سياسة وأمن » حروب

أطماع الإمارات تمتد لحضرموت.. هل بدأت حرب النفوذ مع الرياض؟

في 2018/02/21

الخليج أونلاين-

منذ انطلاق "عاصفة الحزم" في اليمن، كانت حضرموت بعيدة نوعاً ما عن العمليات العسكرية، الجوية منها والبرية؛ إذ لم تصل إليها مليشيا الحوثي التي تمددت في معظم المحافظات، لكنها كانت هدفاً لعمليات تنظيم القاعدة.

وفي عام 2015، وقَّع 95 شيخاً من قبائل حضرموت وثيقة يطالبون فيها السعودية بضم المحافظة إلى المملكة، بالتوازي مع تقارير صحفية تحدثت عن أطماع سعودية وإماراتية في المحافظة، التي يوجد ببعض مناطقها تنظيم القاعدة.

مطلع هذا الأسبوع، نقلت وكالة الأنباء الإماراتية خبر بدء عملية "الفيصل"، بدعم كبير من القوات المسلحة الإماراتية، لتطهير حضرموت من أوكار عناصر تنظيم القاعدة، في ظل امتعاض يمني من الدور الذي تلعبه الإمارات باليمن ونفوذها في الساحل الغربي والموانئ الممتدة على طول الشريط البحري اليمني باستثناء موانئ محافظة الحديدة غرباً.

- دور يضر باليمن

الصحفي والمحلل السياسي عبد الرقيب الهدياني، أشار إلى أن "أداء دولة الإمارات في إطار التحالف، خلال ثلاث سنوات وحتى اليوم، أصبح مشبوهاً؛ بل مُضِرّاً باليمن وأمنه واستقراره، والحكومة الشرعية التي جاءت لنصرتها ومساعدتها".

واعتبر في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن "التحرك الإماراتي باتجاه حضرموت في إطار ما سمي بالحرب على القاعدة في هذه المناطق التي أعلنت عنها، هو تنصل عن الهدف العام المحدد في تحرير المحافظات من الانقلابيين".

وأكد الهدياني أن "المناطق التي أُعلنت فيها العمليات العسكرية معظمها في يد الجيش الوطني ضمن المنطقة العسكرية الأولى، والملفت هنا أن الإمارات تتحرك ضد ما تسميه محاربة الإرهاب بمليشيات لا تخضع لتوجيهات الحكومة الشرعية، وكان اللواء فرج البحسني محافظ حضرموت أكد في اتصال مع قناة سكاي نيوز عربية أن جميع منابع وحقول النفط خارج سيطرة القاعدة وهي بعيدة عنها".

وتمتلك حضرموت أهم الموانئ في اليمن وثالث أكبر مطار، وشريط بحري وحدود برية مع المملكة العربية السعودية، كما أكدت الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية والثروات المعدنية اليمنية أنها تحوي مخزوناً من الذهب، إلى جانب الثروات النفطية والسمكية والزراعية والحيوانية.

الهدياني قال إن "كل تحرك تقوم به الإمارات يستهدف الحكومة الشرعية، وأدواتها ومؤسساتها، والتحرك الإماراتي إلى الوادي يأتي في إطار السيطرة على المطار والمنفذ، وما نخشاه استغلال القاعدة كلافتة لضرب الموانيء اليمنية، وإضعافها مقابل إحياء الموانيء الإماراتية".

ونفى الهدياني وجود تنظيم القاعدة كما أعلن في المناطق التي دُشنت فيها العمليات بحضرموت، وتابع: "لا مبرر لهذا التحرك عبر مليشيات خارج سيطرة الدولة، إذ لا يمكن مواجهة جماعات العنف بجماعات عنف أخرى، إذا كانت هناك حرب على الإرهاب فلتكن عبر مؤسسات الدولة".

وبحسب الهدياني فإن "التحرك الإماراتي في حضرموت يأتي على حساب الجيش الوطني المتواجد في تلك المناطق، وهذا السيناريو طبقته الإمارات في عدن وفي شبوه وفي المهرة، عبر عزل القوات الشرعية والمؤسسات الرسمية واستبدالها بموالين لها، وهذا يتم بضوء أخضر من المملكة العربية السعودية قائدة التحالف، والتحركات في إطار تنسيق كامل، والكثير من الأحداث والاختراقات التي استهدفت الحكومة الشرعية وآخرها ما حدث في عدن".

