الخليج أونلاين-
يتصاعد قلق اليمنيين حول مستقبل أرخبيل سقطرى اليمنية المصنفة ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي، فمن جهة باتت الإمارات تفرض سيطرتها على إدارة الأرخبيل تحت غطاء التحالف المساند للشرعية في ظل أصوات تفضح مطامعها، ومن جهة أخرى ما يقوله الصوماليون بأحقيتهم الجغرافية بالأرخبيل في وقت تعيش فيه البلد حالة ضعف وتمزق هي الأسوأ بتاريخها.
البداية من المحاولات الصومالية منذ سنوات لضم أرخبيل سقطرى عبر قضية "الجرف القاري"، وهو أمر أهملته الحكومة اليمنية سابقاً، ويجب متابعته وفقاً للقوانين الدولية التي تعترف بالسيادة اليمنية على الجزيرة، لكن المحاولات الصومالية لم تتوقف بعد.
والجرف القاري هو مناطق قاع البحر وما تحته من طبقات متصلة بالشاطئ تمتد خارج البحر الإقليمي إلى عمق مئتي متر، أو إلى ما يتعدى هذا الحد إلى حيث يسمح عمق المياه باستغلال الموارد الطبيعية لهذه المنطقة، وفقاً للمادة الأولى من اتفاقية جنيف لعام 1958 التي حلت مكانها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار 1982 ووقعتها اليمن في 1987.
- تأكيد يمني
وزير النقل السابق، خالد إبراهيم الوزير، أصدر بياناً نشره على صفحته في فيسبوك بشأن الجدل الدائر حول أرخبيل سقطرى قال فيه: "من وجهة نظري كمسؤول سابق على علاقة بهذا الملف من خلال عملي كرئيس للجنة الفنية الرئيسة للجرف القاري فإن أرخبيل سقطرى يمني دون نقاش أو جدل، بكل المقاييس القانونية والدولية والتاريخية، وليس الأمر بحاجة إلى الدفاع أو الجدل حوله".
وأوضح الوزير أنه وفقاً لقواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة المعنية بالجرف القاري فقد حدد لكل دول العالم فترة عشر سنوات لإثبات وجود جرف قاري لها من عدمه، وعندما عينت رئيساً للهيئة العامة للشؤون البحرية في العام 2003 علمت بهذه المعلومة، وكان قد مرت سنوات للموعد المحدد، واستكملنا الإجراءات، وتم تقديم الوثائق المطلوبة للأمم المتحدة قبل الوقت المحدد، وتم تفادي سقوط حق اليمن في إثبات جرفها القاري.
- اعتراض صومالي
وأضاف المسؤول اليمني: "تقدمت الصومال آنذاك باعتراض، وحسب ما أتذكر أن اعتراضها كان حول الادعاء (كذباً) بوجود تداخل بين جرفها القاري وجرفنا القاري احتساباً من شواطئ الصومال وليس من أرخبيل سقطرى، فهي لم تدعِّ ذلك أبداً، وهذه معلومة مؤكدة لا تقبل النقاش".
وتابع: "وبطبيعة الحال فإن اليمن على الدوام وعبر وزارة النفط كانت تعلن عن مواقع الامتيازات للتنقيب عن النفط والغاز والمعادن في بحارها الإقليمية ومنطقة الجرف القاري، ومنها أرخبيل سقطرى وما حوله، وامتداداً لمنطقة الجرف القاري، وهذا أمر طبيعي".
لم يغلق الملف مع الصومال بعد ليفتح ملف مع الإمارات التي استغلت وجودها في التحالف العربي للتحكم في سقطرى، حيث اعتمدت أبوظبي على شراء الولاءات وتدريب القوات الأمنية والعسكرية، وتعيين الموالين لها في قيادة المحافظة، وشراء الأراضي، وتجنيس مواطنين لبسط هيمنهتا، بل إن أحد المحللين الإماراتيين طالب في حديث مع إحدى القنوات باستفتاء مصير لسكان سقطرى.
