدينة هجمات على قوات الأمن من حين لآخر، حسب ما أوردت وكالة رويترز. ويؤكد شاهد العيان، الذي تقدم قبل أيام بطلب لجوء في ألمانيا، "ظهور المسلحين في السنتين الأخيرتين"، بيّد أنه يلقي باللائمة على الدولة؛ إذ أنها هي من "جرتهم" لذلك، مبرراً ذلك بأن "كثر الضغط يولد الانفجار". سألناه عن عددهم، فأجاب أنه لا معلومات لديه بهذا الشأن.
"تطوير" أم "تهجير"
يرجع تاريخ بناء حي المسورة إلى أربعمائة عام خلت. وتظهر الصور المنتشرة على شبكة الانترنت قدم وتهالك أبنيته وأزقته. واندلعت المواجهات الأخيرة قبل حوالي ثلاث أشهر، إثر شن القوات السعودية حملة مكثفة لـ"تحييد" من وصفتهم "بالإرهابيين" من الحي والبدء في "تطويره". العضو السابق في مجلس الشورى السعودي، د. محمد بن عبد الله بن سعيد آل زلفة، يتمسك بالرواية الرسمية ويقول في حديث خاص لـ DWعربية: "لم يعد الحي صالحاً للسكن. دفعت الدولة للسكان تعويضات مجزية جداً ووعدتهم بإقامة حي نموذجي محل الحي القديم. ما حصل أنه بعد خروج الأهالي احتل المسلحون الحي وروعوا الأهالي وحاولوا منع أعمال الهدم. وحوّلوا ذلك الحي إلى وكر للإرهاب والمخدرات".
يشكل سكان حي المسورة ما يقارب عشرة بالمئة من عدد سكان العوامية. وينفي د. محمد بن عبد الله بن سعيد آل زلفة، أستاذ التاريخ الحديث في "جامعة الملك سعود"، حدوث أي عملية "تهجير قسري" ويقول إنه من حق الأهالي العودة للحي بعد الانتهاء من إعادة بناء الحي من جديد.
أما شاهد العيان، الذي "يحمل شهادة بكالوريس جامعية وكان يعمل موظفاً ويعمل إلى جانب ذلك في التجارة"، فيقول في شهادته الحصرية لنا: "كان بإمكان السلطات حل الأمر بطريقة أكثر سلمية وبدون تعقيده وتكبيره"، ويردف أن الأوضاع في العوامية "لا تطاق" ويتحدث عن "تهجير واستهداف للناس العزل".
وقبل الأحداث الأخيرة كان حوالي 30 ألف من السعوديين الشيعة يقطنون في العوامية. ويقدر سكان أن ما يصل إلى 20 ألف شخص فروا لبلدات وقرى أكثر أمناً قرب المنطقة. هذا في حين يقول شاهد العيان، البالغ من العمر 28 عاماً، إن 85 بالمئة من سكان العوامية أضحوا "مهجرين". ويتابع أن العمليات لم تقتصر على حي المسورة، بل امتدت شمالاً ومن ثم إلى حي الجميمة.
شبهة الارتباط بإيران وحزب الله؟
قالت وزارة الداخلية السعودية الاثنين (السابع من آب/أغسطس 2017) إن ثلاثة سعوديين أدرجت السلطات أسماءهم على قائمة تضم 23 مطلوباً أمنياً سلموا أنفسهم للجهات الأمنية في المملكة. ومعظم المطلوبين المدرجة أسماؤهم على القائمة، التي أعلنتها السلطات في يناير كانون/الثاني 2012، إما قتلوا أو اعتقلوا في السنوات القليلة الماضية. وقالت صحيفة "سعودي جازيت" إن ثلاثة فقط من بين الأسماء الواردة في القائمة الأصلية ما زالوا طلقاء فيما سلم ثمانية أنفسهم. وأضافت أن البقية قتلوا في اشتباكات مع قوات الأمن.
يقول شاهد العيان في تصريحاته لنا إنه مطلوب أمنياً منذ شهر وخمسة أيام ويضيف: "لم يكن له أي علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالحراك السلمي أو بحمل السلاح، غير أن كل من يتفوه بكلمة يُتهم بالعلاقة مع إيران وحزب الله". وتقول مصادر سعودية إن تأثير إيران وصل إلى العوامية عن طريق رجل الدين الشيعي نمر النمر. وكانت وزارة الداخلية السعودية قد أصدرت بياناً في الثاني من كانون الثاني/يناير 2016، قالت فيه إنه تم "تنفيذ حكم القصاص في 47 "إرهابياً"، من بينهم نمر النمر. سألنا د. محمد بن عبد الله بن سعيد آل زلفة، ذي التوجهات الليبرالية، عن الأدلة والمستمسكات التي بيد السلطات لاتهامات ارتباط ما يحدث بإيران وحزب الله، فأجاب: "عرض الإعلام السلاح المصادر من الإرهابيين. وتأثير إيران ليس خافياً على أحد". من جانبه، أكد شاهد العيان "وجود مجموعات قليلة مرتبطة بإيران وحزب الله"، غير أنه عاد واستدرك ولكن السلطات تتهم "كل الشيعة بذلك".