الخليج أونلاين-
تحوّل كلي في موقف اليمنيين تجاه التحالف العربي، وخصوصاً الإمارات، بعد ثلاث سنوات من التدخل العسكري، فمن "شكراً إمارات الخير"، التي كانت ترتفع في الشوارع وعلى الملابس وفي المؤسسات، إلى "يسقط الاحتلال الإماراتي" على جدران مدينة عدن العاصمة المؤقتة للبلاد.
وتشارك الإمارات في عملية عاصفة الحزم، التي انطلقت في 26 مارس 2015، بقيادة السعودية تحت أهداف معلنة تتمثل في مساندة السلطة الشرعية والرئيس هادي لكسر انقلاب مليشيا الحوثي واستعادة مؤسسات الدولة وكبح تدخل إيران.
عدن التي كانت أول مدينة تتحرر من مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية في منتصف العام 2015، رحبت ومعها اليمنيون بدور دول التحالف، ومنها الإمارات، التي كان اهتمامها بمناطق الجنوب واضحاً منذ البداية.
- من الترحيب إلى التنديد
الترحيب برز في لافتات الشكر والعرفان لمساندة "الأشقاء"، اليوم وبعد تبدل الأجندة وانكشاف الأهداف المخفية- بحسب مراقبين- تبدلت ردة فعل اليمنيين تجاه التحالف، وخصوصاً أبوظبي، التي باتت ممارساتها في الجنوب محل رفض واستياء.
وتتمثل الممارسات الإماراتية المرفوضة يمنياً في دعم الانفصاليين وإنشاء مليشيات خارج سيطرة الحكومة الشرعية، والسيطرة على موانئ وجزر، وبناء قواعد عسكرية، ومنع الرئيس هادي من العودة إلى عدن، وتعطيل مؤسسات الدولة في المناطق المحررة، وإقصاء أطراف يمنية فاعلة في المقاومة الشعبية، ومنع تحرير بعض المحافظات كتعز.
ورصد مراسل "الخليج أونلاين" صوراً لجداريات في مدينة عدن عليها شعارات منددة بالإمارات وممارساتها في المدينة والمناطق المحررة عموماً، بل وتصفها بالاحتلال. كما بدأت مواقع التواصل الاجتماعي تعج بمثل هذه الصور الرافضة للوجود الإماراتي.
أبرز عبارات الشعارات المنتشرة، التي قامت قوات الحزام الأمني الموالية لأبوظبي بمسحها وفقاً لناشطين: يسقط الاحتلال الإماراتي، يسقط الاحتلال الإماراتي الماسوني.
- حالة غضب واحتجاج
أمّا في حضرموت فقد كشف الناشط اليمني عبد الجبار الجريري، أنه حصل على معلومات من مصادر داخل قوات النخبة الحضرمية- تدعمها الإمارات- تؤكد حالة غضب لدى عدد من الأفراد والضباط بسبب التصرفات الإماراتية غير المراعية لكرامتهم.
وأضاف الجريري في منشور على فيسبوك، أن أفراد النخبة غاضبون من تصرفات الضباط الإماراتيين وأن عجزهم يعود لمخاوف الفصل كما حدث مع زملاء لهم.
وبين فترة وأخرى تنفذ وقفات احتجاجية من قبل أمهات المخفيين قسراً والمعتقلين تعسفاً من قبل قوات الحزام الأمني في عدن المدعومة من الإمارات، للمطالبة بالكشف عن مصير ذويهم والسماح بزيارتهم والإفراج عنهم، ورفضاً لما يتعرضون له من تعذيب.
وفي تقريرها العالمي 2018، أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش أن للإمارات دوراً في عمليات تعذيب وإخفاء في اليمن (مناطق الجنوب)، وتدير مرافق احتجاز غير رسمية، فضلاً عن نقلها لمعتقلين بارزين خارج اليمن.
- اتساع دائرة الرفض
يرى المحلل السياسي اليمني عبد الرقيب الهدياني، أن دائرة الرفض للممارسات الإماراتية في اليمن تتسع يوماً بعد آخر، وأصبحت تشمل قطاعات شعبية ورسمية وحزبية وإعلامية ومنظمات المجتمع المدني، وأن ما تشهده جداريات عدن أو مواقع التواصل ما هو إلا بداية.
وأكَّد في حديثه مع "الخليج أونلاين" أن رفض الإمارات لم يعد صوتاً باهتاً أو ضعيفاً، والدليل أن وزراء وقيادات في الدولة يستقيلون بسبب ممارسات أبوظبي على الأراضي اليمنية.
وخلال الأسبوع الماضي استقال وزيران في الحكومة اليمنية هما: عبد العزيز جباري، نائب رئيس الوزراء وزير الخدمة المدنية، وصلاح الصيادي، وزير الدولة، بعد مواقف وتصريحات لهما تنتقد التحالف وأبوظبي.
واعتبر أن "الرفض الشعبي اليمني للممارسات الإماراتية أمر طبيعي على شعب حيٍّ غير مهادنٍ في حقوقه، ولا يمكن أن يخاف أو يصمت، اليمنيون تاريخهم مليء بالثورات، وآخرها إسقاط نظام المخلوع صالح".
- حراك شعبي قادم
وأضاف المحلل السياسي اليمني: "المجتمع اليمني تعود على هامش ديمقراطي من الاحتجاج وحرية الرأي والتعبير، وهناك منظمات مجتمع مدني وأحزاب سياسية وصحافة حرة".
وقال الهدياني: "ما دام أنه لا يوجد رد فعل من قبل الرئاسة والدولة اليمنية تجاه هذه الممارسات الخاطئة فستتنامى وتتصاعد هذه الاحتجاجات من الإعلام والتعبير إلى فعل، وسنكون على موعد مع حراك شعبي كبير".
وحذر من أنه "إذا لم تتحرك السعودية لكبح الممارسات الإماراتية، ووصل الشعب اليمني إلى أن التحالف بمجمله منسجم مع هذه التصرفات التي تمثلها الإمارات على الأرض؛ فإن الشعب اليمني لن يسكت وسيخرج في مظاهرات، وستعلو ردة فعله على كل المستويات، وسيضع التحالف في موقف حرج".