سياسة وأمن » حروب

بالأرقام.. كم أنفقت السعودية على حربها في اليمن؟

في 2018/03/28

الخليج أونلاين-

لم تكن تكلفة الحرب المستمرّة في اليمن منذ ثلاثة أعوام تقريباً قاسية على اليمنيين وحدهم، فالمملكة العربية السعودية، قائدة "التحالف العربي"، باتت تعيش تراجعاً حادّاً في اقتصادها، تصنَّف الحرب اليمنية ضمن أحد أسبابه.

ولم تعلن السعودية أو غيرها من دول التحالف (الإمارات، والكويت، وقطر، وعمان، والبحرين، والسودان) أيّ تكلفة لعملياتها العسكرية في اليمن، إلا أن تقارير دولية وخليجية تناولت هذه التكلفة المنهكة بأرقام متفاوتة.

"الخليج أونلاين" حاول عبر رصد وتحليل الأرقام والبيانات الرسمية وغير الرسمية المتعلّقة بالعمليات العسكرية في اليمن، الوصول إلى التكلفة الإجمالية لهذه الحرب.

- خسائر سعودية قاسية

وبحسب تقرير تلفزيوني بثّته قناة "العربية" السعودية، في 2 أبريل 2015، أي بعد 8 أيام فقط على انطلاق عملية "عاصفة الحزم"، فإن التقديرات أشارت إلى أن المملكة قد تنفق نحو 175 مليون دولار شهرياً على الضربات الجوية ضد مقاتلي "الحوثي" في اليمن، باستخدام 100 طائرة.

وأشارت القناة آنذاك إلى أن الحملة الجوية التي قد تستمرّ أكثر من خمسة أشهر، ربما تكلّف الرياض أكثر من مليار دولار أمريكي.

وفي أرقام بعيدة عن تقديرات القناة، قالت مجلة "فوربس" الأمريكية، بعد 6 أشهر من اندلاع الحرب، إن تكلفة الأشهر الستة بلغت نحو 725 مليار دولار، أي إن التكلفة الشهرية تصل لـ 120 مليار دولار.

تقدير آخر جاء في دراسة نشرتها مؤخراً جامعة هارفارد الأمريكية، أشارت فيها إلى أن تكلفة الحرب تصل إلى 200 مليون دولار في اليوم الواحد.

أما صحيفة "الرياض" السعودية، فقدّرت أيضاً تكلفة تشغيل الطائرات السعودية المشاركة بالحرب بنحو 230 مليون دولار شهرياً، متضمّنة تشغيل الطائرات والذخائر المُستخدمة والاحتياطية، وثمن كافة قطع الغيار والصيانة وغيرها.

من جانبه قدّر موقع "دويتشيه فيليه" الألماني تكلفة تشغيل الطائرات السعودية المشاركة بالحرب، ويبلغ عددها 100 طائرة، بمبلغ 175 مليون دولار شهرياً.

وفي ظل هذه الأرقام التي يصعب إيجاد مقاربة بينها للتكلفة الحقيقية، يمكن قياس العمليات السعودية في اليمن على أخرى شبيهة نُفّذت خلال السنوات القليلة الماضية، وكانت تكلفتها معلنة.

ومعظم تكلفة الحرب في الحالة اليمنية يستهلكها سلاح الجوّ، فالتحالف العربي لم يتدخّل في اليمن برّياً حتى الآن.

وأعلن المتحدث الرسمي باسم قوات "التحالف العربي"، اللواء أحمد عسيري، في مارس من العام الجاري، أن عدد الطلعات الجوية التي نفّذها طيران التحالف في سماء اليمن بلغت أكثر من 90 ألفاً.

وأشار عسيري، في ذات التصريحات التي أدلى بها لصحيفة "التايمز" الأمريكية، إلى أن الحرب على مليشيا "الحوثيين" في اليمن أغالبها جوية.

واعتماداً على هذا الرقم، وقياساً بتكلفة الطلعة الجوية الواحدة للطائرات الأمريكية المشاركة بالحرب ضد تنظيم الدولة في سوريا والعراق، التي تُقدّر بـ 84 ألف دولار إلى 104 آلاف دولار، فإن التحالف العربي أنفق على الضربات الجوية في اليمن خلال عامين 7 مليارات و560 مليون دولار، إلى 9 مليارات و360 مليون دولار.

ووفق تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في 15 سبتمبر 2014، فإن تكلفة الطلعة الجوية لطائرة أمريكية واحدة من قاعدة إنجرليك الجوية في تركيا، لقصف أهداف "داعش" شمالي العراق، تُقدّر بين 84 ألفاً و104 آلاف دولار، بما يشمل ثمن القنابل والوقود وكافة التكاليف التشغيلية.

- مصاريف بعيداً عن القتال

ولا يمكن حساب بقية التكاليف العسكرية للحرب في اليمن؛ فجميع الأرقام والبيانات المتوفّرة حول كميات الأسلحة المستخدمة في الحرب وأنواعها وتكلفتها غير رسمية، ومبالغ في جزء كبير منها، بحسب ما يصف مراقبون عسكريون.

ولكن تكلفة الحرب لا تتوقّف على النفقات العسكرية فقط، فالسعودية قدّمت لليمن منذ بداية الحرب، عام 2015 حتى منتصف العام الجاري، مساعدات تبلغ قيمتها 8.2 مليارات دولار، وفق وزارة الداخلية السعودية.

وفي مايو الماضي، أعلنت الداخلية السعودية تقديم المملكة مساعدات لليمن بقيمة 8.2 مليارات دولار، مقسّمة على عدة مجالات؛ تصدَّرها ملفّ التطوير، الذي نال 2.9 مليار دولار، تلته المساعدات للحكومة اليمنية بـ 2.2 مليار دولار.

