الخليج أونلاين-
كان تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن من خلال عملية عاصفة الحزم (26 مارس 2015) يحظى بالطلب الرسمي من الرئيس عبد ربه منصور هادي، والتأييد الشعبي الواسع من مختلف المكونات اليمنية؛ لكسر انقلاب مليشيا الحوثي وصالح، واستعادة مؤسسات الدولة، وإعادة الشرعية.
اليوم والتدخل العسكري يكمل عامه الثالث، تبدل المزاج العام في اليمن إزاء مسار عمليات التحالف الذي ساعد اليمنيين في تحرير نحو 80% من أراضيهم من سيطرة الانقلابيين، حيث ينتظر اليمنيون من التحالف أن يساعدهم في تطبيع الأوضاع في المناطق المحررة، وإعادة المؤسسات العامة والحكومة والرئيس إلى الأراضي اليمنية.
- نقطة تحوّل
الواقع اليوم واقعٌ مر؛ فالأراضي المحررة بدلاً من أن تكون قوة انطلاق للحكومة الشرعية لتحرير العاصمة صنعاء وعدد من المدن، تحوّلت إلى مناطق ترفض وجود الحكومة الشرعية بفعل سيطرة المليشيا الانفصالية، تدعمها الإمارات (إحدى دول التحالف).
السعودية التي تقود التحالف بدورها، حولت إقامة الرئيس والحكومة وقيادات الأحزاب في عاصمتها الرياض من إقامة مؤقتة إلى طويلة الأجل، وتقول إنها خشيةً على حياة الرئيس الشرعي.
اليمنيون يرون أن بقاء الرئيس وحكومته خارج البلاد له انعكاسات كبيرة على الميدان العسكري في جبهات القتال، وعلى تسيير الحياة العامة في المناطق المحررة، بل وكانوا يتهمون حكومتهم أنها لا تريد العودة لمشاركتهم الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد.
- ممارسات علنية
في مايو 2017 اتضح لليمنيين علناً الممارسات الإماراتية في الجنوب، والتي كانت تأخذ طابع التوقعات والإشاعات، وأصبحت حقيقة بإعلان ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي بدعم من أبوظبي، وهو كيان انفصالي مسلح، لقي التدريب والتسليح والتمويل من الإمارات؛ بالتزامن مع إنشاء مليشيات مسلحة في محافظات الجنوب.
انكشفت الأطماع الإماراتية تباعاً بعد سيطرتها على جزيرة سقطرى، وبناء قاعدة عسكرية في جزيرة ميون، المطلة على الممر المائي العالمي في باب المندب، وعرقلة العمل في ميناء عدن، والسيطرة على ميناء المخا.
وهنا تبدل المزاج الشعبي في اليمن نحو التحالف؛ فأصبح ينظر إليه كمتربص وطامع، وليس سنداً شقيقاً، وبدأت الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي التي ترفض سيطرة الإمارات على جزر وموانئ اليمن، وكذا عرقلة عملية التحرير في بعض المحافظات؛ كتعز، وسط صمت حكومي متوقع.
- تصريحات متتالية
ما لم يكن متوقعاً هو أن يلتحق بالغضب الشعبي استياء رسمي، بدأ في أكتوبر الماضي، وذلك بتصريح لمحافظ تعز السابق علي المعمري، حول دور الإمارات في تأخير تحرير تعز، ومنع القوات الإماراتية له من دخول ميناء مدينة المخا خلال زيارته للمدينة.
تبعه نائب رئيس الوزراء عبد العزيز جباري، في مقابلة مع قناة يمن شباب- بُثت في ديسمبر الماضي- حيث اتهم التحالف العربي بعدم الجدية في هزيمة الحوثي وإنهاء الحرب، رغم قدرة قوات الجيش الوطني على حسم المعركة خلال أسابيع إذا أراد التحالف ذلك.
استمرت التصريحات الرسمية المناهضة لممارسات التحالف، حيث دعا وزير النقل اليمني صالح الجبواني، أواخر فبراير الماضي، إلى اتخاذ قرار سيادي يصحح العلاقة مع الإمارات؛ وذلك بعد قيام قوات النخبة، المدعومة من أبوظبي، بمنع موكبه من المرور صوب ساحل شبوة، لوضع حجر الأساس لأحد الموانئ.
