نيويورك تايمز- ترجمة فتحي التريكي -
تحاول إدارة «ترامب» بشدة عرقلة مساعي الحزبين في الكونغرس لوقف الدعم العسكري الأمريكي لحملة القصف التي يقودها السعوديون في اليمن، حيث يصل ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» إلى واشنطن هذا الأسبوع لإجراء محادثات مع الرئيس الأمريكي.
وحتى في الوقت الذي تدرس فيه وزارة الخارجية الموافقة على أكثر من مليار دولار من الأسلحة الجديدة للسعوديين، فإن المشرعين يدفعون باتجاه حل يقولون إنه سيمنع واشنطن من منح السعوديين ضوءا أخضر دائم لاستمرار النزاع.
ووفقا للأمم المتحدة، قُتل 10 آلاف مدني وجُرح 40 ألفا في القتال، ما أدى إلى تفاقم إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وهرع مسؤولون كبار في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) ومسؤولون في وزارة الخارجية إلى مقر الكونغرس الأسبوع الماضي لتحذير أعضاء مجلس الشيوخ في إحاطة سرية مغلقة، مفادها أن الموافقة على إجراء مجلس الشيوخ قد يلحق ضررا بالغا بالعلاقات مع السعودية.
ومن المقرر أن يجتمع ولي العهد السعودي مع الرئيس الأمريكي ومسؤولين آخرين يوم الثلاثاء، وقد يأتي التصويت على هذا الإجراء في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
منذ عام 2015، قدمت الولايات المتحدة الدعم للحملة الجوية بقيادة السعودية في اليمن من خلال إعادة التزود بالوقود جوا والتقييمات الاستخبارية والنصائح العسكرية الأخرى.
وقال وزير الدفاع الأمريكي «جيمس ماتيس» في خطاب أرسله الأسبوع الماضي إلى السيناتور «ميتش مكونيل» زعيم الأغلبية: «القيود الجديدة على هذا الدعم العسكري الأمريكي المحدود يمكن أن تزيد من الخسائر المدنية وتهدد التعاون مع شركائنا في مكافحة الإرهاب وتقلل من نفوذنا علىي السعوديين».
يصر البنتاغون على أن كل مساعداته العسكرية هي مساعدة غير قتالية، مثل تقديم المشورة للقوات الجوية السعودية لتجنب استهداف المدنيين، ولكن في الوقت نفسه، يحاول المقاول الدفاعي رايثيون أن يلجأ إلى المشرعين ووزارة الخارجية للسماح لها ببيع 60 ألف قطعة ذخيرة موجهة بدقة لكل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهي عضو آخر في الحملة الجوية، في صفقات بقيمة مليارات الدولارات.
وقالت السيناتور «إليزابيث وارن»، ديمقراطية من ماساتشوستس، إن القرار سيسمح باستمرار عمليات مكافحة الإرهاب المدعومة من الولايات المتحدة ضد القاعدة في أجزاء أخرى من اليمن، لكنه «سيضمن أن الولايات المتحدة لن تعطي السعوديين شيكا على بياض لتفجير اليمن ومفاقمة الأوضاع الإنسانية».
تواطؤ أمريكي
وفي جلسة استماع أجرتها لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ في الأسبوع الماضي، اتهم بعض أعضاء مجلس الشيوخ البنتاغون بالتواطؤ في حملة القصف العشوائية.
وقالت السيناتور «مازي كيهيرونو»، ديمقراطية من هاواي: «نحن نمكن السعوديين من مواصلة معركتهم هناك».
ويقول المسؤولون في البنتاغون إن المستشارين الأمريكيين لا يمنحون موافقة مباشرة أو غير مباشرة على اختيار الهدف أو تنفيذ التفجيرات، وبدلا من ذلك، يقدمون المشورة بشأن إجراءات الاستهداف ويسهلون التحقق من قائمة الأماكن المحظور ضربها مثل المباني والأسواق، وفي الآونة الأخيرة، ساعد هؤلاء السعوديون على تحسين فعالية نظمهم الوطنية المضادة للصواريخ، حسبما قال المسؤولون.