كما تشمل المساعدات 1.1 مليار دولار لليمنيين المقيمين داخل السعودية، في حين بلغت قيمة المساعدات الإنسانية الموجّهة للمتضرّرين من الحرب 847.5 مليون دولار، إضافة لإيداع نحو مليار دولار في البنك المركزي اليمني.

وتضاف إلى المساعدات الإنسانية ونفقات الضربات الجوية تكلفة إعادة إعمار ما دمّرته الحرب، فبحسب التقديرات اليمنية الرسمية الأولية، من المتوقّع أن تبلغ الكلفة الإجمالية لإعادة إعمار اليمن قرابة 100 مليار دولار، تساهم دول مجلس التعاون الخليجي بـ 70% منها، أي ما يعادل 70 مليار دولار.

ويُظهر جمع بسيط للأرقام سالفة الذكر أن التكلفة التقديرية للحرب في اليمن على دول التحالف تتراوح بين 85 ملياراً و760 مليون دولار، إلى 87 ملياراً و560 مليون دولار، بما لا يشمل الخسائر غير المباشرة المتعلّقة بتراجع الاستثمارات في السعودية على وجه التحديد، والزيادة في الإنفاق العسكري، والنقص في احتياطي النقد الأجنبي.

- حرب اليمن تجبر على رفع الإنفاق العسكري

وفي استعراض سريع للبيانات التي تُظهر تأثّر اقتصاد السعودية بالحرب، نجد أن السعودية رفعت قيمة إنفاقها العسكري في العام 2015 إلى 82.2 مليار دولار، بعد أن كان قد بلغ في 2013، 59.6 مليار دولار فقط.

كما أعلنت شركة "آي إتش إس" للأبحاث والتحليلات الاقتصادية، أن مشتريات السعوديّة من السلاح قفزت بمعدل كبير، لتصبح المملكة المستورد الأول للسلاح على وجه الأرض في 2015، بقيمة 65 مليار دولار.

وفي مقابل زيادة النفقات العسكرية واستيراد السلاح، تراجع احتياطي النقد الأجنبي لدى المملكة بشكل غير مسبوق، فبعد أن كان 737 مليار دولار في 2014، انخفض إلى 487 مليار في يوليو 2017.

يضاف إلى تراجع احتياطي النقد الأجنبي تسارع وتيرة لجوء الحكومة إلى أسواق الدين خلال العامين الماضيين والعام الحالي.

وأعلنت وزارة المالية السعودية، في أغسطس الماضي، أن الدين العام للدولة بلغ 91 مليار دولار، تضاف إليهم صكوك محلية طرحتها المملكة خلال سبتمبر الماضي وأكتوبر الحالي، بقيمة 9.9 مليارات دولار، وسندات دولية بقيمة 12.5 مليار دولار، ليقفز بذلك حجم الدين السعودي إلى 113.4 مليار دولار.

- التداعيات الإجمالية للحرب

وفيما يتصل بالتداعيات الاقتصادية الإجمالية للحرب اليمنية على أطراف المعارك، يقول الباحث الاقتصادي، عبد الحافظ الصاوي، لـ "الخليج أونلاين"، إن ما حدث في اليمن أثّر في مناخ الاستثمار في كل من السعودية وإيران.

ويضيف الصاوي: "تركت الحرب تأثيرات سلبية على الملاءة المالية (مصطلح اقتصادي) لكلا الطرفين (السعودية وإيران)، وهو ما يظهر في وضع المملكة بشكل كبير، إذ تراجعت احتياطيات النقد الأجنبي ليكون دون حاجز الـ 500 مليار دولار، نهاية أغسطس 2017، إضافة لإقدام السعودية على الاستدانة الخارجية عبر إصدار سندات بنحو 12.5 مليار دولار بالسوق الدولية".

من جهة أخرى، يرى الصاوي أن الحرب خلقت حالة من ارتفاع تكلفة شراء السلاح من قبل جميع أطراف الصراع في اليمن.

ويربط المختص الاقتصادي أيضاً بين حالة عدم الاستقرار في المنطقة، التي خلقتها الحرب، وهروب الاستثمارات الأجنبية وحتى المحلية.

ويقول: "لا يخفى على أحد حالة الخروج لرؤوس الأموال من منطقة الخليج خلال الفترة الماضية، حتى ولو على مستوى الاستخدام الشخصي وتكاليف الإقامة في الخارج، فتركيا على سبيل المثال تشهد إقبالاً من قبل الخليجيين لشراء العقارات وإنشاء شركات ومؤسسات اقتصادية، وإن كانت في إطار الشركات الصغيرة والمتوسطة".

ويؤكد الباحث الاقتصادي أن استمرار الحرب في اليمن يضعف جميع المشاركين فيها على الصعيد الاقتصادي، كما أنه يقوّض الدور الإقليمي لهذه الدول من خلال استنزاف ثرواتها لصالح أطراف أخرى في المنطقة.

والسعودية تقود عملية "عاصفة الحزم" باليمن، التي بدأت في 26 مارس 2015، وتحوّلت إلى "إعادة الأمل" في 22 أبريل من العام نفسه.

ويشهد اليمن، منذ خريف عام 2014، حرباً بين القوات الموالية للحكومة من جهة، ومسلحي جماعة الحوثي والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح من جهة أخرى.

وبطلب من الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، يشنّ طيران التحالف، منذ مارس 2015، غارات جوية مكثّفة على مواقع الحوثيين وصالح، كإسناد للحكومة الشرعية المعترف بها دولياً.