سياسة وأمن » حروب

حرب اليمن «كارثة».. والسعودية غير قادرة على الفوز

في 2018/03/27

ذا ناشونال إنترست- ترجمة شادي خليفة -

يصادف هذا الشهر مرور 3 أعوام على بدء الحملة التي تقودها السعودية في اليمن، لكن هذا ليس من المرجح أن يكون مناسبة للاحتفال في الرياض.

وتشير التقديرات إلى أن الحرب كلفت السعوديين ما يزيد على 100 مليار دولار، فضلا عن تآكل السمعة الدولية للمملكة، مع فشلها في تحقيق أهدافها المتمثلة في «القضاء على النفوذ الإيراني» في اليمن.

وفي الوقت نفسه، عانى شعب اليمن بشكل كبير من الحملة السعودية المدعومة من الولايات المتحدة، والتي قتلت الآلاف من المدنيين اليمنيين، ودمرت البنية التحتية للبلاد، وأدت إلى انتشار المرض والجوع، ومع زيارة ولي العهد «محمد بن سلمان» إلى واشنطن، فإن أمام الإدارة الأمريكية فرصة لإنهاء هذه الحملة الوحشية.

وبالنسبة للسعوديين، كانت اليمن دائما هدفا تاريخيا للتأثير والنفوذ، ولكن أيضا ساحة حرجة للأمن والاستقرار، وذلك كون اليمن تشترك معها في حدود طويلة، ويسهل الوصول إليها من البحر، وتطل أيضا على مدخل البحر الأحمر.

وبالنسبة لإيران، من ناحية أخرى، تعد اليمن ساحة ثانوية، بالمقارنة مع العراق وسوريا، ومع ذلك، بالنسبة لاستثمار منخفض نسبيا في ميليشيا «الحوثي»، تمكنت إيران من الحصول على فائدة اقتصادية وعسكرية ودبلوماسية مرتفعة أمام منافستها الإقليمية الرئيسية.

وفي حملتها ضد الحوثيين، تتمتع المملكة العربية السعودية بمساعدة استخباراتية ومعونة لوجستية من قبل الأمريكيين، ولديها رابع أكبر ميزانية أمنية في العالم، بالإضافة إلى أسلحة متطورة تحت تصرفها.

ومع ذلك، تجد المملكة صعوبة في التغلب على عدو يقف على عتبة بابها، وفي الواقع، بالإضافة إلى التمسك بالعاصمة اليمنية صنعاء وغيرها من المناطق الرئيسية، أطلق الحوثيون أكثر من 100 صاروخ، يُزعم أنها صنعت في إيران، إلى عمق الأراضي السعودية، واستولوا على أكثر من 100 ميل مربع داخل المملكة.

وقد دفعت الفجوة بين الاستثمار في الأمن والأداء العسكري على الأرض الملك السعودي «سلمان» ووريثه ولي العهد «محمد» للتغيير على مستوى أعلى قيادات المؤسسة الأمنية، بما في ذلك رئيس الأركان، وقائد القوات البرية، وقائد الدفاع الجوي.

وتم تبرير هذه التغييرات كجزء من عملية التحديث، لكنها تعكس في الواقع الإحباط المتزايد بين النخبة السعودية من أداء الجيش. ومن السابق لأوانه القول ما إذا كانت هذه التغييرات ستقود إلى تغييرات جوهرية في الاستراتيجية، وما تأثير ذلك إن وجد، على استمرار القتال.

وبغض النظر عن نجاحها النسبي، تواجه إيران أيضا صعوبة في العمل في اليمن، ويتسبب الحصار البحري الذي تفرضه الدول العربية، بمساعدة الغرب، في تقييد قدرة إيران على فرض الأحداث على الأرض، وإظهار حدود قوتها.

وبما أن طهران غير قادرة على كسر الحصار، فلا خيار أمامها سوى تهريب كميات أقل بكثير من «المستشارين» والأموال والأنواع المختلفة من الأسلحة، بما في ذلك قطع الصواريخ، إلى الحوثيين.

وفي الوقت نفسه، كشفت الحرب في اليمن الطبيعة الضعيفة لعلاقات المملكة مع حلفائها المسلمين الرئيسيين، وأهمهم باكستان، التي رفضت إرسال جيشها لمساعدة المملكة.

وكانت حكومة «السيسي» في مصر، التي استثمرت فيها الرياض عدة مليارات من الدولارات واعتبرتها «العمق الاستراتيجي» للمملكة، قد رفضت أيضا إرسال أعداد كبيرة من القوات البرية للمشاركة في القتال، وبدلا من ذلك، أرسلت القاهرة مجموعة صغيرة من عدة مئات من الجنود، وثلاث إلى أربع سفن لمساعدة الرياض. و

في بعض الحالات، حتى تلك البلدان التي وافقت على المشاركة في الحملة التي قادتها السعودية، أحدثت تضاربا في المصالح مع الرياض أثناء القتال؛ على سبيل المثال، يدعم السعوديون والإماراتيون قوى مختلفة ومتناقضة، وينظران نظرة مختلفة إلى مستقبل اليمن، وقد أدى هذا الاحتكاك في بعض الأحيان إلى عنف بين الفاعلين المحليين على كل جانب.

وينبغي على واشنطن أن تستغل علاقة الرئيس «ترامب» الوثيقة مع ولي العهد في زيارته إلى واشنطن كفرصة لإنهاء هذه الحرب الكارثية؛ حيث لا يمكن للائتلاف الذي تقوده السعودية أن يفوز في هذه الحرب، ولكن يمكنه تسوية الصراع بشروط مواتية، ويجب على الولايات المتحدة مساعدته على فعل ذلك فقط.

وفي مقابل زيادة الدعم الأمريكي للحملة السعودية لفترة محدودة، ينبغي على الرئيس «ترامب» أن يطالب السعوديين باتخاذ المزيد من الاحتياطات لمنع وقوع إصابات بين المدنيين، وزيادة المساعدات المقدمة للمدنيين اليمنيين المعرضين لخطر المرض أو الجوع، مع وجوب تحفيز السعوديين للتوصل إلى حل سياسي في أقرب وقت ممكن، في حين أن توجيه ضربة للحوثيين والزخم الذي يوفره الدعم الأمريكي سيضع الضغط على الإيرانيين.

ومع تحفيز كلا الجانبين لإنهاء الحرب، يبدو من الممكن التوصل إلى نوع من الاتفاق السياسي.

ولقد كانت الحرب في اليمن كارثة على جميع الأطراف المعنية، ولذا فإن إنهاءها هو الشيء الذكي والصحيح الذي ينبغي القيام به.

ولأن التدخل الإيراني هو الأكثر نجاحا في المناطق التي تعاني من الصراع أو انعدام الأمن، فإن إنهاء الحرب له فائدة إضافية تتمثل في إضعاف قدرة الجمهورية الإسلامية على التدخل في الشؤون الإقليمية.