ولكن المسؤولين اعترفوا أيضا بأن الجيش الأمريكي لا يتتبع المسار الذي تسلكه أي طائرة سعودية تمولها الولايات المتحدة، وما هي الأهداف التي تستهدفها أو نتائج تلك المهمة.
وفي مارس/آذار 2015، بدأت المملكة العربية السعودية وائتلاف من الدول العربية حملة عسكرية تهدف إلى استعادة الحكومة الشرعية بعد انقلاب قاده المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران، وقد فشلت تلك الحملة حتى الآن في القيام بذلك، وتسببت بدلاً من ذلك في أخطر أزمة إنسانية في العالم، مع أسوأ تفش للكوليرا في التاريخ المعاصر وانتشار سوء التغذية بين الأطفال.
وفي العام الماضي، قالت المملكة العربية السعودية إنها تشارك في برنامج تدريبي لعدة سنوات بقيمة 750 مليون دولار مع الجيش الأمريكي، وتتخذ عدة إجراءات أخرى، للمساعدة في منع القتل غير المقصود للمدنيين في الحملة الجوية ضد المتمردين الحوثيين، وكان ذلك اعترافا ضمنيا بنقاط ضعف القوات المسلحة السعودية.
وتقول جماعات حقوق الإنسان إن السعودية فشلت في الوفاء بوعودها، وقال «سكوت بول»، المتخصص في السياسات اليمنية في منظمة أوكسفام الأمريكية: «لقد قدمت المملكة العربية السعودية تعهدات لجعل انخراطها في اليمن أقل دموية وتدميرا»، وأضاف: «لكننا نرى أدلة قوية على أن الوضع استمر في التدهور ولا يزال المدنيون الأبرياء يتعرضون لمخاطر هذه الحرب».
ووصف تقرير مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في يناير/كانون الثاني التدابير الاحترازية للتحالف بأنها «غير كافية وغير فعالة إلى حد كبير».
ومع تنفيذ المملكة العربية السعودية لما يصل إلى 200 مهمة يوميا في اليمن، تسعى المملكة لشراء المزيد من تلك الأسلحة الموجهة بدقة، والتقى «توماس كينيدي»، الرئيس التنفيذي لشركة رايثيون، بمسؤولين في وزارة الخارجية هذا الشهر للترويج لبيع الذخائر المقترح إلى السعودية والإمارات.
وقال «مايكل دوبلي»، المتحدث باسم «رايثيون»: «نحن نقدر شراكتنا الممتدة على مدار 50 عامًا مع المملكة العربية السعودية ونتطلع إلى مواصلة المساعدة في تلبية احتياجاتهم الأمنية».
في عام 2017، باعت الولايات المتحدة ما يقرب من 610 ملايين دولار من الأسلحة والذخائر إلى المملكة العربية السعودية و48 مليون دولار من الأسلحة النارية إلى الإمارات، ومع ذلك، فإن المعدات الكبيرة، مثل أنظمة الدفاع الصاروخية، شكلت جزءًا كبيرًا من المشتريات لكلا البلدين خلال العام الماضي.
وخلال رحلته إلى المملكة العربية السعودية العام الماضي، وهي أول زيارة له إلى الخارج كرئيس، قدم السيد «ترامب» للمملكة تعهدات بحزمة أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار.
وطالما ربطت مجموعات حقوق الإنسان أسلحة أمريكية الصنع بالنزاع في اليمن، وقال تقرير لـ«هيومن رايتس ووتش» في مايو/آيار 2017 إن ذخائر رايثيون قد استخدمت في أربع هجمات على الأقل قادتها قوات التحالف بقيادة السعودية ضد الأبرياء.
وفي إحدى هذه الهجمات، قُتل 31 مدنيا وجُرح 42 آخرون، وفقا للتقرير، وحصلت «هيومن رايتس ووتش» على جزء من إحدى القنابل التي استخدمت في الضربة والتي كانت تحمل علامات إنتاج لرايثيون وتاريخ تصنيع أكتوبر/تشرين الأول 2015