سياسة وأمن » حروب

باختراقها المجال الجوي لقطر.. أبوظبي تلعب بالنار

في 2018/01/13

أحمد علي حسن - الخليج أونلاين-

شكّل اختراق طائرات حربية تابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة للمجال الجوي لدولة قطر، بعد نحو ستة أشهر من الأزمة الخليجية، محاولة جديدة من قبل دول الحصار لرفع حدّة التوتّر، ومحاولة إضفاء الصبغة العسكرية على الخلاف، وذلك بعد أن تمكّنت الدوحة من تجاوز الحصار المفروض عليها.

قطر التي تعاملت مع الأزمة الخليجية بدبلوماسية عالية، يبدو أنها نجحت في رفضها ابتلاع الطُّعم التي وضعته الإمارات في سماء الدوحة؛ عبر اختراق أجوائها مرتين خلال شهرين متتالين.

وعلى الرغم من أن حادثتي الاختراق تشكّلان خرقاً لسيادة قطر، وحدثاً غير مسبوق في أشهر الأزمة، فإن الدوحة ذهبت نحو المجتمع الدولي للتعاطي مع الأمر؛ عبر تقديم شكاوى للأمم المتحدة، وتحذير الإمارات في إطار قانوني.

فقد وجهت دولة قطر رسالتين متطابقتين إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن الدولي، بشأن اختراق طائرتين إماراتيتين لمجالها الجوي، في تاريخي 21 ديسمبر 2017، و3 يناير 2018.

- الإمارات تلعب بالنار

وحسب رسالة قدمتها المندوبة الدائمة لدولة قطر لدى الأمم المتحدة، السفيرة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، فإن الحادثة الأولى وقعت "يوم الخميس 21 ديسمبر 2017، في الساعة 09:45، عبر طائرة حربية إماراتية".

في حين أن حادثة الاختراق الثانية سُجّلت عندما خرقت "طائرة نقل جوي عسكرية إماراتية، تحمل الرمز التعريفي (DHC-6)، قادمة من أبوظبي إلى مملكة البحرين، مجال قطر الجوي، في 3 يناير 2018، عند الساعة 10:10".

هاتان الحادثتان الإماراتيتان وضعهما مراقبون ومحللون في خانة محاولة جرّ الدوحة لعداء تقف وراءه أبوظبي للدوحة، على غرار ما حدث في 24 نوفمبر 2015، حين أسقطت تركيا طائرة روسية قرب حدود مع سوريا، ما أدخل البلدين بأزمة خانقة.

المراقبون اعتبروا أن عملية الاختراق الجوي التي قامت بها الإمارات هي خطوة استفزازية وتعدٍّ على السيادة القطرية، فالدوحة وفقاً للقوانين والمعاهدات الدولية لها حقّ الرد على مثل هذا الخرق وإسقاط أي طائرة تخترق مجالها الجوي دون موافقة، إلا أن قطر كانت أكثر حنكةً، وتعاملت مع القضية بحرفية عالية فوّتت من خلالها الفرصة على أبوظبي.

فانسياق قطر وراء الرد على دخول الطائرتين أجواءها يعطي مؤشّراً بنجاح الإمارات في استدراجها لعمل عسكري ضدها، فالرد القطري، والذي يعتبر طبيعياً ومن حقها، ربما تستخدمه دول الحصار ذريعة باعتباره "هجوماً عسكرياً مصدره الدوحة"، إلا أن قطر شرعت مباشرة بوضع كل المبررات للمجتمع الدولي ومجلس الأمن لأي ردٍّ قد تقوم به لأي تعدٍّ على سيادتها من قبل هذه الدول.

- تحذير قطري

وعلى أثر الحادثتين، حذّرت دولة قطر، الإمارات العربية المتحدة من تكرار اختراق مجالها الجوي، وحذّرت من أنها "ستتخذ كامل الإجراءات اللازمة للدفاع عن حدودها ومجالها الجوي وأمنها القومي، حفاظاً على حقها السيادي المشروع".

ورأت الدوحة الحادثتين انتهاكاً صارخاً لسيادة دولة قطر وسلامة حدودها وأراضيها، "علاوة على كونها خرقاً سافراً للقانون الدولي والاتفاقيات والمواثيق الدولية"، معتبرة أنها تأتي في سياق "استمرار الإجراءات الاستفزازية الأحادية غير المسؤولة".

الشيخة علياء آل ثاني أكّدت أن "تكرار هذه الحادثة النكراء، واستمرار الإمارات في انتهاك سيادة دولة قطر، وتهديدها لسلامة حدودها وأراضيها، دليل على مضيّها في النهج الرامي لخرق أحكام القانون الدولي والاتفاقيات والمواثيق والأعراف الدولية".

أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حذر مسبقاً من وقوع أي مواجهة عسكرية بسبب النزاع الدبلوماسي القائم مع الرباعي العربي، قائلاً: إن "ذلك من شأنه إغراق المنطقة في حالة من الفوضى".

في برنامج "60 دقيقة"، الذي بُثّ مؤخراً على شبكة "سي بي إس" التلفزيونية الأمريكية، قال أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني: في حال "حدوث أي عمل عسكري فإن المنطقة (الشرق الأوسط) ستكون في حالة من الفوضى".

وعندما التقى في واشنطن مع ترامب، في سبتمبر الماضي، قال أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح، إن وساطة الرئيس الأمريكي ساعدت على تجنّب أي أعمال عنف.

وقال الشيخ الصباح، الذي يحاول بنفسه التوسّط لحل الخلاف الخليجي: "الحمد لله، المهم الآن هو أننا أوقفنا أي عمل عسكري".

وفي إطار حديث سابق عن احتمال شنّ دول الحصار عملاً عسكرياً ضد الدوحة، قال وزير خارجية قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إن دول المقاطعة تتبع نمطاً من السلوك لا يمكن التنبّؤ به.

آل ثاني لم يستبعد تحرّك السعودية والإمارات والبحرين عسكرياً ضد الدوحة، استناداً إلى عدم وجود أي خطوة إيجابية لهذه الدول في اتجاه حل الأزمة، التي بدأت في 5 يونيو، من خلال الحوار والوساطات الدولية.

لكن، على الرغم من تأكيده عزوف قطر عن وقوع مواجهة عسكرية، فإنه أبدى استعداد بلاده "جيداً" للأمر، ويمكنها الدفاع عن نفسها بالاعتماد على شركائها (فرنسا وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة)، التي تمتلك قواعد عسكرية في قطر.

وقال آل ثاني في التصريحات التي نقلتها وكالة بلومبيرغ الأمريكية: إن "(..) كل الخيارات قائمة على الطاولة بالنسبة إلينا، لكن لدينا ما يكفي من الأصدقاء من أجل منعهم (دول الحصار) من اتخاذ هذه الخطوات".

وقبل 6 أشهر، قطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، علاقاتها مع قطر وفرضت ضدها إجراءات عقابية، بدعوى دعمها للإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة، متهمة الرباعي بمحاولة فرض الوصاية على قرارها الوطني.