إيمان ملوك- DW- عربية-
دخلت الحرب اليمنية عامها الرابع ما فاقم معاناة الأطفال اليمنيين. منظمة "أنقذوا الأطفال" تطلق ناقوس الخطر، ويقول مدير فرعها في اليمن تامر كيرولوس لـ DW عربية إن "قدرة البلد على حماية ومساعدة الأطفال ضئيلة للغاية".
ضاعفت سنوات الحرب من معاناة الأطفال في اليمن، إذ تسجل المنظمات الدولية باستمرار أرقاماً مقلقة عن حالات سوء التغذية الحاد، المرض والموت والحرمان من التعليم في صفوفهم. وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) منتصف شهر كانون الثاني/يناير الماضي مقتل وإصابة نحو خمسة آلاف طفل منذ التدخل السعودي في اليمن في آذار/مارس 2015، في وقت يواجه نحو 400 ألف طفل آخر خطر الموت جوعا. ووفقاً للمنظمة، يوجد حالياً في اليمن أكثر من 11 مليون طفل بحاجة إلى مساعدة إنسانية.
يزداد وضع اليمنيين، خاصة الأطفال منهم سوءا بسبب الحصار المفروض على اليمن، إذ يتعذر على منظمات الإغاثة الدولية إيصال المساعدات والأدوية إلى المناطق المتضررة. وعن كيفية مواجهتهم لهذه المعضلة يقول مدير منظمة "أنقذوا الأطفال" في اليمن، تامر كيرولوس، إن الوصول إلى الأشخاص المتضررين يحدث بصعوبة بالغة، ولكنه يتم.
وحول الوضع الحالي الذي يعيش فيه الأطفال في اليمن، يرى كيرولوس، بأن الوضع الإنساني هناك مأساوي على جميع المستويات سواء التغذية، المجال الصحي والتعليم، ويقول: "هناك حوالي 600 إلى 700 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، أما بخصوص المشاكل الصحية فهي موجودة بكثرة".
تفشي الأوبئة
من جهة أخرى حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) من احتمال عودة تفشي وباء الكوليرا في اليمن ما لم يتم إتاحة وصول غير مشروط للمساعدات الإنسانية بهدف منع حدوث ذلك. وتعمل منظمة "أنقذوا الأطفال" بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف)، بالتنسيق مع منظمات دولية الأخرى على التقليل من آثار وباء الكوليرا في حالة عودة انتشاره.
إذ يبدأ في هذه الفترة من السنة موسم الأمطار في اليمن ومع ارتفاع درجات الحرارة أيضاً، يحتمل أن يزداد انتشار الوباء. وعن جهود المنظمة في هذا الاتجاه يقول كيرولوس: "إنه وباء خطير ويجب أن نكون مستعدين بالأدوية والوقاية اللازمة قدر الإمكان لتفادي تكرار ما حدث العام الماضي، حين انشر الوباء بشكل واسع وحصد العديد من الأرواح، خاصة الأطفال".
الفقر والمجاعة
في منتصف شهر كانون الثاني/يناير الماضي، أعلنت منظمة (يونسيف) أن نحو 400 ألف طفل آخر يواجهون خطر الموت جوعاً. وبحسب كيرولوس فإن سوء التغذية مشكلة منتشرة بشكل كبير في اليمن، حتى قبل اندلاع الصراع، غير أن الوضع تفاقم بشكل كبير بعد التدخل السعودي واستمرار النزاع إلى ثلاث سنوات، حيث لا يستطيع حوالي 8 ملايين يمني تأمين وجبة غذائية، من ضمنهم عدد كبير من الأطفال.
وتعمل منظمة "أنقذوا الأطفال" في اليمن من خلال برنامجين، الأول يخص الرعاية والمتابعة الطبية والثاني يهم الأمن الغذائي، وعن هذه البرامج يقول مدير المنظمة في اليمن: "من خلال برنامج الرعاية والمتابعة الطبية نقوم بدعم الوحدات الصحية في الوصول بالأخص إلى المناطق الريفية وأهالي الأطفال لمعاينتهم وإمدادهم بالغذاء والعلاج المناسبين. أما من خلال برنامج الأمن الغذائي، فنقوم بتوزيع قسائم شراء أو مبلغ شهري على الأسر، حتى يتسنى لهم شراء الغذاء وباقي مستلزمات الحياة اليومية".
الحرمان من التعليم
يعد مجال التعليم من أكثر المجالات تضرراً في اليمن، حيث دُمرت الكثير من المؤسسات التعليمية منذ اندلاع الحرب هناك، واضطر نحو نصف مليون طفل يمني لترك الدراسة منذ تصاعد النزاع في البلد والتدخل العسكري للتحالف العربي بقيادة السعودية عام 2015، بحسب اليونسيف. وفي هذا السياق تعمل منظمة "أنقذوا الأطفال" على إعادة تأهيل المدارس المتضررة، ودعم المعلمين من خلال صرف أجورهم.
ويقول مدير المنظمة في اليمن: "بالأخص في الشمال هناك نقص حاد في صرف رواتب المعلمين ونحن نعمل من خلال برنامج التحفيز المجتمعي على تحفيز المعلمين على الاستمرار في العمل وكذلك الأهالي على إرسال أطفالهم إلى المدارس، كما نوفر أماكن مؤقتة للتعليم في المناطق المتضررة بشكل كلي، لحين استئناف المدارس عملها، وهناك برنامج للأطفال المنقطعين عن الدراسة منذ سنوات".
معاناة بين اليتم والتجنيد
من الأزمات الأخرى التي تحاصر أطفال اليمن، اليتم والتجنيد. إذ تم تجنيد حوالي 2419 طفلا يمنيا على الأقل من قبل الجماعات المسلحة منذ عام 2015، بحسب تقارير منظمة اليونسيف. ولا تواكب منظمة "أنقذوا الأطفال" في اليمن موضوع تجنيد الأطفال بشكل مباشر، كما يقول مديرها كيرولوس، غير أن المنظمة تقدم برامج توعية. ويضيف: "في العموم نعمل من خلال برامج حماية الأطفال على توعية الأطفال من الأشياء التي تلحق الضرر بهم".
أما بخصوص جهود المنظمة في إطار كفالة الأطفال الأيتام، الذين فقدوا ذويهم خلال الحرب، فتعمل المنظمة مع لجان حقوق الأطفال. وهذه الأخيرة تساعد المنظمة على الوصول ليس فقط إلى الأطفال الأيتام وإنما أيضاً إلى من يعيشون رفقة أسرهم، لكنهم يعانون من ظروف معيشية صعبة. ويلخص كيرولوس وضع حماية ومساعدة الأطفال في اليمن بالقول: "قدرة البلد على حماية ومساعدة الأطفال ضئيلة للغاية".