- التصعيد الأبرز
الأحد 11 مارس 2018، شهد التصعيد الأبرز في الموقف الرسمي اليمني تجاه التحالف؛ عندما ألمح وزير الدولة، صلاح الصيادي، إلى أن الرئيس هادي المقيم في الرياض، خاضع للإقامة الجبرية، ودعا اليمنيين لمظاهرات واسعة للمطالبة بعودة الرئيس.
هذا الموقف المرتبط بعلاقة التحالف بالشرعية اليمنية؛ أثار تساؤلات حول إمكانية أن يفقد التحالف الدعم الرسمي اليمني، بعد خسارته الواسعة للتأييد الشعبي، فهل يمكن للرئيس هادي أن يطلب نهاية لدوره؟ أو للدور الإماراتي على الأقل؟
الصحفي والمحلل السياسي اليمني مارب الورد، قال: إن "التململ والاستياء الرسمي اليمني يعود إلى أداء التحالف، وتعامله مع الشرعية، انطلاقاً من انحرافه عن أهداف التدخل، سواء بتجاوز الشرعية في عديد القضايا، أو بتهديد وحدة البلاد".
وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين" استبعد الورد "إقدام الشرعية على طلب الاستغناء عن التحالف، أو حتى إنهاء مهمة الإمارات في اليمن، رغم موجبات هذا القرار وتحوله إلى مطلب شعبي يمني يمكن قراءته بمواقف اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي".
وأوضح أن ذلك يعود إلى أن "القيادة الحالية للشرعية والأحزاب المؤيدة لها سلمت قرارها منذ البداية للتحالف، وقبلوا علاقة التابع والمتبوع التي لا تقوم على الشراكة الواضحة لمصلحة الطرفين، وهو السبب الرئيس في تأخر الحسم، وإطالة أمد الحرب ومعاناة الناس، وتفكك البلد، وتنامي عدد المليشيات".
لكنه اعتبر أن "الاستياء المعلن على لسان وزراء ومحافظين يُحرج التحالف، ويفضح ممارساته المخالفة لأهدافه المعلنة".
- خيارات يمنية
من جانبه، يرى المحلل السياسي اليمني عبد الرقيب الهدياني أن هناك خيارات كثيرة أمام الحكومة الشرعية والرئيس هادي، ليس أقلها رسالة أو إعلان بإنهاء مهمة التحالف العربي بقيادة السعودية، بعد انحرافه عن مساره، والمهمة المطلوبة منه، وانقلابه على الحكومة الشرعية، وتمكين المليشيا.
وأوضح في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن "الرئيس يستطيع مخاطبة المجتمع الدولي برسالة واضحة، يرفع من خلالها الغطاء القانوني عن التحالف، والذهاب إلى بلدان أخرى، مثل الصين وتركيا، وإلى دول نثق أنها ستعين الشرعية، ولن تنقلب في منتصف الطريق كما فعل التحالف، ولن تطعن الشعب اليمني في الظهر".
وأكد الهدياني أن التحالف "بهذه الممارسات كشف أن تدخله ليس لإعادة الشرعية، ومؤسسات الدولة؛ وإنما تدخل ليفكك الوطن، ويضع يده على مقدرات البلد، وإدخال البلاد في حالة من الفوضى والاحتراب".
لكن مراقبين يحذرون مما وصلت إليه علاقة الحكومة الشرعية والتحالف، والتي تتيح لمليشيا الحوثي الانقلابية الاستفادة والتبرير لحروبها؛ خصوصاً أن ممارسات السيطرة للتحالف تضفي لمليشيا الحوثي شرعية لحربها، ومبرراً لمقاومة ما تصفه بالعدوان الخارجي، ثم إن الضخ الإعلامي المصاحب قد يؤدي بالناس إلى قبول الناس بمليشيا الحوثي كضرورة وطنية لمقاومة التحالف.