راي القدس العربي-
طالب وزير الدولة اليمني صلاح الصيادي بخروج التظاهرات وتنظيم الاعتصامات من أجل عودة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى اليمن، واعتبر أن هذه الخطوة تضمن «شر هزيمة للميليشيات الإيرانية في اليمن». ومن المعروف أن هادي غادر مقره الرئاسي في العاصمة صنعاء مطلع العام 2015 بعد انقلاب الحوثي، وهو يقيم في العاصمة السعودية الرياض، ويتردد أنه تحت الإقامة الجبرية هناك.
دعوة الصيادي متأخرة أولاً لأن هادي لم يعد إلى مقرّ الحكومة المؤقت في عدن منذ أكثر من عام، وكان حرياً بالأصوات المطالبة برجوعه أن تصدر في وقت سابق، أو على الأقل حين مُنعت طائرته من الهبوط في مطار عدن بقرار من قائد حراسة المطار المدعوم من الإمارات.
وهي ثانياً دعوة لن تبلغ أسماع غالبية المواطنين في اليمن، شمالاً وجنوباً في الواقع، إذ ما الذي سوف يحثهم على التظاهر تأييداً لرئيس شاء بنفسه الارتماء في أحضان التحالف السعودي ـ الإماراتي، ورضخ لسلسلة الاشتراطات السياسية التي وضعتها الرياض وأبو ظبي تحت مظلة «عاصفة الحزم»، ويُعتبر مشاركاً في المسؤولية المباشرة عن جرائم الحرب التي يرتكبها التحالف بحق الملايين من أبناء اليمن؟ ثم مَن يصدق أن عودة هادي ستتكفل حقاً بإلحاق «شر هزيمة» بالحوثي، هو الذي عاد سابقاً فلم يندحر الانقلابيون على يديه.
جلي، ثالثاً، أن الصيادي لا يتمتع بمصداقية كافية تؤهله لحث اليمنيين على التظاهر والاعتصام للمطالبة بالإفراج عن هادي، فهو التحق به إلى السعودية، وشارك في تنظيم مؤتمر الرياض الذي أمّن الغطاء لانطلاق عمليات «عاصفة الحزم»، ويشغل منصب أمين عام «حزب الشعب الديمقراطي» الذي لا تُعرف له شعبية ملموسة تخوله الحق في حث الناس على الخروج إلى الشوارع، ولم يسبق له أن جابه الميليشيات اليمنية الجنوبية التي تدعمها الإمارات، والتي تناهض هادي وحكومة أحمد بن دغر.
ذلك يعيد معضلة إقامة هادي الجبرية إلى أصلها الراهن، المتمثل في اصطدام المصالح بين السعودية والإمارات في اليمن، وعدم رغبة الرياض في إفساد مشاريع أبو ظبي انتصاراً لكرامة الرئيس اليمني وحريته. ولم يعد خافياً أن طرائق تمركز القوات الإماراتية في مناطق الجنوب، وإقامة ثلاث قواعد عسكرية في ميناء المخا وجزيرة ميون وقرية ذو باب، فضلاً عن التمدد التدريجي على طول الساحل الغربي صوب جزيرة سقطرة، كلها إشارات تؤكد إقامة إماراتية طويلة الأمد في اليمن، ولن يكون مسموحاً للرئيس اليمني أو أنصاره بإفساد اللعبة أو تعكير صفوها.
هذا إذا غضّ المرء النظر عن حقائق التناقض الآخر المستعصي حالياً بين السعودية والإمارات، حول ميل أبو ظبي إلى دعم نجل علي عبد الله صالح مقابل حرص الرياض على استرضاء جماعة الإخوان المسلمين ممثلة في حزب «التجمع اليمني للإصلاح»، والصدام بين هذا الحرص وذاك الميل. في عبارة أخرى، ما يجمع المشروعين وما يفرقهما أكثر أهمية، وبالتالي أشد مدعاة للتفاهم والتسوية، من الالتفات إلى مشكلة إقامة الرئيس اليمني الجبرية في الرياض.
والأمر في نهاية المطاف يختصره سؤال بسيط: مَن يكترث، حقاً، بالإفراج عن هادي؟