سياسة وأمن » حروب

السعودية خسرت في اليمن ولم تحقق أهدافها

في 2018/03/20

واشنطن بوست- ترجمة منال حميد -

دعا مسؤولان في مجموعة الأزمات الدولية ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لإنهاء الحرب "الوحشية" في اليمن، خاصة أن السعودية خسرت الكثير في تلك الحرب ولم تستطع أن تحقق أهدافها المعلنة، وذلك في مقال مشترك لهما في صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية.

المقال الذي كتبه كل من روبرت مالي، المدير التنفيذي لمجموعة الأزمات الدولية، وابريل لونلي إلي، مديرة مشروع شبه الجزيرة العربية في المجموعة نفسها، يأتي بمناسبة زيارة ولي العهد السعودي إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

أوضح المقال أن "بن سلمان يحظى بدعم الغرب لإصلاحاته في عدة مجالات، إلا أن هذه الصورة الوردية التي يحاول أن يرسمها، لا ينبغي أن تُنسي العالم قصة التدخل العسكري السعودي في اليمن، التي تمر هذه الأيام ذكرى انطلاقتها الثالثة، دون أن تجلب سوى المزيد من الدمار والكوارث".

المأساة في اليمن ثلاثية؛ فلقد حملت عواقب إنسانية دراماتيكية، وساهمت بشكل كبير في تفاقم الحالة التي سعت السعودية لمعالجتها من خلال تقليص نفوذ الحوثيين وإعادة الشرعية، والمأساة الثالثة تمثلت في زيادة تفجر الأوضاع في الشرق الأوسط.

وشبه المقال الحرب بحروب القرون الوسطى، فلقد أدت إلى وضع أكثر من 8 ملايين يمني على خط الجوع، من إجمالي نحو 22 مليون نسمة باتوا بحاجة للمساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى وجود نحو أكثر من مليون حالة مشتبه بإصابتها بالكوليرا، في أسوأ تفشٍ لهذا المرض في العصر الحديث، في حين لم تعد تعمل إلا نصف المرافق الصحية في اليمن، وحتى تلك المرافق والمشافي تفتقر إلى الأدوية والمعدات والموظفين.

تقرير الأمم المتحدة عن عدد ضحايا الحرب السعودية في اليمن، والذي صدر في يناير من العام 2017، أشار إلى مقتل 10 آلاف مدني، وهو رقم لا يعبر عن حقيقة المأساة التي وصفها رئيس مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بأنها "نهاية العالم"، محذراً من أن الأمور تتجه نحو كارثة إنسانية هي الأسوأ في العالم منذ 50 عاماً.

ويرى المقال أن السعودية لا تتحمل مسؤوليتها إزاء ما يجري في اليمن، وهي تعمل على إعاقة المساعدات والشحنات التجارية وتواصل إغلاق مطار صنعاء الدولي، بل إنها قامت بقصف أهداف مدنية، بما في ذلك منازل وأسواق ومدارس وبنى تحتية، وكل هذا أدى دوراً كبيراً في زيادة المأساة.

ن الحرب، بحسب المقال، لم تُقرب الرياض من أهدافها المعلنة؛ بل تبدو السعودية بعد ثلاث سنوات أقل أمناً ممَّا كانت عليه قبل الحرب، فمتمردو الحوثي يطلقون الصواريخ على أراضيها بشكل يومي، وزادوا من إمكانياتهم الصاروخية بشكل كبير؛ وجزء من ذلك بفضل إيران التي تدعمهم، حتى وصلت صواريخهم إلى عمق السعودية.

لقد اعتادت السعودية على الحديث عن أن حربها في اليمن هي مسألة وقت، قالوا ذلك في 2015، وقالوا ذلك في 2016 وقالوه في 2017، وفي هذا العام قالوا إن هذا العام سيكون في غاية الأهمية بالنسبة لحربهم في اليمن.

وأكد المقال أن مجموعة الأزمات الدولية في اليمن ترى الأمور بوضوح؛ فالحوثيون لا يتمتعون بشعبية حتى في معاقلهم الشمالية، ولكنهم قوة قوية، لديها براعة سياسية في التعامل مع الواقع اليمني، وأيضاً لديها قدرة في حرب العصابات، والحرب قدمت خدمة لهم وساعدتهم مالياً وعسكرياً أكثر من أي وقت مضى، فلقد أسهم القصف السعودي باستياء كبير لدى القبائل الشمالية؛ ممَّا ساعد الحوثيين على تقديم أنفسهم كجماعة وطنية.

إن تفكير السعودية بحرب طويلة ضد جماعة الحوثي سيكون خياراً سيئاً؛ فهو سيؤدي إلى نزيف مالي متواصل، وأيضاً إلى تقويض مكانة السعودية دولياً وزيادة العداء لها في هذه المناطق، بالإضافة إلى أنه سيزيد من حالة البؤس اليمني.

ويرى المقال أن على السعودية أن تسارع إلى الخروج من المأزق اليمني الذي أضر بسمعتها دولياً، وخاصة في الولايات المتحدة، ومن ثم فإن الرئيس دونالد ترامب يمكن أن يؤدي دوراً مهماً، إذا كان راغباً فعلاً، وعليه أن يوضح لبن سلمان أن الولايات المتحدة لن تواصل دعمها للحرب السعودية في اليمن، وأن على الرياض أن تتوقف عن عرقلة وصول المساعدات والسلع التجارية إلى اليمن، وأن على بن سلمان أن يبدأ التحرك فوراً لطرح مبادرة للسلام.

ويختم المقال بتأكيد أن الخيار الذي اتخذته السعودية في الدخول في حرب في اليمن، لتقليص نفوذ إيران ومواجهة مليشياتها هناك، لا يبدو صحيحاً، وأن عليها أن تصحح مسارها.