سياسة وأمن » حروب

أرقام مفزعة وإدانات أممية.. غارات التحالف «الخاطئة» تحصد أرواح اليمنيين

في 2018/02/27

وكالات-

لا تقتصر أسباب التساؤلات عن حقيقة فاعلية نيران «التحالف العربي لدعم الشرعية باليمن»، الذي تقوده السعودية، إلى الوضع الميداني على الأرض، والذي يتمثل في عدم التمكن من هزيمة ميليشيا جماعة «الحوثي» التي تسيطر على أجزاء واسعة من البلاد، بما فيها العاصمة صنعاء، منذ سبتمبر/أيلول 2014، بل أيضا إلى تكرار الضربات التي تقتل مدنيين بأعداد كبيرة، وتطال أيضا بالخطأ قوات موالية.

أحدث الضربات الخاطئة، كانت، الإثنين 26 فبراير/شباط الجاري، حيث تم الإعلان عن مقتل 6 عسكريين يمنيين على الأقل في غارة نفذتها طائرات تابعة للتحالف، وأصابت «عن طريق الخطأ» معسكرا لهذه القوات، حسبما أفادت مصادر عسكرية.

وقالت المصادر إن معسكر القوات الحكومية اليمنية المدعومة من التحالف الذي تم استهدافه يقع في مديرية «نهم»، التابعة لمحافظة صنعاء، على بعد نحو 50 كم شرق العاصمة، الخاضعة لسيطرة المتمردين الحوثيين، بحسب «الفرنسية».

المثير في الخطأ هذه المرة أنه لم يصب قوات متحركة، يمكن أن يتم تبرير إصابتها بقربها من العدو أو تداخلها مع خطوطه، خلال معركة، لكن الغارة أصابت معسكرا موجودا منذ فترة كبيرة، ولا يقع بالقرب من خطوط حوثية.

نيران طيران التحالف تسببت أكثر من مرة في حرج كبير للسعودية والإمارات، التي تشكل قواتهما الجوية القوام الأساسي لقوة ذلك التحالف.

قصف سكن عمال

ففي 24 يوليو/تموز، أكدت مصادر محلية يمنية أن مقاتلات التحالف العربي قصفت «بالخطأ» مجمعا سكنيا مخصصا للمهندسين والموظفين في المحطة الغازية لتوليد الطاقة الكهربائية في مدينة المخا الساحلية، التابعة لمحافظة تعز، غربي البلاد، ما أسفر عن سقوط أكثر من 100 قتيل والعشرات من الجرحى جميعهم من المدنيين.

وتحدث شهود عيان عن وقوع أربعة غارات جوية متتالية، على الأقل، على المجمع السكني، ما يضعف نظرية الخطأ.

وقد اعترف التحالف بالأمر على أنه أحد أوجه القصور التي يعالجها في منظومته الاستخباراتية، مرجعا القصف إلى «معلومات غير دقيقة».

استهداف خيمتي أفراح

ويوم الإثنين 28 سبتمبر/أيلول 2015، سقط صاروخين من طائرة على خيمتين في قرية وأحجة القريبة من ميناء المخا على البحر الأحمر، حيث كان يقام بهما حفل زفاف رجل ينتمي لجماعة «الحوثي»، ما أدى إلى مقتل 131 شخصا، بينهم نساء وأطفال.

وأكد سكان محليون أن الصاروخين أطلقتهما مقالة تابعة للتحالف العربي، لكن الأخير أصدر بيانا نفى خلاله مسؤوليته عن الأمر، وقال المتحدث باسمه العميد الركن «أحمد العسيري» إن مقاتلات التحالف لم تشن أية غارات خلال هذا اليوم أو اليومين اللذين سبقاه، متهما «جماعات مسلحة» بإطلاق القذائف التي سببت المأساة.

حينها، قال المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة العليا لحقوق الإنسان «روبرت كولفيل»: «إذا كانت هذه الأرقام هي فعلا كما ورد، فذلك قد يكون الحادث الأكثر دموية منذ بدء النزاع».

تدمير مجلس عزاء

ورغم تصريحات «العسيري» التي أكد فيها على دقة الضربات الجوية التحالف، فإن العام 2016 شهد مأساة أخرى، حينما استهدفت طائراته مجلس عزاء بصنعاء، ما أوقع عشرات القتلى والجرحى من المدنيين (140 قتيلا، على الأقل، وفق تقديرات أعلنتها جهات محسوبة على الحوثيين).

التحالف اعترف، حينها، بمسؤوليته عن الخطأ، لكنه ألقى اللوم كاملا على رئاسة الأركان اليمنية التي أكد أنها قدمت «معلومات مغلوطة» إلى مركز توجيه العمليات الجوية التابع له، بوجود قيادات حوثية مسلحة في المكان المستهدف، وعليه تحركت مقاتلات وقصفت المكان، الذي تبين أنه كان مجرد مجلس عزاء مليئا بالمدنيين.