- تحرك بعيد عن الرياض "والشرعية"

وينظر المتابعون باهتمام لتزايد تحركات دولة الإمارات خارج نطاق الشرعية وإن كانت البيانات الصحافية تقول إنها تدعم الحكومة الشرعية، فيما تغيب عن الأنظار والخطوط الأمامية المملكة العربية السعودية التي قد تكون لها مخاوف أكثر من الإمارات بحكم موقعها الجغرافي من اليمن وحضرموت على وجه الخصوص.

وفي هذا الإطار أشار الهدياني إلى أن "على المملكة العربية السعودية أن تعي أنها صاحبة المصلحة الحقيقية في اليمن، فالإمارات بعيدة عن الحدود، وبالتالي فأمن السعودية واستقرارها من استقرار اليمن، وهي المعنية بإعادة ضبط إيقاع الوضع في اليمن".

ومع كثرة الحديث عن دور الإمارات ضمن التحالف العربي الذي لم يعد يخدم أهداف إعادة الشرعية، تُبرز تقارير صحافية الأطماع الاقتصادية لأبوظبي في الكثير من المحافظات المحررة، وآخرها حضرموت التي عملت فيها شركة ثانى دبي الإمارات للموارد الطبيعية والتعدين.

وقدرت دراسة أجرتها الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية والثروات المعدنية اليمنية في 2013 أن الاحتياطي من مادة الذهب في وادي حضرموت يصل إلى نحو 678 ألف طن صخور بنسبة 15 جرام ذهب في كل طن صخور، فيما تقول تقارير إن الاحتياطي هناك يصل 962 ألف طن.

- تقويض الشرعية

الصحافي والباحث السياسي علي الفقيه، أشار إلى أن "تقويض الشرعية يحوّل الحرب القائمة في اليمن من حرب بين شرعية وانقلاب إلى حرب أهلية بين مليشيات ومجاميع مسلحة".

وأكد الفقيه لـ"الخليج أونلاين" أن "العالم سيجد نفسه يوماً ما عاجزاً عن التفريق بين الأطراف المختلفة في اليمن، أو حتى وضع تعريفات لها".

وتابع قائلاً: "هذا أمر خطير جداً قد يدفع باليمن نحو صراع مفتوح زمنياً، لحالة مشابهة للحالة التي دخلت فيها الصومال، وربما يأخذ المدى الزمني ذاته، وحينها سيبحث الخارج عن آلية لحماية وتحقيق مصالحه ويتخلى عن أي دور لوقف الاقتتال أو حتى مجرد التحرك لاستعادة الدولة اليمنية".

الفقيه أكد أن "دور الإمارات واضح في دعم فصائل وتشكيلات مسلحة غير تابعة للحكومة الشرعية، والإمارات مستمرة في هذا الأمر وآخره دعمها لطارق صالح، وهذا يقوض الشرعية التي دخل التحالف لمساندتها، واليمنيون يرفضون ذلك لأنه يضر بمصلحة اليمن ويؤثر سلباً على معركة استعادة الشرعية".

ويعتقد الفقيه أن "التقرير الصادر عن لجنة الخبراء بخصوص اليمن والمكلفة من مجلس الأمن سيسهم في لفت انتباه الأطراف المعنية إلى الأخطاء التي وقعوا فيها خلال الفترة الماضية وفِي مقدمتهم الحكومة الشرعية".

وأشار إلى أن "الشارع اليمني والنخب تتابع أداء وتحركات الأطراف المختلفة، وكما رحب قطاعٌ واسع من اليمنيين بتدخل التحالف لمساندتهم في استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، فإنه لا يزال يعول على أن يراجع التحالف أداءه خلال الفترة الماضية بما يسهم في تصويب المعركة وتوحيد الجهود لتحقيق الهدف الذي أعلنه حين قرر التدخل في اليمن".

وأظهرت وسائل الإعلام الإماراتية اهتماماً كبيراً بعملية "الفيصل"، بوصفها العملية ضد تنظيم القاعدة، لكن المتابعين يتخوفون مما سيترتب عليها بعد أن تضع الإمارات يدها على المنطقة، وهي دائماً ما تبقى في المناطق المحررة ولا تستفيد منها الحكومة الشرعية بالحد المطلوب.