سياسة وأمن » حروب

بعد دخولها العام الرابع.. هل تنتج الحرب في اليمن جيلاً أميّاً؟

في 2018/04/13

الخليج أونلاين-

الحديث عن التعليم صعب في ظل الحرب، وتزداد الصعوبة حينما تضاف التهديدات الأمنية والظروف الاقتصادية التي يواجهها العاملون في حقل التعليم؛ واستهداف المنشآت التعليمية، وصعوبة الوصول إليها، وعدم كفاءة من يدير ما تبقى من التعليم، إلى جانب غياب معايير الجودة في المناهج والوسائل التعليمية.

الحرب في اليمن، وعلى مدى أكثر من ثلاث سنوات، خلّفت أرقاماً مخيفة تكشف عن أزمة إنسانية وكارثة صحية، فيما لا يزال الخطر الأبرز الذي يخشاه اليمنيون هو انهيار العملية التعليمية التي ستنعكس سلباً على كل مناحي الحياة في المستقبل القريب.

وفي ظل استمرار الحرب يدفع المعلمون ثمناً باهظاً يجعل من أداء رسالتهم بالجودة المطلوبة أمراً معقداً، حيث يعيش أكثر من 170 ألف معلم ومعلمة دون مرتبات لأكثر من عام حسب بيانات أممية.

- التعليم ينهار

رئيس منظمة "سياج" للطفولة، أحمد القرشي، أشار إلى أن "وضع الأطفال في اليمن كارثي بكل المقاييس، حيث أهدرت معظم حقوقهم بسبب الحرب والصراعات منذ سنوات، وضاعف ذلك تدخل السعودية".

واعتبر القرشي، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن "مستقبل التعليم في اليمن ينهار، ونتيجة ذلك فقد أكثر من ثلاثة ملايين طفل حقهم في التعليم، فيما لا يتلقى طلاب المرحلتين الأساسية والثانوية الحد الأدنى من التعليم بسبب عدم صرف مرتبات المعلمين".

صعوبات أخرى تحدث عنها القرشي تمثلت في "تدمير أكثر من 2600 مدرسة بشكل كلي أو جزئي، واستخدام المدارس لأغراض عسكرية، وعمليات النزوح، فضلاً عن الفقر الذي انعكس سلباً على قدرة الأسر اليمنية على إرسال أطفالهم إلى المدارس".

وحذّر القرشي من انهيار العملية التعليمية، مطالباً "بمعالجة الأسباب الجوهرية والمباشرة قبل أن يشهد اليمن مستقبلاً أكثر كارثية مما هو عليه اليوم في المجال التعليمي، فملايين الأطفال خارج أسوار المدارس سينخرطون في الصراعات، وسيتعرضون للاستغلال، وعمالة الأطفال وممارسات أخرى مدمرة إن لم يتم إعادتهم إلى الدراسة".

وأشار القرشي إلى أن "الذين فقدوا حقهم في التعليم "سيكونون فرائس سهلة لاستقطابهم من قبل جماعات العنف والإرهاب والجريمة المنظمة، وسيرهقون الدولة لكونهم عالة عليها في المستقبل القريب".

رئيس منظمة سياج للطفولة أكد أن "المعالجات المؤقتة كحملات التوعية، وتوفير حقيبة مدرسية، ليست كافية، وغالبيتها عبارة عن مشاريع وهمية أو مُبالغ فيها، بهدف نهب المساعدات الإنسانية، بينما نتائج تلك المعالجات بعيدة كل البعد عن ملامسة جوهر المشكلة وحلها بشكل مناسب".

وبحسب القرشي فإن "انهيار التعليم في اليمن لا يهدد البلد وحده، بل سيمتد تهديد الأمية والجهل إلى دول الإقليم والمصالح الدولية في المنطقة".

ويشير تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، إلى أن عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس وصل إلى مليوني طفل، وثلاثة أرباع معلمي المدارس الحكومية لم يتلقوا رواتبهم منذ أكثر من عام، ما يهدد بشكل خطير تعليم 4.5 مليون طفل يمني.