التحالف أيضا اتهم مركز توجيه العمليات الجوية في الجمهورية اليمنية بالسماح بتنفيذ عملية الاستهداف بدون الحصول على توجيه من الجهة المعنية في قيادة قوات التحالف لدعم الشرعية، ومن دون اتباع الإجراءات الاحترازية المعتمدة من قيادة قوات التحالف للتأكد من عدم وجود الموقع ضمن المواقع المدنية محظورة الاستهداف.

وفي 26 أغسطس/آب 2017، اعترف «التحالف العربي» بتنفيذه الغارة التي تسببت بمقتل 14 يمنياً بينهم خمسة أطفال في صنعاء، مؤكداً أن ذلك حدث بسبب «خطأ تقني»، موضحا أن الهدف كان مركز قيادة وسيطرة واتصالات للحوثيين في حي فج عطان، عند الأطراف الجنوبية للمدينة، وهو ما نفاه سكان من المنطقة المستهدفة.

136 قتيلا في 13 يوما

وفي 19 ديسمبر/كانون الأول، قال المتحدث باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، «روبرت كولفيل»، إن ضربات جوية نفذها التحالف بقيادة السعودية في اليمن قتلت 136 مدنيا، غير المقاتلين، منذ السادس من الشهر نفسه.

وتابع «كولفيل»، في إفادة صحفية: «نحن قلقون للغاية بشأن الارتفاع في الفترة الأخيرة في أعداد الضحايا المدنيين في اليمن نتيجة للقصف الجوي المكثف للتحالف في أعقاب مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح في الرابع من ديسمبر».

الوقائع التي تحدث عنها متحدث المفوضية الأممية، تتضمن سبع ضربات جوية أصابت سجنا في أحد أحياء صنعاء في 13 ديسمبر/ كانون الأول وأسفرت عن مقتل 45 سجينا على الأقل يعتقد أنهم موالون للرئيس «عبدربه منصور هادي» الذي تدعمه السعودية.

وأضاف «كولفيل»: «يمكن افتراض أن ذلك وقع عن طريق الخطأ وأنهم لم يتعمدوا قتل سجناء من جانبهم، وهذا يظهر الافتقار إلى الإجراءات الاحترازية اللازمة».

وأكمل «كولفيل» أن ضربات جوية أخرى قتلت 14 طفلا و6 بالغين في منزل بالحديدة يوم 15 ديسمبر/كانون الأول فضلا عن امرأة و9 أطفال أثناء عودتهم من حفل زفاف في محافظة مأرب يوم 16 ديسمبر/كانون الأول.

وأكد مكتب حقوق الإنسان بالأمم المتحدة وقوع ضربات جوية على صنعاء وصعدة والحديدة، ما أدى إلى إصابة 87 مدنيا.

غارات أخرى

وقبل أن ينتهي العام المنصرم، وفي 28 ديسمبر/كانون الأول 2017، أعلنت الأمم المتحدة أن 68 مدنياً قتلوا في غارتين جويتين نفذتهما طائرات تابعة للتحالف العسكري بقيادة السعودية وأصابتا سوقاً شعبية ومزرعة في جنوب غرب اليمن.

وقال منسّق الشؤون الإنسانية لمنظمة الأمم المتحدة في اليمن «جيمي ماكغولدريك»، في بيان تلقت وكالة «فرانس برس» نسخة منه أن 54 مدنياً بينهم 8 أطفال قتلوا في الغارة الأولى على السوق الشعبية في منطقة الحيمة في تعز.

يذكر أن التحالف قد شكل، في أغسطس/آب 2016، لجنة تحقيق مكونة من 14 عضوا من دول التحالف، هي البحرين، والكويت، وقطر، والسعودية، والإمارات، واليمن، حققوا في شكاوى وردت من الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية حول استهداف مناطق سكنية، ومستشفيات، وأسواق، وعرس، وشاحنات لبرنامج الاغذية العالمي.

ووجدت اللجنة أن التحالف كان مخطئا في حالتين فقط، من ثمانية حالات محل التحقيق، وهما قصف مجمع العمال السكني في المخا في 2015، وقصف مستشفى حيدان بمحافظة صعدة، والذي تديره منظمة «أطباء بلا حدود»، في أكتوبر/تشرين الأول 2015 أيضا.

واعتبر الفريق أن التحالف لم يرتكب خطأ في الحالات الست الأخرى، من بينها قصف شاحنات إغاثة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في حريب بمحافظة مأرب، قال متحدث الفريق إنها لم تنسق تحركاتها مع قيادة التحالف.

وفي 4 فبراير/شباط الجاري، أفاد مصدر طبي يمني من مكتب الصحة الخاضع لسيطرة الحوثيين، بمقتل ثلاثة مدنيين وإصابة 38 آخرين في قصف جوي لمقاتلات التحالف العربي في العاصمة صنعاء.