يتوقع الناشط اليمني عاطف السقطري أن "اليمن قد تفقد سقطرى مستقبلاً ليس بسبب الاستفتاء الذي من المحال أن يحصل، لكن قد يكون من خلال الدعوة إلى استقلال سقطرى عن اليمن، لكونها ليست طرفاً في صراع يحصل بالبر اليمني، انعكس عليها بشكل مباشر، خصوصاً أنها مستقلة جغرافياً، وتمتلك لغة وثقافة مستقلتين".
- الوتر الإماراتي
وتابع في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "أتوقع أن هذا هو الوتر الذي يتم العزف عليه لتدخل الإمارات من بعد ذلك بأريحية تامة، حيث قد سبقت حينها الواقع هناك وتمكنت منه وجنست المجتمع بحذافيره، وكثيرة هي السيناريوهات والخيارات الواردة، ويمكن أن تكون جاهزة".
وعن موقف المجتمع السقطري قال عاطف: إن "المجتمع السقطري منقسم بين مؤيد بقوة ومعارض بصمت، لكن في النهاية الحاجة والمصلحة هي الحكم؛ أين تكمن مالَ لَها المجتمع، خصوصاً في مثل هذه الظروف التي يمرون بها، مع إغراءات لم يسبق لها مثيل من قبل الإمارات، قد تصل إلى التجنيس فعلاً".
وتساءل في حديثه عما يمكن أن تعمله السلطات اليمنية لو أعلنت سقطرى استقلالها والإمارات تدعم هذا المصير؟ خصوصاً في ظل غياب دور السلطة المحلية وغياب دور الشرعية، فالإمارات كل يوم تكسب ولاءات المجتمع، ومن يقتنع قدموا له خدمة ليرضوه؛ كأن يوظفوه معهم، أو يشغلوا له قريباً أو معروفاً، أو يعالجوه لديها، أو يسافر ولده للدراسة أو يعسكروه، وهكذا يكسبون الولاءات.
- تحركات خجولة
الادعاءات الصومالية والتربص الإماراتي أثمر عن حملة على مواقع التواصل الاجتماعي (#سقطرى_يمنية) تحذر من المساس بسيادة الجزيرة، وتستهجن موقف الحكومة المكبلة بقيود التحالف المساند لها في معركة استعادة الدولة من قبضة مليشيا الحوثي المدعومة من إيران.
أما تحركات السلطة اليمنية فخجولة، حيث اكتفى الرئيس هادي بتوجيه محافظ سقطرى بن حمدون بإيقاف قرارات اتخذها المحافظ بتغيير مديري الأمن العام والأمن السياسي والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في تصرف يتجاوز صلاحياته.
ووفقاً لمصادر في سقطرى فإن المحافظ اجتمع ببعض المشايخ ومديري العموم وصرف لهم 3 آلاف درهم إماراتي للتضامن معه في رفض توجيهات رئيس الجمهورية بالتزامن مع اعتماد الإمارات لمشاريع تدعم من خلالها بقاء المحافظ.
- الأمر معقد
وأياً كانت المطامع والأخطار يرى مراقبون أن حدود الدول موثقة في الأمم المتحدة وليس بمقدور أي طرف إجراء استفتاء للضم والإلحاق لأي إقليم أو جزيرة عبر أكثرية مواطنيه في الإقليم، وإلا فإن أكثر من 6 ملايين أجنبي في الإمارات بمقدور بلدانهم المطالبة بإجراء استفتاء لضم الإمارات إليها على سبيل المثال.
كما أن الاستفتاءات لا تتم في أي حال إلا برضا السلطة الشرعية وإشراف أممي في حال وجود نزاع على الاستقلال أو الانفصال من جزء من الدولة، لذلك ما تقوم به الإمارات في الجزيرة هو سياسة هيمنة أكثر من كونه قانون تملك.