وأشارت ميريتشل ريلانيو، ممثلة يونيسف في اليمن إلى أن "جيلاً كاملاً من الأطفال في اليمن يواجهون مستقبلاً مظلماً بسبب محدودية خدمات التعليم أو عدم توافرها، وحتى الملتحقون بالمدارس لا يحصلون على التعليم الجيد الذي يحتاجونه".

- قنبلة موقوتة

الأكاديمي طاهر البعداني تحدث عن أن "ما يحدث في المجال التعليمي يؤسس لمرحلة سوداء مقبلة ستكون قنبلة موقوتة لها تأثيرها على مختلف مناحي الحياة في اليمن".

واعتبر أن "ما خلّفته الحرب في اليمن حتى الآن يعد جريمة تجاه الجيل الحالي الذي يُحرم من حقه في التعليم؛ سواء بالتوقف أو التوقيف والانقطاع، أو الخروج عن الأهداف المرسومة، وتسميم عقول الطلاب بما لا يفيد مستقبلهم، بل ينعكس سلباً على البلد بشكل كامل، ويشكل إرهاقاً وإعاقة لأي عملية بناء أو تطوير مستقبلية".

واتهم البعداني "الأطراف المتحاربة في اليمن بعدم تحييد المؤسسات التعليمية عن الصراع، والتخلي عن المسؤولية تجاه المُقْدمين على التعليم، ومن ثم لا تدور العملية التعليمية على كامل عجلاتها، وإن كانت مستمرة في الشكل فهي متوقفة في المضمون، وما يجري الآن هو عبارة عن تلقين روتيني، وبحث عن شهادة، دون مراعاة لأي معايير في جودة التعليم وأهمية مخرجاته".

ويشير إلى أن "معظم المدارس التي تستمر في التعليم يشكو الطلاب فيها من غياب متكرر للمعلمين، وتقليص ساعات الدراسة، وضغط العام الدراسي، دون مراعاة استيعاب الطلاب للمناهج".

وأضاف: "في أي مكان بالعالم يتضرر التعليم من جراء الحروب، لكن في اليمن كانت ثلاث سنوات من الحرب، واستهداف المدارس والطلاب، وإيقاف مرتبات المعلمين، كفيلة بإعادة التعليم إلى الوراء لسنوات لن يكون من السهل تعويضها سريعاً، والاستمرار في عدم الاهتمام بالتعليم سينتج جيلاً لا يتقن سوى القتل والعنف والكراهية والتعامل مع السلاح".

تجدر الإشارة إلى أنه لا بدائل أمام ملايين الطلاب عن التعليم الحكومي، رغم رداءته، حيث يصعب عليهم الالتحاق بالمدارس الخاصة لارتفاع الرسوم المالية فيها، وانعدام القدرة عند أولياء الأمور على إلحاق أبنائهم بالتعليم الخاص، وذلك ما يزيد من المخاوف المتعلقة بالانهيار الكامل للعملية التعليمية وتأثيرها على مستقبل البلاد.

ويشهد اليمن، منذ ثلاثة أعوام، حرباً عنيفة بين القوات الحكومية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، المسنودة بقوات التحالف العربي بقيادة السعودية، من جهة، ومسلحي جماعة الحوثي من جهة أخرى.

وفشلت كل المفاوضات ومحاولات التوصل إلى وقف لإطلاق النار منذ سيطرة مليشيات الحوثيين، المدعومين من إيران، على العاصمة صنعاء، في سبتمبر 2014، وتدخُّل تحالف عسكري بقيادة السعودية بالنزاع في مارس 2015، لدعم حكومة هادي.

وقُتل في الحرب اليمنية، منذ التدخل السعودي، أكثر من 9200 يمني، في حين أصيب أكثر من 53 ألف شخص، بحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية.

وبحسب الأمم المتحدة، يشهد اليمن "أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، كما يواجه خطر المجاعة.